واشنطن، لندن، برلين - أ ف ب، أ ب - اكد مسؤولون عسكريون اميركيون ان الولاياتالمتحدة لم تتخذ اي خطوات لحشد قوات في الخليج تمهيدا لمهاجمة العراق، على رغم التصعيد الخطابي ضد بغداد، لكن واشنطن التي ازعجها رفض المستشار غيرهارد شرودر القاطع مشاركة بلاده في اي هجوم محتمل، طلبت من سفيرها في برلين الاستفسار عن حقيقة الموقف الالماني. وقال المسؤولون العسكريون ان حجم القوات الاميركية في المنطقة بقي بحدود 55 الف جندي بين بحارة وجنود من سلاح الجو ومشاة البحرية، موضحين ان هذا العدد اقل بقليل من الذروة التي بلغها في اوج الحرب في افغانستان. واكد مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية طلب عدم كشف هويته انه لم تطرأ تغييرات كبرى على وضع القوات الاميركية في المنطقة. ورأى ان ذلك "يعني انه ليست هناك خطة وان الرئيس جورج بوش صادق عندما يقول انه ليس هناك قرار" لاجتياح العراق. لكنه اضاف ان الولاياتالمتحدة ارسلت الى المنطقة في السنوات الاخيرة عتادا يكفي لتجهيز فرقة على الاقل بعد انذار قصير. كما تم توسيع القواعد الجوية الاميركية في قطروالكويت لاستقبال قوات اميركية بسرعة في حال نشوب ازمة. وقال مسؤول سابق في البنتاغون طالبا عدم الكشف عن اسمه: "لقد بذلت القيادة المركزية سنتكوم جهودا من اجل ايجاد طريقة للتحرك سريعا بدلا من القيام بحشود كبيرة". وستكون القيادة المركزية التي تتخذ من فلوريدا مقرا لها مسؤولة عن اي هجوم اميركي ضد العراق. واضاف ان "الفكرة كانت امتلاك القدرة على التحرك بالامور الموجودة هناك وليس الاضطرار للانتظار الى حين وصول التجهيزات من الولاياتالمتحدة للتمكن من التحرك". لكنه حذر من ان نقل الجنود استعدادا لاجتياح مفاجىء حتى بقوة محدودة تضم ما بين 50 الى 80 الفا ستجهد الجيش الاميركي. والتعزيز الاكبر للقدرات الاميركية في المنطقة كان في قاعدة "العديد" الجوية في قطر التي بنيت في منتصف التسعينات في الصحراء جنوب غربي الدوحة. ويتم حاليا بناء مركز قيادة واتصالات يمكن ان يستخدم في شن حرب جوية. واظهرت صور للقاعدة التقطت من الاقمار الاصطناعية ونشرت على موقع غلوبال سيكيوريتي، وهي مجموعة ابحاث تتخذ من واشنطن مقرا لها، انه منذ كانون الثاني يناير اضيفت على القاعدة مساحة هبوط تغطي 7.2 هكتارات ومركز قيادة. ومع مدرج يبلغ طوله 4100 متر، وهو بين الاكبر في المنطقة، توفر القاعدة مركزا آمنا لاستقبال ما يصل الى 175 طائرة وما بين 10 و15 الف شخص. وتم تصميم مرآبين عملاقين مموهين بألوان الصحراء لايواء المقاتلات. وقال مدير "غلوبال سيكيوريتي" جون بايك: "يبدو لنا، مع هذين المرآبين، انه يمكن نشر سرب قتالي كامل" او حوالى 72 طائرة. وبدأت القوات الاميركية استخدام قاعدة "العديد" بعد الهجمات الارهابية على اهداف اميركية في 11 ايلول سبتمبر. وحالياً تستخدم في تزويد طائرات "كي سي 10" و "كي سي 135" بالوقود وكذلك طائرات النقل "سي 17". ويقول مسؤولون دفاعيون اميركيون ان حوالى 3500 جندي منتشرون حاليا هناك. ومنذ 1998، قامت الكويت ايضا بتحسين قاعدتي الجابر وعلي السالم حيث قامت بتوسيع المدرجات للمقاتلات الاميركية والبريطانية التي تتولى مراقبة مناطق الحظر الجوي فوق العراق. في هذه الاثناء، ابدى عدد من قادة الحزب الجمهوري تحفظات عن احتمال تدخل عسكري لاطاحة صدام حسين، داعين الرئيس بوش الى توضيح الخطر الذي يمثله العراق وانعكاسات الهجوم عليه على العالم والولاياتالمتحدة. وتساءل برلمانيون بارزون بينهم تشاك هاغل ودِك آرمي ومسؤولون سابقون مثل برينت سكوكروفت وهنري كيسنجر عن مدى اهمية حصول هجوم، مطالبين بتوضيحات مسبقة. تحفظات جمهورية ومن بين الاسئلة التي طرحها هؤلاء الجمهوريون: ما هو التهديد الحقيقي الذي يمثله البرنامج العسكري العراقي؟ وما هي العلاقات التي تربط بين بغداد وارهابيي الحادي عشر من ايلول؟ وما هي المخاطر على استقرار الشرق الاوسط؟ وهل الولاياتالمتحدة مستعدة لاعادة اعمار العراق بعد صدام؟ ومن هم الحلفاء المستعدون لتأييدنا؟ وهل الرأي العام مستعد لقبول خسائر اميركية جسيمة؟ وقال سكوكروفت في افتتاحية نشرتها "وول ستريت جورنال" واثارت ضجة كبيرة "لا تهاجموا العراق" الآن "لان ذلك سيجعل الحملة العالمية على الارهاب التي بدأناها في خطر حقيقي". يذكر ان سكوكروفت مستشار الامن القومي للرئيسين السابقين جيرالد فورد وجورج بوش الاب، خبير تلقى آراؤه في المسائل المتعلقة بالاستخبارات، قبولا. وقال ان لا شيء يثبت ان صدام حسين يريد مهاجمة الولاياتالمتحدة وان كان يشكل بعض التهديد، مؤكدا ان تدخلا من جانب الولاياتالمتحدة وحدها يمكن ان يزعزع استقرار الشرق الاوسط بأسره. وكان سكوكروفت الذي اكد انه يفضل توجيه انذار الى بغداد من اجل الموافقة على عمليات التفتيش على الاسلحة من دون شروط، اثار غضب اليمين بتذكيره اخيراً انه لم يثبت وجود اي علاقة بين النظام البعثي وشبكة "القاعدة" التي تقف وراء الاعتداءات. وينتمي سكوكروفت الى الجناح المعتدل في الحزب الجمهوري الذي اعتبر ان حرب الخليج في 1991 كانت تهدف الى اخراج العراقيين من الكويت وليس اسقاط النظام العراقي. وكان وزير الخارجية الاسبق هنري كيسنجر رأى خلال الاسبوع الحالي ان "التدخل العسكري يجب الا يتم الا اذا قررنا ان نبقي على جهد مستمر طالما سيكون ذلك ضروريا" من اجل اعادة اعمار العراق والمحافظة على استقراره ووحدته. لكن كيسنجر رأى "انتشاراً وشيكاً لاسلحة للدمار الشامل مع ما ينطوي عليه من مخاطر كبيرة، ورفض نظام تفتيش قابل للاستمرار والعدوانية الواضحة لصدام حسين، تشكل مجتمعة عناصر تؤكد ضرورة عمل وقائي". ورأى السناتور الجمهوري تشاك هاغل ان الادارة الاميركية لم تثبت ضرورة الخوض في هذا النزاع الذي تبدو نتائجه غير واضحة. واكد ان وكالة الاستخبارات المركزية سي آي ايه "لا تملك اي دليل" على ان العراق على وشك الحصول على سلاح نووي. من جهته، عبر زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس النواب دٍك آرمي علنا عن معارضته لشن حرب "ما لم يكن هناك استفزاز مسبق من قبل العراق". ضغوط اميركية وفي لندن، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مسؤول اميركي كبير ان الولاياتالمتحدة تريد ان تضغط من اجل الحصول على عودة مفتشي الاسلحة الى العراق. واوضح المسؤول للصحيفة ان هذا التكتيك يشكل طريقة للبرهنة على ان الرئيس العراقي صدام حسين عقبة امام ازالة اسلحة الدمار الشامل وبالتالي يجب التخلص منه. وقال "نضغط للحصول على عودة المفتشين من دون اي عراقيل حتى يرى الناس انه صدام حسين لن يسمح بحصول ذلك ابداً". واضاف: "لا احتاج الى ما يقنعني بذلك اكثر لكن الآخرين يحتاجون الى ذلك على ما يبدو". وقالت الصحيفة ان النشاط الديبلوماسي الاميركي الجديد يدل على اعتراف بالحاجة الى اقناع الدول الاخرى وصانعي القرار الاميركي بضرورة اسقاط صدام حسين. وفي هذا الاطار، طلبت الحكومة الاميركية من سفيرها في برلين الاستفسار من المسؤولين الالمان عن موقفهم من العراق بعد تصريحات المستشار غيرهارد شرودر التي عارض فيها بقوة مشاركة بلاده في اي هجوم اميركي محتمل على العراق. وقال مسؤول حكومي الماني ان السفير الاميركي دان كواتس اجرى محادثات هذا الاسبوع مع مسؤولين كبارا في مكتب شرودر "اوضحوا" موقف بلادهم. واكد مسؤول في السفارة حصول اللقاء. ومع انه لم يرشح شيء عن مضمون اللقاء الا انه من الواضح ان تصريحات شرودر عن احتمال انفراط الحلف العالمي ضد الارهاب في حال مهاجمة العراق ازعجت الحكومة الاميركية.