في خطوة أخرى نحو عودة الدفء إلى العلاقات بين الولاياتالمتحدةوألمانيا التي تأثرت بالخلافات بشأن حرب العراق يستقبل الرئيس الامريكي جورج بوش المستشار الالماني جيرهارد شرودر في البيت الابيض يوم غد الجمعة. وقال جاري سميث رئيس الاكاديمية الامريكية في برلين وهي مؤسسة أبحاث بارزة ومركز للاتصالات بين ألمانيا والولابات المتحدة "تشير الزيارة إلى عودتهما لممارسة دور رجل الدولة"، بينما قال السفير الامريكي لدى ألمانيا دانييل كوتس في مقابلة مع محطة (بايريشر راندفنك) الاذاعية "يجب ألا ننظر في مرآة الماضي.. ما حدث قد حدث". وتبنى سميث موقفا أكثر حذرا بقوله "أعتقد أن الواضح أن الطريق إلى عودة العلاقات السياسية إلى قوتها بين الولاياتالمتحدةوألمانيا سيكون طويلا". ورغم ذلك تغيرت لهجة واشنطن بصورة ملحوظة في الشهور الماضية في أعقاب اعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين مما أنهى أحد فصول الصراع العراقي في الوقت الذي تكافح فيه الولاياتالمتحدة وقوات التحالف لوقف العنف هناك بينما تمضي بغداد نحو تحول ديمقراطي. وكان شرودر قد تعهد بعدم إرسال قوات إلى العراق وأكد السفير كوتس أن بوش لن يطلب إرسال جنود، وردا على ذلك قال كوتس: تقول الحكومة الالمانية إنها لن ترسل قوات إلى العراق ونحن نقبل ذلك فلا حاجة لوجود قوات ألمانية هناك، مضيفا ان ما تسعى إليه واشنطن هو الحصول على تأييد برلين لعملية تدويل العراق. ورحب كوتس بقوة بنقطتين يتوقع أن تكون لهما الاولوية في جدول أعمال اللقاء بين شرودر وبوش خلال المباحثات في البيت الابيض، فأولاهما هي أن تتعهد ألمانيا بعدم الاعتراض على خطوات مشاركة حلف شمال الاطلسي في العراق كما هو الحال حاليا في أفغانستان، وثانيهما الاتفاق على أن يكون رد الفعل الالماني إيجابيا تجاه مبادرة بوش المتعلقة بالاصلاحات في الشرق الاوسط والتي يتوقع أن تكون لها الاولوية في جدول أعمال قمة حلف الاطلسي ومجموعة الثماني في حزيران/يونيو القادم. ويقول مسئولون انه ليس من المفاجئ أن يركز شرودر وبوش على الشرق الاوسط، كما من المتوقع أن يؤكد الزعيم الالماني وجهة النظر الاوروبية بأن التقدم في المنطقة يتوقف على حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. ورغم استبعاد احتمال إرسال قوات ألمانية إلى العراق فقد سعت برلين إلى تحسين العلاقات مع بوش بوضع برنامج تدريبي للشرطة العراقية وإلغاء الديون العراقية ووضع خطط لوضع طائرة لاخلاء الجرحى في بغداد لنقل الجنود الامريكيين المصابين إلى المستشفيات العسكرية الامريكية في ألمانيا. وبعيدا عن الشئون الدولية فان لدى بوش وشرودر جدول أعمال محليا يدفع للامام التقارب بينهما وذلك حسبما قال جاري سميث من الاكاديمية الامريكية الذي أكد أن الرجلين يعانيان من تراجع شعبيتهما في إستطلاعات الرأي، فقد تعرض بوش لاتهامات من منافسه المحتمل في انتخابات الرئاسة التي ستجرى في تشرين الثاني/نوفمبر جون كيري بإفساد العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين أثناء الحشد لغزو العراق، ويواجه شرودر صراعا مع الجناح اليساري في حزبه الديمقراطى الاشتراكي بشأن الاصلاحات الاقتصادية. وتقول مجلة دير شبيجل إن شرودر يرى في السياسة الخارجية أفضل سبيل للفوز بمكان في كتب التاريخ. ورغم الابتسامات الكثيرة المتوقعة أمام عدسات المصورين إلا أن أحدا لا يتوقع أن يصبح بوش وشرودر صديقين سياسيين. من جهتها أستبعدت صحيفة برلينر تسايتونج أيضا فكرة حدوث أي تقارب على المستوى الشخصي بين الزعيمين بالاشارة إلى أن حفل الغداء في البيت الابيض يأتي في مرتبة أقل في مستوى ضيافة بوش من منتجع الرئاسة في كامب ديفيد ومزرعة الاسرة في كروفورد بولاية تكساس. وسيلتقي شرودر مع بوش خلال زيارة للولايات المتحدة تستغرق يومين يتوقف فيها بمدينتي شيكاجو وجاكسون بولاية مسيسيبي. ويبدأ المستشار زيارته لشيكاجو في 26 شباط/فبراير حيث سيلقي كلمة أمام مجلس شيكاجو للعلاقات الخارجية. وعقب لقائه مع بوش يوم 27 شباط/فبراير سيتوجه شرودر إلى جاكسون لافتتاح معرض فني من مدينة درسدن بشرق ألمانيا. ويقول سميث إن التركيز على العلاقات الاقتصادية والثقافية ليس صدفة، فرغم مرور العلاقات السياسية الالمانية الامريكية بمرحلة صعبة إلا أن العلاقات الاقتصادية والثقافية ظلت قوية جدا. وكانت العلاقات السياسية الامريكية الالمانية قد شهدت أسوأ أزمة لها منذ عام 1945 بعد أن قاد شرودر المعارضة لشن حرب على العراق العام الماضي وأثار غضب بوش بعد أن استغل هذا الموضوع لمساعدته في إعادة انتخابه لفترة ولاية جديدة. وتوالت الاهانات بين ضفتي المحيط الاطلسى حيث وصف المسئولون الامريكيون العلاقات مع ألمانيا بأنها "تسممت" ونصحوا بتجاهل ألمانيا. كما لم يساعد السياسيون الالمان في تحسين الموقف حيث شبهت وزيرة ألمانية بوش بالزعيم النازي هتلر ووصف أحد الاعضاء البارزين في حزب شرودر الرئيس الامريكي بأنه إمبراطور روماني في العصر الحديث. ورفض بوش الحديث مع شرودر لما يقرب من عام ولم تبدأ الثلوج في الذوبان إلا خلال قمة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى التي عقدت في حزيران/يونيو عام 2003 في إيفيان بفرنسا حيث تصافح الزعيمان. وأعقب ذلك إجراء مباحثات بينهما في نيويورك في أيلول/سبتمبر الماضي. المستشار الالماني شرودر