عرضت موسكو انضمام جمهورية بيلاروسيا إلى الفيديرالية الروسية في اقتراح قدمه الرئىس الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة الروسية - البيلاروسية مخيبًا آمال مينسك. ووصف مراقبون الاقتراح بأنه يضيق الخيارات أمام الرئىس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو ويصب في خانة الضغوط الغربية الممارسة عليه. وانتهت القمة الروسية - البيلاروسية التي عقدت في الكرملين مساء أول من أمس بمفاجأة. وبعد اجتماع امتد حوالى ثلاثة أضعاف الفترة المقررة عقد الرئىسان الروسي فلاديمير بوتين والبيلاروسي الكسندر لوكاشينكو مؤتمرًا صحافيًا ذكر فيه لوكاشينكو أن الجانبين ناقشا "سيناريوات عدة للمضي في مشروع الاتحاد"، غير أنه أشار إلى أن الجانبين اتفقا على عدم الكشف حاليًا عن الامكانات المطروحة. لكن بوتين فاجأ ضيفه بكشف مضمون المحادثات وقال إن الوقت حان للحديث عن "خطوات ملموسة من أجل تأسيس دولة واحدة بكل معاني هذه الكلمة". واقترح بوتين إجراء استفتاء عام في البلدين خلال السنة المقبلة عن "التوحد في إطار دولة تضمن لجميع مواطنيها المساواة في الحقوق والواجبات". وعرض بوتين إجراء انتخابات لاختيار برلمان واحد في نهاية العام المقبل، وانتخابات في ربيع 2004 لاختيار رئىس الدولة الواحدة التي أوضح بوتين أن مؤسسات السلطة فيها ستخضع للدستور والقوانين الروسية. وأثارت مقترحات بوتين جدلاً واسعًا في الاوساط السياسية وشكلت صدمة لمينسك التي رفضت جميع التيارات فيها بما في ذلك المعارضة البيلاروسية الاقتراح الروسي. وعقد لوكاشينكو فور عودته إلى بلاده مؤتمرًا صحافيًا أكد فيه أن بيلاروسيا متمسكة بالمعاهدة الاتحادية بين البلدين "التي تضمن احترام استقلال ومصالح كل دولة ضمن الاتحاد المرتقب". وفي مينسك ذكر رئىس مجلس السوفيات البرلمان السابق ستانيسلاف شوشكيفيتش أن عرض بوتين يعني أن موسكو "تريد عمليًا ابتلاع بيلاروسيا". وقال إن لا أحد في روسيا البيضاء يوافق على أن تتحول بلاده إلى "الاقليم الفيديرالي الروسي التسعين". وقال نيكولاي ستاتكيفيتش من جهته وهو أحد أقطاب المعارضة البيلاروسية أن بوتين "نسف إمكانات الحديث عن تكامل بين دولتين"، وذكر أن لوكاشينكو سيعاني منذ الآن من "عزلة كاملة" ليس فقط من جهة الغرب الذي يواصل ضغوطه على مينسك ولكن من جهة الشرق أيضًا. ويوافق مراقبون في موسكو على أن مقترحات بوتين تضع لوكاشينكو الذي كان صاحب مبادرة الاتحاد أمام خيارات صعبة. وذكر رئىس صندوق "السياسة" للدراسات الاستراتيجية ميتشسلاف نيكونوف أن أمام لوكاشينكو حاليًا "خيارين أحلاهما مر" هما نمو تيار لا يستطيع الظهور بمظهر المعارض لفكرة الوحدة مع روسيا خصوصًا أنه عمل شخصيًا طوال سنوات لتحقيق هذه الفكرة، أو الذهاب إلى حد التفريط باستقلال بلاده ما سيكون بمثابة "انتحار سياسي". غير أن نيكونوف لم يستبعد أن تجبر الاوضاع السياسية والاقتصادية القاسية في بيلاروسيا الرئىس لوكاشينكو على تقديم تنازلات مؤلمة.