عشية وصول الرئيس بشار الأسد الى مينسك، اعتبر رئيس بيلاروسيا (روسياالبيضاء) الكسندر لوكاشينكو سورية «الشريك الأساسي» لبلاده في منطقة الشرق الأوسط، مشدداً على ضرورة «التعاون في كل المجالات» بين البلدين. ومن المقرر ان يبدأ الأسد اليوم «زيارة رسمية» لمينسك لإجراء محادثات مع لوكاشينكو ازاء العلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط وأوروبا. ويرافق الأسد وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان ووزراء شؤون الرئاسة منصور عزام والاقتصاد لمياء العاصي والصناعة فؤاد الجوني ومعاون وزير الخارجية عبد الفتاح عمورة، اضافة الى نائب رئيس هيئة الأركان العماد منير ادانوف. وبحسب المعلومات المتوافرة ل «الحياة»، فإن برنامج الزيارة يتضمن مراسم استقبال رسمية وجلسة محادثات مع لوكاشينكو وعقد مؤتمر صحافي، اضافة الى توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات تفاهم وبرتوكولات تعاون بين البلدين تتعلق بالتعاون في مجالات الاتصالات والمعلوماتية والتعليم العالي والطاقة والزراعة والإسكان. كما يلتقي الأسد كلاً من رئيسي مجلسي النواب فلاديمير أندريتشينكو والوزراء سيرغي سيدورسكي للبحث في تعزيز العلاقات الثنائية، على ان ينتهي اليوم الأول من الزيارة بعشاء يقيمه لوكاشينكو على شرف الأسد. وهذه الزيارة الأولى للرئيس السوري لمينسك، فيما كان لوكاشينكو زار دمشق مرتين، الأولى عام 1998 والثانية في نهاية عام 2003. ونقلت «الوكالة السورية للأنباء» (سانا) عن رئيس بيلاروسيا قوله امس ان بلاده تعول كثيراً على «الزيارة التاريخية» للأسد، معرباً عن الأمل ب «المضي في ديناميكية تطوير العلاقات الثنائية» ذلك ان «التعاون السياسي مع سورية يتميز بالمستوى العالي من التفاهم والثقة». وجدد دعم بلاده تحقيق السلام الشامل في الشرق الأوسط على اساس تنفيذ قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة ومبدأ «الأرض في مقابل السلام» وانسحاب إسرائيل من الجولان السوري المحتل. وفيما دعا رئيس بيلاروسيا الى «عالم متعددة الأقطاب»، نقلت «سانا» عن وزير خارجيته سيرغي مارتينوف قوله ان «ما يجمع بين سورية وبيلاروسيا هو الآراء المشتركة وعدم تقبل الضغوط الخارجية والسعي المشترك الى سلوك طريق مستقل»، مبدياً تأييد بلاده «المبادرة المتعلقة بتحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من السلاح النووي». وعلى الصعيد الثنائي، نقلت صحيفة «الوطن» الخاصة عن لوكاشينكو اشارته الى «بروز ديناميكية في العلاقات التجارية الاقتصادية بين البلدين في السنتين الأخيرتين»، لافتاً الى ان الأسد كان «دقيقاً جداً في تنفيذ ما تم التوصل إليه من اتفاقات»، اضافة الى حصول «اتصالات ناشطة على المستوى الثنائي». وقال ان قيمة التبادل التجاري بين البلدين البالغة نحو 85 مليون دولار «لا تتناسب مع الإمكانات الاقتصادية للبلدين». ويتضمن برنامج اليوم الثاني زيارة لمصنع وصرح علمي بالتزامن مع انعقاد منتدى لرجال الأعمال المشترك بحضور اكثر من مئة رجل اعمال وممثلي كبريات الشركات في البلدين. وأعرب لوكاشينكو عن الاهتمام باقتراح سورية تنفيذ مشروع عقدة سكك حديدية تربط أوروبا الشرقية والغربية مع الشرق الأوسط وبمشاركة سورية وبيلاروسيا، مؤكداً اهتمام مينسك ب «المشاركة في مشاريع الطاقة الإقليمية التي تنفذ في سورية». وكان الرئيس الأسد طرح خلال زياراته في الفترة الأخيرة «رؤية استراتيجية» تقوم على تحويل سورية الى عقدة لربط خطوط النفط والغاز والنقل والطاقة بين البحور الخمسة: الأبيض المتوسط، والأحمر، وقزوين، والأسود والخليج العربي. كما شدد خلال جولته في اميركا الجنوبية نهاية الشهر الماضي على ربط الشرق الأوسط بالقارة الأميركية. ولاحظ مسؤولون في مينسك تشابهاً بين الدور الاقتصادي لكل من سورية وبيلاروسيا في مجالات الترانزيت وخطوط الغاز والنفط والطرق. وشدد لوكاشينكو على ضرورة «تحسين الطرق التجارية بما يساهم في خفض تكلفة نقل البضائع فضلاً عن تحسين القوانين التجارية بهدف تأمين حجم كبير من الامتيازات والتفضيلات التجارية المتبادلة وبعض مسائل الأنظمة الجمركية»، قبل ان يلاحظ «تشابه مهمات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإصلاحات الاقتصادية بين البلدين». وقال الوزير مارتينوف ان عدداً من الاتفاقات سيوقع على هامش زيارة الأسد ل «تنظيم اتجاهات التعاون، خصوصاً في المجال التجاري والاقتصادي بين البلدين»، اضافة الى اعداد مجموعة من المشاريع في مجال صناعة الآليات إذ ستتم إقامة صناعة تركيبية بالتكنولوجيا البيلاروسية للباصات والشاحنات في سورية التي يمكن تصديرها إلى دول المنطقة. وكان البلدان وقعا خلال انعقاد الدورة الخامسة للجنة المشتركة في دمشق نهاية العام الماضي على وثيقة تتضمن مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية وخطط تعاون في المجالات السياحية والرياضية والفنية والتعليم العالي والتربية ورجال الأعمال وقطاعات الزراعة والصناعة والبيئة والنقل والإسكان والإدارة المحلية. وبالمعنى الأوسع، يتوقع ان يؤكد الجانبان خلال المحادثات على ضرورة السير قدماً في اقامة منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الجمركي الذي يضم روسيا وبيلا روسيا وكازاخستان (احتمال انضمام قرقيزيا وتوركمانستان اليه) ومن المقرر ان يتحول الى «سوق اقتصادية مشتركة» قريباً، علماً ان اجتماعات فنية عقدت لهذا الغرض وكان هذا بين المواضيع التي بحثت خلال زيارتها موسكو قبل زيارة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف دمشق في ايار (مايو) الماضي. وكانت الأرجنتين وافقت بدعم من البرازيل، على توقيع سورية اتفاق تجارة حرة مع تكتل «ميركوسور» الذي يضم هاتين الدولتين ودولاً أخرى في اميركا الجنوبية.