أصدر الفنان اللبناني محمد شبارو مجموعة من نكات "أبو العبد البيروتي" باللغتين العربية والانكليزية، وشبارو المعروف في اطار مسرح القوالين "الشانسونيه" احتكر بعد انفصاله عن رفيقه وسيم طباره شخصية "ابو العبد" لنفسه وعرف كيف يسوق لها، بعد ان سجلها في نقابة الفنانين وأمن لها الزي المعروف: القمباز والطربوش الأحمر والعصا. لكن شخصية "ابو العبد" في مضمونها الشعبي تجاوزت الواقع الى المتخيل وباتت من الكلاسيكيات، في مثل ما هي شخصية "الحمصي" من الكلاسيكيات في الوسط الشعبي السوري، والمفارقة في الشخصيتين ان الحمصي اشتهر بذكائه، لكن هذه الميزة انقلبت رأساً على عقب. وما عاد في مقدور احد ان يغير الصورة. فالنكتة في صيغتها الحمصية تكون على الوجه الآتي: "لماذا الحمصي يفعل كذا؟"، ويكون الجواب في المجمل، صورة سلبية للحمصي، الهدف منها الاضحاك لا غير. "ابو العبد" ايضاً انقلبت اسطورته رأساً على عقب في التداول الشعبي، فصار محط سخرية. اشتهر بأنه قبضاي الاحياء في بيروت الستينات، لكنه صار مادة اولية لتوليد الطرائف التي تروى عنه وتركز على شذوذه اولاً، ثم على رجولته المشكوك فيها وعلى سذاجته. ويظهر "ابو العبد" ضعيفاً وتسقط عليه جميع حالات انعدام الرجولة، مع ام العبد وابنه عبد. وهذا الاخير السبب في معظم مشكلات والده لأنه يتلصص عليه ويعرف كل اسراره وخباياه ولا يدعه يأخذ راحته ودعته مع زوجته "ام العبد" التي تطلب الكثير من زوجها ولا تفوز الا بالقليل، الى جانب "ابو العبد" تظهر شخصية صديقه ابو ستيف او ابو صطيف الذي يعينه في اوقات المحن ويحل محله في امور كثيرة، من شأنها ان تعيد الاعتبار للقبضاي "ابو العبد". الحمصي الذكي تحول غبياً، و"أبو العبد" القبضاي اصبح معدوم الرجولة، والاثنان ركيزتان للطرائف الشعبية. الحمصي يبدو اكثر غفلة ولا نعرف ملامحه، لكن ابو العبد له هيئة وشكل. والواقع ان الحمصي وأبو العبد الشخصيتان الاكثر شهرة والأوسع انتشاراً بين فئات الشعب اللبناني، والنكات حولهما تصل بسرعة الى كل القطاعات والمناطق، فإذا كانت نكات الحمصي وطرائفه تذهب الى اختيار الذكاء المنتهي الى غباء فطرائف ابي العبد تخدش الحياء وهي متداولة وتُروى في الحفلات العامة وتضحك النساء قبل الرجال. "أبو العبد" والحمصي شخصيتان تنضمان الى الاساطير مثل "اسطورة جحا" التراثية، والتي لا نعلم ما اذا بقيت سائدة في الزمن الراهن، بعكس شخصية اسطورة الشاعر ابو نواس الذائع الصيت من خلال اشعاره اولاً ثم فكاهياته الذكية. ومن الملاحظ ان غالبية الطرائف من "ابو العبد" الى ابي نواس تصب في "التابو" في كل جوانبه، حتى ان الكاتب السوري بو علي ياسين في كتابه "بين الجد والهزل" المخصص للفكاهة، اضطر الى حذف فصل منه لأنه يتضمن ألفاظاً جنسية تخدش الحياء. وعلى هذا يبدو ان الطرائف، هي الرأي العام الشعبي المستور والمتداول شفوياً.