على رغم ان حلم السنغاليين بالفوز على فرنسا في "مونديال العجائب" قد تحقق فعلاً، بيد ان كثيرين لا يزالون غير مصدّقين ما حدث أول من أمس على ملعب "كأس العالم" في سيول امام نحو 63 ألف متفرج في افتتاح نهائيات كأس العالم السابعة عشرة لكرة القدم التي تستمر الى 30 الجاري في كوريا الجنوبيةواليابان معاً. فالحلم يبقى في الغالب حلماً، أما ان يتحقق وبهذه الطريقة فأقل ما يمكننا ان نقول عنه إنه معجزة حدثت في زمن ندرت المعجزات! المدرب الفرنسي برونو ميتسو صاحب اليد العليا في تحقيق هذا الانجاز التاريخي الكبير لا يزال يعتقد انه لا يزال يحلم. "لقد كنا محظوظين في المباراة أمام فرنسا، لكن يجب الا ننسى اننا قدمنا عرضاً قوياً وحققنا فوزاً سيتذكره التاريخ الكروي عبر كل عصوره. الفرنسيون قدموا مباراة جيدة جداً، ووصلوا الى مرمانا كثيراً لكنهم افتقروا الى اللمسة الاخيرة التي يمكن ان تترجم الفرص التي لاحت أمامهم الى اهداف. والمهم أنهم عندما وجدوا هذه اللمسة اصطدموا بجدار دفاعي صلد ومنظم وحارس متمكن، فانتهت المباراة في مصلحتنا". لكن ماذا عما هو مقبل، قال ميتسو: "الانتصار كبير جداً، لكن يجب الا تنسينا فرحتنا أنه لا تزال أمامنا مباراتان مهمتان أمام أوروغواي والدنمارك لتحقيق الانجاز الحقيقي المتمثل في الصعود الى الدور الثاني، لأن ذلك سيعطي دفعة حقيقية للكرة السنغالية عبر السنوات المقبلة". المقارنة بين هدف الفوز الذي أحرزه السنغالي بابا بابو ديوب في مرمى فرنسا أول من امس، وبين الهدف الذي احرزه الكاميروني أومام بيك وفازت به بلاده على الارجنتين قبل 12 عاماً في ايطاليا لا تنقطع. وبثت القنوات الفضائية والأرضية في كل انحاء الدنيا الواحد تلو الآخر عشرات المرات، ولا يزال يبث هنا في سيول على الشاشات العملاقة المنتشرة في الميادين الكبرى وحول الملعب الذي لم تغادره الجماهير السنغالية الا بعدما تركه لاعبوهم. ثم عمت الفرحة "السمراء" شوارع سيول، وانضم اليهم عدد كبير من الكوريين الفرحين جداً بهذا الافتتاح الرائع والبداية المدهشة... بحسب قول كثيرين من شباب هذا البلد الطيب. البداية فعلاً كانت مدهشة وجعلت كل المنتخبات الاخرى تفكر في ما يمكن ان تحققه أو تتعرّض له. فالآمال زادت جداً عندما يقال عنهم "صغار المونديال"، وحدّة القلق ارتفعت جداً عند كباره تخوفاً من ان يلقوا المصير الفرنسي ذاته! على أي حال، انها مباراة ومرت على المنتخبين، ولا تعني نتيجتها ابداً ان السنغال ضمنت الصعود الى الدور الثاني أو ان فرنسا، حاملة اللقب وبطلة أوروبا والقارات صارت خارج البطولة. معارك اليوم وإذا كانت الاجواء الاحتفالية السنغالية لا تزال تسيطر على الاجواء، فماذا عن مباريات اليوم التي ستشهد أول "صراعين" في المجموعة الحديد حين تلتقي انكلترا مع السويد في سايتاما، والارجنتين مع نيجيريا في اباركي ضمن المجموعة السادسة المقامة في اليابان... ولقاءين آخرين في المجموعة الثانية يجمعان بارغواي مع جنوب افريقيا في بوسان، واسبانيا مع سلوفينيا في كوانغ جو في كوريا الجنوبية. الأجواء "مكهربة" جداً، خصوصاً في المجموعة السادسة لأن النقاط فيها تساوي قنطاراً من الذهب، ومن يفقد واحدة فيها سيضطر لأن يضع "يده على خده" في انتظار تعثر المنتخبات الاخرى في غير مباريات، لكن الاكيد ان الانظار ستتجه كلها الى إنكلترا مع السويد الذي يتوقع له ان يتسم بالاثارة والندية والجدية، ولا مجال أمام المنتخبين ل"الهزار" لأن الخاسر يضع نفسه في موقع حرج جداً على اعتبار ان الارجنتين مرشحة وبقوة لتصدر المجموعة ويبقى الصراع بين المنتخبات الثلاثة الاخرى على البطاقة الثانية. واللافت ان السويد لم تخسر قط أمام انكلترا منذ 43 عاماً، وهي اذا فعلت هذه المرة فإنها ستلقي باللوم كله على مواطنها زفن غوران اريكسون وضمه ديفيد بيكهام وكيرون داير الى التشكيلة التي ستخوض المباراة. وإريكسون هو أول مدرب أجنبي يتولى تدريب المنتخب الانكليزي، والأكيد ان معرفته الجيدة باللعبة في بلاده ستساعده كثيراً في اختيار الأسماء الملائمة ووضع الخطة المناسبة للفوز بهذه المباراة. وهو رأى ان عودة بيكهام مهمة جداً لمعنويات اللاعب والمنتخب معاً، لأنه "واحد من أفضل اللاعبين في العالم حالياً، وبراعته في تسديد الركلات الحرة القريبة من مرمى المنافسين تمنحه ميزة اضافية تجعل أي مدرب في العالم يتمنى ان يكون بيكهام ضمن صفوف المنتخب أو الفريق الذي يشرف عليه فنياً". ولا شك في ان هذه المباراة تمثل أهمية خاصة جداً لأريكسون تحديداً، لأنه يخوضها ضد بلاده. "نعم هذا صحيح، لكنني مدرب محترف، ولذا بمجرد ان تنطلق صفارة البداية سأتذكر فقط أنني مدرب المنتخب الانكليزي". وفي المقابل يبدو المنتخب السويدي الذي يمتاز بحسن التنظيم والأداء الجماعي، مؤهلاً لأن يكون نداً عنيداً للإنكليز، خصوصاً اذا ما تمكن صانع ألعابه فريدي ليونبرغ من اللحاق بالمباراة بعد ان تعرض أمس لإصابة طفيفة خلال المران... لكن الورقة الرابحة في صفوف السويد الى الآن تتمثل بهنريك لارسون. ويدير المباراة الحكم البرازيلي كارلوس سيمون ويعاونه البارغواياني ميغيل جاكوموتسي والترينيدادي ميشال راغوناث. وفي المباراة الثانية ضمن المجموعة ذاتها، سيخوض نجم الكرة الأرجنتينية غابرييل عمر باتيستوتا اليوم مباراته الأولى في المونديال الثالث له على التوالي، عندما تخوض بلاده لقاء مهماً أمام نيجيريا. والأكيد ان الأفارقة الذين وصلوا الى هنا وهم يحملون آمال القارة السمراء بتحقيق إنجاز كبير، لن يكونوا مكسر عصا أو صيداً سهلاً للأرجنتينيين. لذا توقع باتيستوتا تحديداً ان يكون اللقاء شرساً، "الكرة الأفريقية تتطور باستمرار، وكلنا يعرف أين كانت قبل سنوات قليلة وأين صارت الآن. لي تجربة في اللعب أمام نيجيريا في مونديال عام 1994 في الولاياتالمتحدة وكدنا نخسر اللقاء بعد ان تقدموا بهدف لكننا نجحنا في قلب النتيجة وحققنا فوزاً صعباً 2-1". واعتبر باتيستوتا ان الكرة الارجنتينية تمر بأفضل حال حالياً على رغم كل الصعوبات وخصوصاً الاقتصادية التي تعانيها بلاده، "في كأس العالم يجب ان تكون مجهزاً بكل شيء في شكل جيد بدءاً من المدرب والتجانس والانسجام بين اللاعبين، ومن حسن الحظ ان كل هذه العناصر متوافرة لدينا الآن". وفي الجانب الآخر، استعد النيجيريون تماماً لمواجهة الأرجنتين المرشحة الأولى لنيل اللقب. وارتفعت المعنويات كثيراً بعد فوز السنغال على فرنسا في الافتتاح، لكن يعاب عليها تفاوت مستواها الفني من مباراة الى أخرى... فهي تفوز على أقوى المنتخبات ثم تخسر امام أضعفها. ويعمل المدرب الوطني اديغبوي اونيغبيندي على استثمار الحال المعنوية المرتفعة للاعبين والاستفادة منها على أرض الملعب، بيد ان مهمته لن تكون سهلة، خصوصاً في ظل غياب جوليوس اغوهاوا أحد أبرز نجوم المنتخب الذي تعرض لإصابة امس نقل على أثرها الى المستشفى. ويدير اللقاء الحكم الفرنسي جيل فيسييه ويعاونه مواطنه فردريك رانو والألماني أينر مولر. وفي المجموعة الثانية، ستكون مباراة اسبانيا مع سلوفينيا في بؤرة اهتمام المتابعين للتعرف إلى ما يمكن ان يقدم الضيف الجديد الآخر في هذا المونديال أمام عراقة الكرة الاسبانية وصيتها الذائع. ويسعى المنتخب السلوفيني من وراء هذه المباراة الى صيد عصفورين بحجر واحد: تحقيق أول فوز في أول ظهور له في المونديال، والثأر لخسارته من اسبانيا في الدور الاول من كأس الأمم الأوروبية التي أقيمت عام 2000 في بلجيكا وهولندا معاً. ورأى المدرب سيركو كاتانيتش ان "صيد العصفورين ممكن، لأن لا أحد يطالبنا بالفوز بكأس العالم. ولذا سنلعب من دون ضغوط وبهدوء، والمهم ان نقدم عرضاً مشرفاً". أما المدرب الاسباني خوسيه أنطونيو كاماتشو، فأعرب عن قلقه لأن لاعبيه "لا يؤدون كما يجب أمام المنتخبات التي لا تندرج ضمن فئة الكبار"... وحذر من عواقب الثقة الزائدة أو الاستهتار بالخصم اياً كان. ويقود المباراة الحكم المغربي محمد الكزار ويعاونه الأوغندي علي توموسانج والاسترالي ايجون رويتر. وفي المباراة الأخيرة، تلتقي باراغواي مع جنوب أفريقيا... ويغيب عن الأولى حارسها الشهير خوسيه لويس تشيلافيرت للايقاف، ما يعني أنها تدخل اللقاء مفتقدة "نصف المنتخب"، في حين ان مستوى جنوب افريقيا في تراجع واضح ولا يسمح لها بأن تحقق نتائج كبيرة في هذا المونديال، وهو ما سبق ان أوضحه المدرب الوطني جومو سونو قبل الوصول الى كوريا الجنوبية حين قال: "سنذهب لنتفرج!".