تونس - "الحياة" - على رغم ان العقوبات الدولية علقت ولم ترفع نهائياً عن ليبيا، فإن اجتماع عشرة وزراء خارجية بينهم خمسة أوروبيين في العاصمة الليبية طرابلس الخميس الماضي كرس خروج ليبيا من العزلة الدولية وجعل الطريق سالكة أمام توافد المسؤولين الأوروبيين الذين ظلوا يستنكفون حتى الآن من التوجه الى ليبيا أو الموافقة على عقد اجتماعات اوروبية - عربية فيها. صحيح ان ليبيا استضافت قمتين افريقيتين وقمتين لدول تجمع الساحل والصحراء منذ تعليق العقوبات التي قررها مجلس الأمن في حقها العام 1999، الا ان عدد الوزراء الغربيين الذين زاروها في السنتين الاخيرتين يعد على أصابع اليد، وفي مقدمهم وزير الخارجية الايطالي السابق لامبرتو ديني ورئيس الحكومة الاسبق ماسيمو داليما ووزير التعاون الفرنسي السابق شارل جوسلان. ولاحظ مصدر ليبي ان وزير الخارجية الاسباني جوزيب بيكيه هو أول وزير أوروبي يزور ليبيا خلال توليه منصب رئيس المجلس الوزاري للاتحاد الأوروبي، كذلك كان وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفلبان أرفع مسؤول فرنسي زار ليبيا منذ أكثر من عشرة أعوام. واعتبر المصدر الليبي نفسه، ان تلك الزيارات "تعكس التطبيع المتسارع للعلاقات مع البلدان الأوروبية والتي لم تشمل بعد الولاياتالمتحدة". وتوقع ان تتكثف الاتصالات والزيارات مع العواصم الأوروبية الرئيسية في المرحلة المقبلة وفي مقدمها فرنسا التي تسعى الى تحسين مركزها بين شركاء ليبيا الاقتصاديين بعدما تراجع في السنوات الأخيرة من الرتبة الرابعة الى الخامسة. ووصف المصدر المحادثات التي اجراها الوزير دوفلبان مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بالايجابية "لأنها وضعت النقاط على الحروف وبددت ما تبقى من غيوم في سماء العلاقات الثنائية وطوت نهائياً مصادر الاحتكاك بين السياستين الفرنسية والليبية في أفريقيا". وكان دوفلبان نقل رسالة شفوية في هذا المعنى من الرئيس جاك شيراك الى العقيد القذافي، واكد رغبة باريس في تطوير التعاون مع ليبيا "من ضمن حرصها على تعزيز العلاقات بين أوروبا والقارة الافريقية". وفي معلومات مصادر فرنسية ان القذافي أشاد لدى استقباله دوفلبان بدور فرنسا الايجابي على الساحة الدولية وامتدح "مواقفها المتوازنة من الصراع في الشرق الأوسط"، فيما أثنى الوزير الفرنسي على المساعي الليبية لمعاودة تنشيط الاتحاد المغاربي والذي ستتسلم ليبيا رئاسته من الجزائر في القمة التي تعقد في وقت لاحق من الشهر الجاري، وكذلك "جهودها لتسريع الاندماج الاقليمي على الصعيدين المغاربي والافريقي". واعتبر الليبيون اجتماع وزراء خارجية مجموعة 5"5 "ناجحاً"، كونه وضع جدولاً زمنياً لاجتماعات على مستوى الوزراء والخبراء لتطوير المجموعة التي تجمدت اجتماعاتها بعد خضوع ليبيا لعقوبات دولية اعتباراً من العام 1992 على خلفية قضية "لوكربي". ومن المقرر ان تعقد المجموعة أول اجتماع لها في مستوى القمة في تونس العام المقبل. ورأت مصادر ليبية مطلعة ان "تطوير حوار 5"5 يشكل دفعاً للحوار الأوروبي - المتوسطي على جميع الصعد". وركزت على فرص التعاون المتاحة في "مكافحة الارهاب وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة المتوسطية"، مستدلة ب"الفاعلية التي تتسم بها اجتماعات وزراء داخلية مجموعة 5"5" والتي قالت ان ليبيا حضت خلالها على تطوير التنسيق في مكافحة الارهاب. وأشارت في هذا السياق الى ان الاجتماع الوزاري الأخير في ليبيا أتاح مأسسة حوار المجموعة بوصول الوزراء الى اتفاق كرس عقد اجتماع سنوى في احد البلدان العشرة الأعضاء بالتناوب على مستوى وزراء الخارجية، وسيكون الاجتماع المقبل في فرنسا خلال الثلث الأول من العام المقبل. كذلك اتفق على عقد اجتماع على مستوى وزاري لدرس ظاهرة الهجرة ووسائل التنسيق لمكافحة الهجرة غير المشروعة خلال تشرين الأول اكتوبر المقبل في تونس. ويعتقد الليبيون ان اعطاء دفعة قوية للحوار والعمل في اطار المجموعة سيعجل بإدماجهم الهيكلي في المسار الأورو - متوسطي والذي يقتصر موقعهم فيه على دور المراقب مع أنهم طالبوا التعاطي معهم على قدم المساواة مع الشركاء المتوسطيين الاثني عشر المشاركين في المسار والذي انطلق عندما كانت ليبيا خاضعة لعقوبات دولية في العام 1995 في برشلونة.