"برونو ميتسو" ... هذه هي كلمة السر وراء نجاح الكرة السنغالية وحصولها على الميدالية الفضية لكأس الأمم الإفريقية في مالي، ثم التأهل الى نهائيات النسخة السابعة عشرة من كأس العالم المقررة من 31 أيار مايو إلى 30 حزيران يونيو المقبلين في كوريا الجنوبية واليابان معاً. وميتسو 48 عاماً، ما هو إلا المدرب الفرنسي المعروف الذي كان وراء الإنجازات السنغالية الكروية منذ أن تولى مهمته في تشرين الثاني نوفمبر عام 2000... وهو عرف كيف يفجر مواهب لاعبيه ويحررهم من عقدة "الالتزام الحرفي" بتطبيق الخطط الفنية المعروفة، حين سمح لهم بمساحة إضافية من الحرية للابتكار واثبات الذات... والمحصلة النهائية تألق من دون حدود، ونتائج ايجابية لم تكن في الحسبان. ولا يمكن أن يصف احد ميتسو مثلما فعل نائب رئيس الاتحاد السنغالي بونمار غويي الذي كان وراء تعيينه "كم أنا مسرور لأننا وفقنا في التعاقد مع هذا المدرب المتميز. ولا عجب انه حقق كل هذا النجاح الكبير، فهو يستمع لكل الآراء ولا يهملها أبداً حتى لو كانت من أبعد من لهم علاقة بكرة القدم... وهذا هو سر نجاحه. يمتلك عقلية متفتحة جداً ويستمع إلى كل النصائح التي يتلقاها سواء من جانب أعضاء الاتحاد أو الإعلاميين أو حتى الجماهير التي دأب على التحدث مع بعضهم عقب كل تدريب، انه متواضع جداً... وابرز ما فيه انه لا يحب الخسارة أبداً". ً"ولأن غالبية اللاعبين السنغاليين يلعبون في فرنسا، فان هذا الأمر يمنح ميتسو ميزة إضافية لأنه يسهل مهمته في التعامل معهم ويقربه منهم أكثر" أضاف غويي، ثم أوضح "عندما وصل المدرب الفرنسي كنا نعاني من مشكلات كثيرة في مقدمها رفض الأندية الفرنسية السماح لنجومنا بالمشاركة في كل المناسبات التي نرغب في وجودهم معنا فيها، لكن الأمر تغير جداً منذ توليه مهمته معنا... أنها قدرة ميتسو على إقناع أبناء جلدته بالسماح لهؤلاء اللاعبين بالوجود معنا كلما رغبنا. علاقته قوية جداً مع رئيس واعضاء الاتحاد الفرنسي ما يسهل كثيراً من تحقيق رغباته". وشاءت الأقدار ان تلعب السنغال أمام فرنسا تحديداً في مباراة افتتاح المونديال في سيول، قبل أن تواجه الدنمارك ثم أوروغواي. ورأى ميتسو نفسه أن "لقاء فرنسا في الافتتاح خير من مواجهتها في ما بعد، لأن اللقاء الأول عادة ما يتأثر بعوامل خارجية عدة بعيداً من الفنيات والقدرات وفارق المهارات بين الطرفين المتباريين". وتفوقت السنغال في مسيرتها نحو النهائيات على قوى كروية كبرى في القارة الأفريقية تمثلت في مصر والمغرب والجزائر، وحققت نتائج بارزة في مواجهاتها معهم. فهي تغلبت على المغرب 1-صفر وتعادلت معها صفر-صفر، وعلى الجزائر 3-صفر وتعادلا 1-1، ووحدها مصر لم تتمكن السنغال من الفوز عليها إذ خسرت أمامها صفر-1 في داكار وتعادلت معها 1-1 في القاهرة... لكنها تأهلت على حسابها بعد فوزها على ناميبيا 5-صفر و4-صفر مستغلة تعادل مصر مع الجزائر 1-1 في أخر مباريات المجموعة. وما من شك في أن مهاجم فريق لنس الفرنسي الحاجي ضيوف وزميله خليلو فاديجا لاعب أوكسير الفرنسي أيضاً، كانا من ابرز العناصر التي تأهلت السنغال بفضلها إلى النهائيات. وتوج الأول جهوده بالفوز بلقب أفضل لاعب أفريقي في عام 2001 "فوزي بهذه الجائزة هو تقدير لجميع زملائي في النادي والمنتخب. فمن دون جهودهم ما كنت حصلت عليها. ولذا أعتبر أننا فزنا بها جميعاً، وأود أن أهديها إلى ميتسو لأنه أكثر من ساعدني ووجهني كي أفوز بها. سأعمل على أن أكون عند حسن ظن الجميع بي، وأن أرد لهم صنيعهم، وليس هناك مناسبة أفضل من المونديال لتحقيق هذه الغاية". أما فاديجا الذي هاجر إلى فرنسا قبل أن يبلغ السادسة من عمره ويحمل هو ووالداه الجنسية الفرنسية ومتزوج من بلجيكية، ففضل اللعب للسنغال في ظل "الزحمة" التي يعاني منها المنتخب الفرنسي بسبب مزدوجي الجنسية حالياً "أشعر بأنني سنغالي أكثر من كوني فرنسياً. حين أعود إلى دياري الأصلية أجد ترحاباً وحفاوة افتخر بهما حقاً، واستمتع بالموسيقى والأكلات الشعبية". لكنه أعترف بان مواجهة فرنسا في كوريا الجنوبية ستشكل ضغطاً نفسياً كبيراً عليه "لأني أشعر أيضاً بأنني انتمي إلى فرنسا، أعيش فيها وأنعم بخيراتها. زميلي وصديقي الفرنسي من أصل سنغالي باتريك فييرا سيلعب في هذه المباراة ضدي وضد بلاده التي نشأ وترعرع فيها على اعتبار انه انتقل إلى فرنسا حين كان عمرة 16 عاماً... أترون كم ستكون الأمور صعبة على كلانا في هذه المناسبة!". المباراة التي ستجمع فرنساوالسنغال في افتتاح مونديال 2002 ستعني الكثير للكثيرين فعلاً، ليس فقط لأنها ستكون الافتتاحية ولكن لأنها ستجمع بين "الأسياد والعبيد" في مفهوم الزمن الغابر أبان الاحتلال الفرنسي للسنغال... فهل تنقلب الآية على أرض "استاد كأس العالم" في سيول؟