انتهت حملة المرشحين ال16، للدورة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية رسمياً عند منتصف ليل أمس وسط انطباع عام رسمي واعلامي، بأن خللاً ما بات يحكم علاقة الفرنسيين بالسياسة عموماً وبالاستحقاقات الانتخابية تحديداً. وعلى رغم الجهود التي بذلها المرشحون على اختلافهم لشرح برامجهم، اظهرت الاستطلاعات الاخيرة ان حوالى 54 في المئة من ال40 مليون ناخب الذين دعوا الى صناديق الاقتراع غداً الاحد، غير مهتمين بهذه الانتخابات. فلا التنوع السياسي للائحة المرشحين من أقصى اليسار الى أقصى اليمين مروراً بالوسط، وأنصار البيئة نجح في جذبهم وإثارة حماسهم، ولا الاختلاف في أفقهم الاجتماعي ولا التفاوت في أعمارهم. وتبدي شريحة واسعة من الفرنسيين سأمها من الوجهين المألوفين جداً بالنسبة اليها: الرئيس شيراك الذي تولى الرئاسة خلال سبع سنوات، وليونيل جوسبان الذي يتولى رئاسة الحكومة منذ خمس سنوات. وفيما يعتزم الناخبون المستاؤون التعبير عن موقفهم بالامتناع عن التصويت، أو بالاقتراع بورقة بيضاء، تفيد الاستطلاعات بأن البعض الآخر يعتزم اعتماد موقف انتقامي حيال المرشحين الرئيسيين، خصوصاً ان طروحات شيراك الفاترة لم تكن بمستوى توقعات الناخب اليميني التقليدي، أما حملة جوسبان غير الاشتراكية فكانت أقل من توقعات الناخب اليساري التقليدي. هذه الوتيرة كانت لا بد من ان تنعكس ايجاباً على شعبية زعيم "الجبهة الوطنية" اليمين المتطرف جان ماري لوبن، الذي يتوقع ان يحصل على 14 في المئة من الاصوات في الدورة الأولى. وفي غياب الافكار التجديدية والجذابة، اتسم البعد الشخصي بأهمية كبيرة في اطار الحملة، ففتح المرشحون أبواب منازلهم أمام عدسات المصورين، واكتسحت صورهم في صالوناتهم ومكاتبهم ومطابخهم الى جانب زوجاتهم الصحف والمجلات الفرنسية، مما حمل العديد من المعلقين على التعبير عن اسفهم لمدى "الفقر الايديولوجي" و"الأمركة" التي باتت تعم الحياة السياسية الفرنسية. ومن أطرف الاستطلاعات ذلك الذي اجرته مجلة "ايل" النسائية بالتعاون مع معهد "اينوب" عن نظرة القراء والقارئات الى المرشحين. سأل الاستطلاع: من هو المرشح الأفضل لفتح حساب مصرفي مشترك معه؟ فحصل شيراك على 25 في المئة، وتلته مرشحة حزب "النضال العمالي" ارليت لاغييه ب19 في المئة، ثم جوسبان ب15 في المئة ومرشح "حركة المواطنين" جان بيار شوفينمان 7 في المئة. ولكن اذا كان لدى ولدكم واجب مدرسي فممن تطلبون مساعدته؟ حل جوسبان أولاً ب31 في المئة وتبعه شيراك مع نسبة 19 في المئة ثم فرانسوا بالدو وشوفينمان اللذان حصلا على 12 في المئة. واذا ثقبت عجلة سيارتكم وانتم تقودونها فمن يتوقف لتغييرها؟ هنا تساوى شيراك مع لاغييه 16 في المئة مقابل 11 في المئة لجوسبان. واذا استأجرتم منزلاً لقضاء الاجازة فمن سيتطوع للمشاركة في الاعمال المنزلية؟ حصلت لاغييه على غالبية كبيرة بلغت 50 في المئة وتخلف عنها بكثير جوسبان وشيراك اللذان لم يحصلا الا على 8 في المئة. وإذا اقمتم حفلة عشاء في منزلكم فعلى من تعتمدون لخلق الجو الملائم؟ حصل شيراك على نسبة 22 في المئة من الثقة في هذا المجال، وتلاه مرشح الحزب الشيوعي روبرت هو بنسبة 14 في المئة، ثم لوبن 12 في المئة ثم جوسبان 11 في المئة. وعندما يذهب قراء مجلة "ايل" في عطلة فإنهم يسلمون اولادهم بنسبة 34 في المئة للمرشحة لاغييه، يليها في ثقتهم شيراك ثم جوسبان، مقابل 2 في المئة للوبن.