سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بيروت ودمشق تستقبلانه بتظاهرات احتجاج وتبلغانه رفضاً قاطعاً لفكرة المؤتمر الدولي لأن "شارون ليس رجل سلام" . باول يطالب بوقف الأعمال "العدائية" على الخط الأزرق والأسد يدافع عن العمليات الاستشهادية
سمع وزير الخارجية الأميركي كولن باول رفضاً في كل من لبنان وسورية لفكرة عقد مؤتمر دولي لمعالجة الوضع في المنطقة. وفيما دافع الرئىس السوري بشار الاسد عن العمليات الاستشهادية التي ينفذها الفلسطينيون رداً على الاحتلال الاسرائىلي اكد الرئىس اللبناني اميل لحود "ان اي مؤتمر دولي لمعالجة الوضع في منطقة الشرق الاوسط لا يشارك فيه لبنان وسورية لا يمكن ان يحقق السلام العادل والشامل في المنطقة". ورأت دمشق "ان اعتبار رئىس الوزراء الاسرائىلي آرييل شارون رجل سلام من الرئىس الاميركي جورج بوش دفع مجرم الحرب الى ان يتجرأ على طرح افكاره". وكان باول استقبل في بيروتودمشق بتظاهرات احتجاج حاشدة دعته الى العودة، مستنكرة "الانحياز الاميركي لاسرائىل". راجع ص7 ونقل باول الى بيروت رسالة مفادها "ان هناك خطراً حقيقياً من ان العنف المتواصل على الحدود اللبنانية - الاسرائىلية قد يوسع النزاع ليشمل المنطقة". وفيما وافق باول اثناء محادثاته في بيروت على ان اي اتفاق لوقف النار لن يحل المشكلة حتى يتم الوصول الى حل سياسي، فإن محادثاته في دمشق انتهت الى عدم تحقيق نجاح كبير. وغاب وزير الخارجية السوري فاروق الشرع عن وداعه عائداً الى القدسالمحتلة. دافع الرئىس السوري بشار الاسد بقوة عن "العمليات الاستشهادية" التي يقوم بها الفلسطينيون "رداً على الاحتلال الاسرائىلي". وحذر من احتمال وصول الوضع في الشرق الاوسط الى "نقطة اللاعودة". ونقل بيان رئاسي سوري عن الاسد قوله بعد لقائه وزير الخارجية الاميركي كولن باول: "ان العمليات الاستشهادية نتيجة وليست سبباً لما يحصل. وهي رد على الممارسات الاسرائىلية. واذا كان هناك مئات الملايين من الناس على امتداد الساحتين العربية والاسلامية يؤيدون هذه العمليات فلن يكون لادانتها تأثير على الواقع. والافضل هو ازالة السبب وعدم اضاعة الوقت في الاعتراض عليها لأن هذا الواقع هو اقوى من مجرد آراء اشخاص او حكومات". وزاد الاسد: "لا يمكن الحديث عن عملية السلام الآن ولا يمكن للسلام ان يتم الا برغبة الطرفين. ومن يمتلك ادوات القتل ولديه الرغبة في القتل سيستمر في ممارسة ذلك ولو جلس الى طاولة المفاوضات، وان ما يحدث في فلسطين وضع عملية السلام في طريقها الى الموت واذا لم يتم تدارك ذلك فقد تصل الامور الى نقطة اللاعودة وعندها علينا ان ننتظر جيلاً آخر". وفي اشارة الى الدعوة الى مؤتمر جديد للسلام، قال الرئىس السوري: "ان مجرد الحديث عن السلام لا يمكن ان يكون الا بعد الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي الفلسطينية ووقف المجازر بحق الشعب الفلسطيني"، مطالباً واشنطن ب"ان تكون لها رؤية واضحة للسلام وان تعمل بما يمليه عليه دورها في هذا الشأن وان تلتزم عملياً بالقرارات التي وافق عليها المجتمع الدولي". وكان آلاف المتظاهرين في العاصمة السورية استقبلوا باول امام مقر السفير الاميركي تيدور قطوف حيث اجرى لقاء مع الديبلوماسيين الاميركيين، وهتف المشاركون في التظاهرة: "باول ارجع ارجع، سورية لن تركع" و"باول برّه برّه، الانتفاضة مستمرة". وأجرى باول محادثات مع الاسد تركزت على الوضع في جنوبلبنان و"مخاطر اطلاق النار عبر الخط الازرق". وقالت مصادر سورية ل"الحياة" ان دعوة شارون لعقد مؤتمر للسلام "لن تنطلي على احد. لو كان رجل سلام وليس مجرم حرب، لكان قبل بأسس مرجعية مدريد ومبدأ الارض مقابل السلام. لكن في واقع الامر ليس في جعبة شارون سوى استخدام القوة العدوانية لقتل اي توجه نحو السلام العادل والشامل واستكمال تنفيذ المشروع الصهيوني التوراتي الذي لا يعني سوى التشبث بالاحتلال وتوسيع الاستيطان". وأضاف مسؤول سوري: "اي مؤتمر آخر للسلام يعني انهاء عملية السلام". محادثات باول في بيروت وكان باول وصل الى مطار بيروت الدولي في طائرة أميركية اقلته من القدسالمحتلة مباشرة الى بيروت واستقبله نظيره اللبناني محمود حمود وسط اجراءات امنية مشددة في محيط المطار. وقرابة العاشرة بدأت المحادثات بين الرئىس لحود وحمود من جهة والوزير باول وفريق عمله من جهة ثانية. وضم فريق باول المستشار العسكري لوزارة الخارجية الادميرال والتر دوران ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى وليام بيرنز ومساعد باول للشؤون العامة ريتشارد بوتشر وكبير موظفي وزارة الخارجية غريغ كيلي والقائمة بأعمال السفارة الاميركية في لبنان كارول كالين والسيدة آن بودين من السفارة. دامت المحادثات 45 دقيقة، عقد على اثرها حمود وباول مؤتمراً صحافياً، فقال الأول ان لحود اجرى محادثات "بناءة وشاملة مع باول ركزت على تطورات الشرق الاوسط في ضوء العدوان الاسرائىلي على الاراضي الفلسطينية، وتطرق البحث الى الوضع في جنوبلبنان". وأضاف حمود: "شدد لحود خلال المحادثات على انه لا يمكن عزل التطورات في المنطقة عن تأثيراتها على الساحة اللبنانية، ما يوجب النظر الى مشكلة المنطقة ككل لا سيما ضرورة السعي الى السلام العادل والشامل الذي يؤمن الحقوق والضمانات لجميع الاطراف". وأوضح حمود ان لحود "أكد ان اسرائىل تتحمل مسؤولية التدهور الحاصل لأنها سدت كل الطرق امام المساعي السلمية السابقة ورفضت تنفيذ قرارات الشرعية الدولية". ودعا لحود، بحسب ما قال حمود الرئىس الاميركي "الى النظر الى الوضع في المنطقة بموضوعية وواقعية وعدم التأثر بالضغوط الاسرائىلية التي تصور عمليات المقاومة اللبنانية في مزارع شبعا على انها اعمال ارهابية"، كما دعاه "الى العمل على تحريك عملية السلام من جديد استناداً الى القرارات الدولية، لأن سياسة القوة التي تنتهجها اسرائىل لن تحقق اي نتيجة بدليل ما جرى خلال الايام الماضية". وشدد لحود على عودة الحقوق العربية التي على اساسها تصبح كل الضمانات الاخرى ممكنة"، وعلى "رفض توطين الفلسطينيين في الدول العربية التي تستضيفهم وخصوصاً لبنان". وأبلغ باول ان قرارات قمة بيروت، "وفرت فرصة يجب على الولاياتالمتحدة الافادة منها وعدم تمكين اسرائىل من استكمال مخططها لضرب عملية السلام العربية". ورد باول بكلمة مكتوبة اعرب في مستهلها عن سروره لزيارته الاولى الى لبنان، "على رغم ان زيارتي تجري في وقت صعب جداً في المنطقة". وقال انه اجرى "محادثات جيدة جداً. وأشار الى مبادرة السلام العربية "المبنية على مبادرة الأمير عبدالله"، وقال: "انها رؤية يشترك فيها الرئىس بوش، رؤية دولتين تعيشان جنباً الى جنب بسلام. انها رؤية لسلام شامل في المنطقة، تشمل سورية ولبنان، سلام يرتكز الى قرارات الأممالمتحدة 242 و338 وكل القرارات الاخرى ذات الصلة". وقال: "لتحقيق هذه الرؤية، يجب انهاء العنف والارهاب، وأيضاً انهاء التوغل الاسرائىلي في المناطق الفلسطينية، وعلى الرئيس عرفات والسلطة الفلسطينية بذل كل الجهود لوقف العمليات الانتحارية وأعمال الارهاب الاخرى، وفي الوقت نفسه، يجب علينا السير قدماً للبدء بعملية سياسية لجعل هذه الرؤية امراً واقعياً". وأكد "ان الولاياتالمتحدة الاميركية تبقى قلقة من العنف المتواصل على الخط الازرق، هناك خطر حقيقي من ان الوضع على الحدود قد يوسع النزاع ليشمل المنطقة. ان من المهم لكل الملتزمين تحقيق السلام العمل فوراً لوقف العمليات العدائية على طول الحدود. انها رسالة نقلناها وسنظل ننقلها الى كل حكومات المنطقة وهذا هو هدف زيارتي اليوم الى بيروتودمشق". ورداً على سؤال يتعلق بالانتقادات التي توجه لاسرائىل قال باول: "سمعت الانتقادات الشديدة. هدفي هو امكان ايجاد وسيلة للتقدم، ونعمل بجد للقيام بذلك، ونعمل لوضع رؤية تؤدي الى مفاوضات وفق القرارات ذات الصلة ونعمل لوضع عناصر لتلبية الاعانات الانسانية". وعما اذا كان يدين عملية ابادة للفلسطينيين الجارية في الاراضي الفلسطينية فقال: "ادين اي شيء يودي بحياة مدنيين ابرياء". ثم انتقل باول الى السراي الحكومي للقاء رئىس الحكومة رفيق الحريري، وحضر اللقاء عن الجانب اللبناني الوزراء: غسان سلامة وفؤاد السنيورة ومروان حمادة وخليل الهراوي والياس المر والمستشار هاني حمود الى جانب حمود، مقابل الفريق المرافق لباول. دام اللقاء 45 دقيقة وعقد الحريري وباول مؤتمراً صحافياً مشتركاً. وقال الحريري: "اجرينا محادثات مثمرة جداً وتطرقنا الى كل المشكلات التي تواجه المنطقة ولبنان خصوصاً، وأعربنا عن رأينا في ان بلدان المنطقة في حاجة الى حل سياسي سلمي شامل. وكان وزير الخارجية واضحاً جداً في شأن التزام الولاياتالمتحدة ورئيسها السلام". واذ اعرب الحريري عن تقديره للجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة ورئيسها على وجه الخصوص، قال: "نعتقد بقوة ان الأمن مهم جداً، لكنه ليس بديلاً لاتفاق سلمي، لقد توصلنا، كما اخبرت وزير الخارجية الى 1200 وقف لاطلاق النار خلال الحرب في لبنان ولم ينجح اي منها، اما وقف النار الذي افضى الى نتيجة فهو الذي تلا اتفاق الطائف، اي عندما توصلنا الى حل سياسي في ما بيننا. اذاً الحل السياسي كفيل بتحقيق الاستقرار والسلام والأمن". وتمنى باول للحريري "رحلة موفقة الى الولاياتالمتحدة قائلاً: "اعلم ان الرئىس بوش يتطلع الى استقبالكم وتبادل الآراء معكم، وأعلم انه سيقول لكم انه ملتزم ايجاد حل سياسي لاحلال السلام في المنطقة ولهذا السبب ارسلني الى هنا للتحدث عن انهاء الارهاب والعنف، لكن مع فهم واضح ان هذا بحد ذاته لا يكفي، وكما قلتم ان كل قرارات وقف النار في العالم لن تحل المشكلة الى ان يتم التوصل الى حل سياسي، وهذا هو التزامنا، وسنكرس كل طاقاتنا له". وشكر للحكومة اللبنانية الدعم الذي تقدمه للولايات المتحدة منذ الاحداث المأسوية التي وقعت في 11 أيلول سبتمبر الماضي. وأكد دعم واشنطن ل"جهودكم من اجل تعزيز اقتصادكم واعادة هيكلته". وقال أحد الوزراء الذين شاركوا في المحادثات مع الحريري ان باول "كان مستمعاً ومنصتاً باهتمام طوال الوقت لوجهة النظر اللبنانية التي ركزت على وجوب الحل السياسي في فلسطين". وذكر الوزير اللبناني ان الوضع في المنطقة وفلسطينالمحتلة استغرق الجزء الاكبر من المحادثات مع رئىس الحكومة، وأضاف: "الوضع المتوتر في منطقة مزارع شبعا لم يناقش مطولاً. أتى على ذكره الوزير باول في سرعة مشيراً الى حال التوتر، داعياً الى "مواصلة السلطات اللبنانية خطواتها لضبط الوضع مؤكداً قدرة لبنان على ذلك". ونقل الوزير اللبناني عن باول قوله: "انا ادرك انكم لا تحتاجون الى ارسال قوات كثيرة الى الجنوب لهذا الغرض وانكم تستطيعون القيام بذلك بما هو متاح". ما دل الى ان باول لم يطرح ارسال الجيش الى الجنوب.