حذر الرئيس السوري بشار الاسد الولاياتالمتحدة الاميركية من ان "الغوص في الرمال العراقية اصعب من الرمال الافغانية"، داعيا ادارة الرئيس جورج بوش الى تحويل كلامها عن "رؤية" اقامة الدولة الفلسطينية الى واقع ملموس لوقف "حرب الابادة" التي يشنها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون على الشعب الفلسطيني. وانتقل بيرنز من دمشق ال ى بيروت حيث اجرى محادثات مع كبار المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمهم الرئيس اميل لحود. بعدما قال مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط وليام بيرنز ان العملية الفدائية ل"الجهاد الاسلامي" كانت "عملا فظيعا وارهابيا تبنته مجموعة لديها مكتب في دمشق"، نقل بيان رئاسي عن الاسد قوله ان "ادانة الولاياتالمتحدة منظمات بعينها او اشاعة التقولات ضدها لن يجدي، اذ ان الحل الوحيد المجدي للجميع هو انهاء الاحتلال الاسرائيلي وايقاف النشاط الاستيطاني". وعلق زعيم "حركة الجهاد الاسلامي" الدكتور رمضان عبد الله شلح في اتصال هاتفي مع "الحياة" من بيروت على كلام بيرنز، قائلا: "ان الفظيع هو ما ترتكبه اسرائيل من جرائم متواصلة بحق الشعب الفلسطيني بضوء اخضر اميركي وبدعم لا محدود". وزاد: "نحن في حالة دفاع عن النفس، اذ انه في الاسابيع الثلاثة الاخيرة سقط لنا اكثر من 70 شهيدا بينهم 38 طفلا ولم تحرك واشنطن ساكنا بل انها كافأت شارون بقرارها نقل السفارة الاميركية الى القدس". وكان بيرنز اجرى محادثات مع الاسد في حضور وزير الخارجية فاروق الشرع حول قضيتي العراق وفلسطين حيث قدم المبعوث الاميركي تصوراته لمشروع "طريق السلام". ونقل بيان رئاسي عن الاسد "ان حديث الولاياتالمتحدة عن امتلاك رؤية لانشاء دولة فلسطينية لم يعد كافيا ما لم يتم التدخل سريعا لايقاف حرب الابادة التي يشنها شارون ضد الشعب الفلسطيني وايقاف مسلسل التهجير، خصوصاً وان اسرائيل تعمل يوميا لتغيير الواقع على الارض في ضوء عجز اميركي واضح عن ممارسة اي ضغط على اسرائيل للالتزام بالشرعية الدولية وقرارات الاممالمتحدة فالدولة الفلسطينية المقصودة ستكون في هذه الحال دولة من دون شعب كما تحاول اسرائيل لها ان تكون"، لافتا الى ان "الحديث عن الالتزام بالسلام لم يعد كافيا ما لم يتم تحديد الادوات والجدول الزمني لتحقيق هذا السلام وان سياسة الولاياتالمتحدة الحالية حيال العرب والمسلمين لا تجني سوى الغضب وتفاقم المشاكل". وعن العراق، قال الاسد ان "على الادارة الاميركية ان تتمتع بالحكمة لانها لا تعلم ابدا ماذا سيحل بالمنطقة في اعقاب مثل هذه الضربة اذا ما حدثت لأن الغوص في الرمال العراقية سيكون اصعب على الولاياتالمتحدة الاميركية من الغوص في الرمال الافغانية وان مثل هذا المسلسل الخطير اذا ما بدأ لن يتمكن احد من ايقافه او السيطرة على نتائجه". وسألت "الحياة" بيرنز اذا كان قدم ضمانات لسورية حول وحدة اراضي العراق وعدم قيام دولة كردية في شمال العراق، فأجاب ان بوش اكد في رسالته الى الاسد "تصميمه على الزام العراق تنفيذ قرارات مجلس الامن ونزع اسلحة الدمار الشامل لديه". وقال "ان الحرب ليست حتمية ولا وشيكة، وان الولاياتالمتحدة كانت واضحة في التزامها وحدة العراق وتأخذ في الاعتبار مشاعر القلق لدى الدول المجاورة له". وقال ردا على سؤال آخر ل"الحياة" ان "العمل ضد العنف والارهاب واجب على جميع الدول المعنية"، علما ان سورية تحمل اسرائيل مسؤولية ما يجري في الاراضي الفلسطينية وتعتبر العمليات الاستشهادية جزءا من المقاومة المشروعة. وزاد "ان السلام الشامل وتحقيق رؤيتنا لن يتحققا من دون تعاون جميع الاطراف لوقف العنف على الارض". بيرنز في بيروت ومن دمشق انتقل مساعد وزير الخارحية الأميركي الى بيروت حيث أجرى محادثات مع رؤساء الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري ووزير الخارجية محمود حمود، والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لجنوب لبنان ستافان دي ميستورا. وأشار بيرنز في تصريحات الى ان زيارته "تأتي في اطار جولة" ودوره "لا يقتصر فقط على نقل وجهات النظر والاعراب عن قلق الادارة الأميركية، انما أيضاً للتشاور والاستماع الى وجهات نظر القادة العرب في المنطقة ونصائحهم". وأوضح انه ركز على تصميم الرئيس الأميركي جورج بوش على تحقيق رؤيته في شأن انشاء دولتين اسرائيلية وفلسطينية، مؤكداً التزام الولاياتالمتحدة سلاماً شاملاً ومعاودة المفاوضات على كل المسارات استناداً الى مؤتمر مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام وقرارات الأممالمتحدة في هذا الخصوص، وخطاب الرئيس بوش في 24 حزيران يونيو الماضي والمبادرة العربية التي أقرت في قمة بيروت التي تعتبرها الادارة الأميركية "مبادرة واعدة". وأشار الى انه بحث مع لحود في جهود اللجنة الرباعية للبدء بتطبيق خطة رؤية الرئيس بوش، معرباً عن اعتقاده باحراز تقدم على هذا الصعيد. وقال ان من الممكن، من خلال التزام كل الاطراف باقتراح حل، وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال الاسرائيلي، واحلال السلام والأمن اللذين يستحقهما الشعبان الاسرائيلي والفلسطيني وانهاء العنف والرعب اللذين أديا الى اعاقة آمال الشعب الفلسطيني. وعن موضوع العراق أشار الى الجهود التي تبذل حالياً والتزام الرئيس بوش بمحاولة الخروج بقرار فاعل وجديد عن الأممالمتحدة، معتبراً ان تصريحات الرئيس بوش تدل الى ان الحرب ليست حتمية بل تشكل حلاً أخيراً، لكن على العراق الالتزام الكامل بالقرارات الدولية. وعن موضوع الوزاني والتهديدات الاسرائيلية للبنان، أكد عدم تغير المواقف التي أطلقها سابقاً. وقال: "نعمل مع الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وملتزمون بذل كل الجهود والعمل مع لبنان واسرائيل للوصول الى قرار عادل لا يقوم على العنف، ونحن نؤمن انه يمكننا الوصول الى مثل هذا القرار". وعن الخطة الأميركية لانشاء دولة فلسطينية وعن ذكر اسم لبنان مرتين في خريطة الطريق، قال "سنبحث هذا الموضوع لاحقاً".