يبدأ رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري اليوم، في اطار التحضيرات لعقد مؤتمر باريس -2 في العاصمة الفرنسية في 23 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، محادثاته في واشنطن مع المدير العام لصندوق النقد الدولي هورست كوهلر ورئيس البنك الدولي جيمس وولفنسون وكبار المسؤولين فيهما تتعلق بإسهام المؤسستين الدوليتين في دعم برنامج الإصلاح المالي والإداري الذي اعدته الحكومة اللبنانية لخفض خدمة الدين والعجز في الموازنة. ويشارك في المحادثات الى جانب الحريري الذي وصل الى العاصمة الأميركية ليل امس بتوقيت بيروت وزيرا المال فؤاد السنيورة والاقتصاد والتجارة باسل فليحان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ويتوقع ان تشمل المحادثات ايضاً وزير الخزانة الأميركي بول اونيل، وسيناقش الحريري معه الورقة الاقتصادية التي اعدها لبنان تحضيراً لمؤتمر باريس -2. وتتضمن الورقة التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة استجابة لنصيحة الصندوق والبنك الدوليين، بما فيها التشريعات التي اقرها المجلس النيابي، ليكون لبنان مؤهلاً للإفادة من الدعم الذي ينتظره من "باريس -2" ضمن تصور يأخذ في الاعتبار الأرقام المالية التي سيوفرها المؤتمر للبنان من طريق الودائع وضمان القروض الميسرة التي ستكون موازية للأرقام الناتجة من خصخصة بعض القطاعات. وستكون الورقة اللبنانية مدعومة بوحدة النظام السياسي من خلال التفاهم القائم بين الرئاسات الثلاثة الذي من شأنه توفير الاستقرار العام في البلد، إضافة الى التزام الحكومة عدم إدخال اي تعديل على مشروع الموازنة للعام المقبل يرتب عليها اعباء مالية اضافية تزيد من نسبة العجز المتوقعة. كما تشمل المحادثات وزير الخارجية الأميركي كولن باول ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس. وعلمت "الحياة" من مصادر رسمية لبنانية، ان محادثات الحريري مع باول ورايس ستركز على الوضع في الشرق الأوسط في ظل استمرار الجمود المسيطر على العملية السلمية، خصوصاً ان التطورات السياسية في اسرائيل عقب الخلافات الحكومية وانسحاب حزب العمل من حكومة آرييل شارون وما يترتب عليها من ائتلاف جديد ينحو اكثر فأكثر نحو التطرف يثبت انها غير مستعدة للوصول الى تسوية سلمية شاملة. وبحسب المصادر، فإن الحريري سيؤكد للمسؤولين في الإدارة الأميركية ان حال التأزم السياسي داخل إسرائيل ما هي إلا محاولة للهروب الى الأمام والقفز فوق الرغبة الدولية في تحقيق سلام شامل في المنطقة، على رغم الاستعداد الذي تبديه الدول العربية المعنية، والذي تجلى اخيراً في مبادرة السلام العربية الصادرة عن القمة العربية في اجتماعها في آذار مارس الماضي في بيروت. كما سيناقش الحريري الموقف من العراق وضرورة تغليب الجهود السلمية لتفادي حصول المزيد من التأزم في المنطقة، اضافة الى الوضع في الأراضي العربية المحتلة. وفي هذا السياق، كان الحريري تبلغ ليل اول من امس، من موفد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الى بيروت، وزير الثقافة والإعلام ياسر عبد ربه الذي يلتقي اليوم رئيسي الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري ووزير الخارجية محمود حمود، ان لدى القيادات الفلسطينية مجموعة من الأسئلة عن الورقة الأميركية التي عرضها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى وليم بيرنز على ياسر عرفات. وتدور الأسئلة الفلسطينية حول مجموعة من النقاط تحتاج الى توضيح من الإدارة الأميركية. فالبند المتعلق بالفلسطينيين والمعروف باسم "خريطة الطريق" يبدو واضحاً ويفرض على الفلسطينيين تقديم التسهيلات والتدابير لضبط الأمن، خلافاً للبند الخاص بالإسرائيليين اذ يحتاج الى مزيد من الوضوح. وكذلك بالنسبة الى البند الثالث المتعلق بمستقبل الحل السياسي للقضية الفلسطينية الذي صيغ بصورة عمومية غير واضحة ولا تلزم واشنطن وتل ابيب بأي موقف يتعلق بالمرحلة النهائية. وعلم ان عبد ربه، ابلغ الحريري ان القيادة الفلسطينية، ليست في وارد رفض الخطة الأميركية لكنها في المقابل تطلب الكثير من التوضيحات، لا سيما انها تمارس سياسة ضبط النفس وتحاول استيعاب الضغوط سواء كانت اميركية ام اسرائيلية. وأكد عبد ربه ل"الحياة" ان القيادة الفلسطينية تخشى ان يكون الهدف الوحيد لطرح الورقة الأميركية في ظل استبعاد اي محاولة لإعادة تحريك العملية السلمية، ضبط الوضع الأمني في الأراضي المحتلة استعداداً لتوجيه الضربة الأميركية ضد العراق. ولفت الى وجود مخاوف فلسطينية من اشتراك رئيس وزراء إسرائيل آرييل شارون في الحرب ضد العراق، بغية حصد بعض نتائجها من جهة، وبهدف تقديم نفسه على انه شريك استراتيجي لواشنطن في المنطقة من جهة اخرى. وكان الحريري التقى صباح امس الرئيس لحود قبل توجهه الى واشنطن وعرض معه الأوضاع العامة في البلاد والتحضيرات القائمة لمؤتمر باريس -2 اضافة الى اللقاءات التي سيعقدها في العاصمة الأميركية. كما اطلع لحود على نتائج اجتماعه مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق معرباً عن ارتياحه الكامل للأجواء التي تسبق عقد المؤتمر في باريس وللدعم السوري للبنان في سعيه الى التغلب على مشكلاته الاقتصادية والمالية.