فشلت القوات الاميركية والقوات الافغانية المتحالفة معها، في محاصرة مواقع "القاعدة" و"طالبان" شرق افغانستان، وسط هجمات اعاقها سوء الاحوال الجوية في المنطقة. وتحدثت تقارير عن مقتل جندي اميركي وثلاثة من رفاقه الافغان في مكمن نصبته "القاعدة" التي تعهدت في بيان اصدره "مركز الدراسات والبحوث الاسلامية" بحرب طويلة ضد اهداف اميركية بطريقة "مخطط لها بصورة جيدة". فشلت قوات أميركية وأفغانية موالية لها، في محاصرة المئات من مقاتلي حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة" في منطقة زرمت وجبال عرما شرق أفغانستان، قرب الحدود مع باكستان، على رغم دفع القوات الأميركية والأفغانية الموالية لها بأكثر من ألف مقاتل أفغاني طاجيكي وأوزبكي، معززين بثمانين دبابة وخمسة وثلاثين عربة عسكرية. وتمكنت "طالبان" و"القاعدة" من نصب مكمن للقوات المهاجمة قرب منطقة غارديز فقتل جندي أميركي وثلاثة جنود أفغان، اضافة إلى إصابة عدد من القوات الأميركية والأفغانية بجروح. وسعت طائرات مروحية من طراز "اباتشي" إلى إخلاء القوات الأميركية التي حاصرتها "طالبان" و"القاعدة". وقال مسؤول في وزارة الدفاع الافغانية ان قوة من حوالى الف جندي افغاني تدعمهم الدبابات توجهت الى شرق البلاد امس للانضمام الى المعركة. وأفيد أمس عن تبادل كثيف لاطلاق النار خلال عملية إنزال قامت بها القوات الأميركية على جبال شاهي كوت، فأصيب العديد من الجنود الأميركيين بجروح وفر آخرون، بحسبما افاد التلفزيون الباكستاني. وتتابعت الهجمات الأميركية والأفغانية الموالية لها بصعوبة بسبب رداءة الاحوال الجوية، فهبت عواصف رملية ورياح عاتية حالت دون قيام الطائرات الأميركية بطلعات منتظمة لقصف مواقع "طالبان" و"القاعدة". ويشعر القادة الافغان المتحالفون مع الاميركيين بالقلق من ان تستمر الثلوج والرياح الشديدة التي تجتاح ميدان المعركة، ما يحد من قدرة الدعم الجوي الاميركي، ويسمح لمقاتلي "القاعدة" و"طالبان" بالهرب. ففي غارديز تعذرت رؤية الجبال الواقعة على مشارف المدينة والتي تكسوها الثلوج وتغلفها سحب من الضباب. واعلن قائد هيئة اركان عمليات التحالف الدولي الكولونيل جو سميث من قاعدة باغرام في شمال كابول امس، عن وقوع مئات المقاتلين في تنظيم "القاعدة" في مكمن لقوات التحالف الدولي في جبال عرما، مرجحاً ان يكون بينهم قادة. واضاف خلال مؤتمر صحافي: "لديهم الخيار بين الاستسلام والقضاء عليهم. وجهنا ضربة قاسية للعدو. زعزعنا خطوطه الدفاعية. دمرنا بوضوح اكثر من نصف قواته وزعزعنا طرق تموينه". وتابع الكولونيل سميث قائلاً ان مسؤولين رفيعي المستوى في تنظيم "القاعدة" ربما يكونوا محاصرين في هذه الجبال في شرق افغانستان، رافضاً التعليق على احتمال وجود زعيم التنظيم اسامة بن لادن. واتاحت معلومات استقتها اجهزة التحالف الدولي تحديد اهداف "رفيعة المستوى" في صفوف المقاتلين الذين تراجعوا الى جبال عرما، بحسبما قال الكولونيل سميث. وقال قائد افغاني أن العملية العسكرية نجحت في حصار مقاتلي "القاعدة" وقطع خطوط الإمداد والتموين عنهم، مشيراً إلى أن القوات الأميركية تتوخى الحذر في اختيار أهدافها للتأكد من أنها لا تستهدف مدنيين. وواصلت حركة "طالبان" أمس حرب الإغراءات المالية التي بدأتها القوات الأميركية، فوزعت منشورات في مخيمات المهاجرين الأفغان وفي مناطق داخل أفغانستان تعد كل من يقتل أميركي بمكافأة قدرها عشرة آلاف دولار أميركي ومكافأة أخرى قدرها 200 ألف دولار لمن يقتل مسؤول أميركي كبير. وجدد أمس زعيم "طالبان" المحلي سيف الرحمن منصور دعوته إلى إعلان الجهاد مناشداً ما وصفه ب"الأمة الأفغانية المجاهدة والأمة الإسلامية جمعاء إلى مناصرة الشعب الأفغاني المحتل في هذه الأوقات العصيبة". ولبى الدعوة المئات من السكان المحليين اضافة الى بعض الباكستانيين الذين عبروا الحدود باتجاه الأراضي الأفغانية. وقال شهود أن مكبرات الصوت جابت المدن والبلدات الأفغانية في شرق البلاد، داعية إلى الجهاد ضد القوات الأميركية والأفغانية الموالية لها. وقال فيصل سلطاني المسؤول في استخبارات غارديز مسترجعاً خبرته كمقاتل في صفوف المجاهدين ضد القوات السوفياتية: "عندما يصبح الطقس على هذا النحو فانه يؤثر بالتأكيد على القرارات التي يتخذها الجنود على الارض". وقال سلطاني ان الاستخبارات لم تتلق رداً على المنشورات التي وزعت في الاونة الاخيرة وتعرض على السكان مكافآت في مقابل أي معلومات عن اعضاء "القاعدة". واضاف: "انهم محاصرون غير قادرين على الخروج من مخابئهم. وبصراحة نحن لا نتوقع رؤيتهم". حرب طويلة وتعهد تنظيم "القاعدة" بحرب طويلة الأمد ضد القوات الأميركية في افغانستان. وأكد ان الهجمات التي نفذتها عناصره ضد اهداف اميركية في الايام الاخيرة، "خُطط لها مسبقاً بصورة جيدة" وانها "لم تكن مجرد عمليات عابرة". وأصدر "مركز الدراسات والبحوث الاسلامية" بياناً أمس عنوانه: "أرض افغانستان تشتعل ناراً تحت أقدام الاميركيين وعملائهم"، قال فيه: "بعد أشهر من الهدوء النسبي الذي ظن معه الاميركيون وعملاؤهم ان الجو قد خلا لهم، وانهم احاطوا بالمجاهدين من كل جانب... ها هي ارض افغانستان تشتعل من جديد... وان مطار خوست الذي اتخذوه قاعدة لتدريب عملائهم تعرض لقذائف صاروخية واطلاق نار مكثف، وان وطيس الحرب حمي في المناطق القريبة من غارديز، حيث قتل عدد من جنودهم وجنود عملائهم المرتدين". يذكر ان ذلك المركز صار الجهة الوحيدة ذات الصلة الوثيقة بتنظيم "القاعدة" وحركة "طالبان" ونقل عنهما اخيراً بيانات ثبت صدقيتها. وأضاف البيان: "إن ما وقع خلال الايام الماضية لم يكن مجرد عمليات عابرة انما تمت بتخطيط مسبق وإعداد مستمر"، مشيراً الى "ان المجاهدين تمكنوا من صد هجوم واسع قامت به قوات اجنبية متعددة وقوات افغانية عميلة لها، ودارت معارك شرسة بين الطرفين مني خلالها الاميركيون وحلفاؤهم بخسائر فادحة في الارواح". وأكد البيان: "ان غالبية علماء المناطق التي تدور فيها الحرب وقفوا وقفة صادقة جادة، حيث افتوا بعدم جواز الصلاة على كل من يُقتل من العملاء الافغان في قتاله ضد المجاهدين، وكان لهذه الفتاوى صدى كبير ما دفع الكثير من عملاء أميركا الذين كانت تعول عليهم الى التخلي عنها والتلكؤ في الاستجابة لكل مطالبها والتردد في اقتحام مواقع المجاهدين". وكشف ان القائد الافغاني المعروف سيف الرحمن منصور التقى كثيراً من القادة الافغان الميدانيين الموجودين في مناطق متفرقة من افغانستان وخصوصاً المجاورة لولاية بكتيا، وذلك من اجل التنسيق واعادة ترتيب الصفوف "لشن هجمات مباغتة ومتفرقة على القوات الاميركية ولقي طرحه استجابة كثير من اولئك القادة وهو ما دفع بعضهم الى شن هجمات قوية على قوات الحكومة العميلة في لوغر".