أكّد قيادي إسلامي بارز ل"الحياة" أمس ان "أبو أنس الليبي" الذي راجت معلومات في الأيام الماضية عن اعتقاله في السودان، قُتل في أفغانستان. وتزامن ذلك مع إعلان وزير الداخلية السوداني اللواء عبدالرحيم محمد حسين ان بلاده تعتقل شخصاً يحمل إسم "أبو أنس"، لكنه مصري وليس ليبياً. وكانت "الحياة" كشفت ذلك أمس. ونقلت صحيفتان احداهما بريطانية والثانية أميركية، قبل أيام قليلة عن مسؤولين أميركيين ان "أبو أنس الليبي" مُعتقل في الخرطوم، وان مفاوضات تُجرى لتسليمه الى القاهرة. وتراجع مسؤولون أميركيون عن هذه الرواية بعدما نفت الخرطوم اعتقال الليبي الذي تتهمه واشنطن بالتورط بتفجير سفارتيها في شرق افريقيا في آب اغسطس 1998. وكشف قيادي إسلامي بارز ل"الحياة" أمس ان "أبو أنس الليبي قُتل، رحمه الله، في أفغانستان قبل 11 ايلول سبتمبر 2001". ولم يشر الى كيفية مقتله. وهذه هي المرة الأولى التي يُشار فيها الى مقتل "أبو أنس الليبي"، علماً ان القيادي الإسلامي ذكر انه "ُقتل قبل 11 سبتمبر"، مما يعني انه لم يسقط في الغارات الأميركية على أفغانستان والتي بدأت في تشرين الأول اكتوبر الماضي. ويفتح تاريخ مقتله الباب أمام احتمال سقوطه في المعارك التي خاضها العرب الموالون لحركة "طالبان" ضد المعارضة الشمالية الأفغانية التي كان يقودها أحمد شاه مسعود. ولم يتسن أمس الحصول على تعليق من "الجماعة الإسلامية المقاتلة" التي انتمى اليها "أبو أنس" واسمه الحقيقي نزيه عبدالحميد الراجي. وكان غادر مدينة مانشستر، شمال انكلترا، بعد فترة قصيرة على تفجير سفارتي أميركا في شرق افريقيا. وعندما دهمت أجهزة الأمن البريطانية منزله في 1998 عثرت على وثائق، أهمها موسوعة يستخدمها تنظيم "القاعدة" في تنفيذ عملياته. وكان الليبي يعيش لاجئاً سياسياً في بريطانيا، ويبدو ان الأميركيين لم يكتشفوا علاقته بتنظيم "القاعدة" سوى نهاية 1999 أو بداية 2000 عندما أخبرهم عضو سابق في التنظيم الذي يقوده أسامة بن لادن ان "أبو أنس الليبي" كان عضواً في فريق تولى مراقبة سفارات غربية، بينها سفارة الولاياتالمتحدة في نيروبي قبل سنوات من التفجير. وأضافت السلطات الأميركية فوراً اسمه الى لائحة المطلوبين في قضية تفجير السفارتين في كينيا وتنزانيا. ويُعرف عن الليبي وهو من مواليد طرابلس عام 1964، انه خبير في برمجة أجهزة الكومبيوتر، يحمل ندب جُرح في الجهة الشمالية من وجهه. وأكد وزير الداخلية السوداني أمس ان بلاده تعتقل "أبو أنس المصري" وليس "أبو أنس الليبي". وقال لصحيفة "اخبار اليوم": "المعتقل عندنا اسمه ابو انس في حين ان المطلوب عالمياً هو انس الليبي. وهو مصري الجنسية وليس خبير كومبيوتر ولا يمكن وصفه بأنه قيادي في اي مستوى في تنظيم القاعدة، إذ لم يكمل تعليمه الجامعي وعمره لا يتعدى 32 سنة". واضاف انه معتقل منذ رمضان الماضي، في اطار مراجعة وزارة الداخلية اقامات الاجانب الموجودين في السودان، واتضح انه دخل هذا البلد بطريقة غير مشروعة ولديه وثائق سفر سودانية مزورة عُثر معه على جنسيتين وجوازي سفر، وهذا هو بالتحديد الاتهام الموجه اليه، وبموجبه صدر حكم بسجنه اربع سنوات. وزاد الوزير ان السلطات المصرية طلبت تسلمه، بعدما تبيّن انها حاكمته غيابياً في قضية تتعلق بانتمائه الى أحد التنظيمات، واصدرت حكماً بسجنه 7 سنوات. ونفى ان تكون بلاده سلّمت مصر أو الولاياتالمتحدة "أي شخص حتى الآن". وقال وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان ان ليس في بلاده أعضاء في "القاعدة"، مجدداً التزام الخرطوم محاربة الارهاب. واتهم جهات لم يُسمّها بترويج "إشاعات وأكاذيب في حق السودان"، مؤكداً ان الاجهزة الأمنية تُراقب شركات أجنبية للتأكد من "عدم الإضرار بالمصلحة القومية".