أبدت دوائر رسمية مصري استياءها من إقدام أجهزة التحقيق الاميركية على تسريب معلومات عن اتجاهات التحقيق في كارثة طائرة شركة "مصر للطيران" التي سقطت قبالة السواحل الاميركية في 31 تشرين الأول اكتوبر العام 1999. وتتمسك القاهرة بان الطائرة سقطت لاسباب تقنية في حين ان التحقيقات الاميركية تلمح الى مسؤولية مساعد الطيار. نشرت صحيفة "لوس انجليس تايمز" الاميركية امس أن التقرير الفيديرالي النهائي عن تحطم الطائرة المدنية المصرية التابعة لشركة "مصر للطيران" في رحلتها الرقم 990 يفيد ان الطائرة سقطت ب"أفعال منهجية متعمدة من قبل مساعد الطيار المحنك" جمال البطوطي. ونقلت عن مصادر قريبة الى التحقيق ان التقرير الذي من المفترض أن يصدره مجلس سلامة الطيران المدني الاميركي في غضون أيام "سيغلق التحقيق في الكارثة التي اسفرت عن مقتل 217 شخصاً". وكشفت الصحيفة أن الأمر المحوري في نتائج التحقيق تمثل في "الأدلة الدامغة التي تضمنها الصندوقين الأسودين ضد مساعد الطيار جمال البطوطي بدعوى أن حياته العائلية والمهنية كانت تتهاوى في الأشهر السابقة للحادث". غير أن الصحيفة ذكرت أن ما يغفله التقرير "قد يكون أكثر إثارة للجدل بما في ذلك دوافع الانتحار، وحتى القتل"، ونقلت عن مصدر وثيق الصلة بنتائج التحقيق "ان ما لا يتحدث عنه التقرير هو الدافع، ولا يستخدم كلمات مثل التعمد"، "كما ضمن المصدر ألا يتم استخدام كلمة الانتحار". ونقلت الصحيفة عن مسؤول فيديرالي ان التقرير "سيتبنى توجهاً واضحاً محدداً وسيقول ببساطة إن مساعد الطيار فعل كذا وكذا، ولا يوجد مؤشر الى أن الكارثة نجمت عن خلل فني". لكن الدوائر الرسمية المصرية رفضت التعليق على المعلومات الواردة في الصحيفة الاميركية، وأشارت الى أن القاهرة لن تعلق بشكل رسمي الا على المعلومات التي تعلنها جهات التحقيق الرسمية الاميركية وليست تلك التي تنشر عبر وسائل الإعلام. وأشارت الى أن مجلس سلامة النقل الاميركية "كان اعتذر العام الماضي عن قيام المحققين بتسريب معلومات الى وسائل الإعلام الاميركية"، لكن المصادر المصرية لفتت الى أن المعلومات التي قدمها المحققون المصريون "اكدت أن الطائرة سقطت لأسباب فنية لم يكن للطاقم دخل فيها". وأوضحت المصادر أن المسؤولين المصريين سلموا جهات التحقيق الأميركية وثائق تثبت وجود خلل في الطائرة، وهي من طراز "بوينغ - 667"، خصوصاً في نظام التحكم والذيل يرجح أن يكون سبباً في الكارثة. وأشار بعض التقارير الى مشاكل في اجهزة الرفع بمجموعة الذيل والتي تتحكم في الحركة الى أعلى وإلى أسفل في بعض الطائرات من طراز "بوينغ - 767" وأظهرت التسجيلات الصوتية لكابينة القيادة، بعد استعادتها من أعماق المحيط، ان البطوطي كان وحده في كابينة القيادة عندما بدأت الطائرة رحلة سقوطها المروع، وانه ردد عبار "توكلت على الله" مرات عدة، في الوقت الذي كانت فيه الطائرة تهوي الى المحيط. وجرى آخر اتصال مع الطائرة قبل ثلاث دقائق من سقوطها في شأن اجراءات حركة الطيران، ولم يكن هناك ما يشير الى أي مشكلة على متنها. وكان المحققون المصريون طلبوا من الازهر تقديم تفسير فقهي لعبارة "توكلت على الله"، وبالفعل سلم ذلك التفسير إلى جهات التحقيق الاميركية. واعتبرت رابطة الطيارين المصريين أن اصرار جهات التحقيق الاميركية على تحميل مسؤولية الكارثة للبطوطي يعود الى اسباب سياسية واقتصادية. واشارت مصادر في الرابطة امس الى أن واشنطن "تخشى تأثر شركة بوينغ مادياً في حال الاعلان عن خلل فني ادى الى سقوط الطائرة". وينتظر أن يعقد وزير الطيران المدني الجديد السيد أحمد شفيق اجتماعاً في غضون أيام مع رئيس شركة "مصر للطيران" وفريق المحققين المصريين لدراسة التقرير الأميركي، الا أن مصادر رسمية أكدت أن القاهرة لن تصدر أي رد فعل رسمي إلا بعد إعلان واشنطن بصورة رسمية النتائج النهائية للتحقيق.