يعقد خبراء مصريون وأميركيون اجتماعاً في واشنطن اليوم للبحث في الجوانب الفنية التي لم تستكمل في "تقرير الحقائق" الخاص بكارثة طائرة شركة "مصر للطيران" التي سقطت قبالة السواحل الشرقية الاميركية نهاية تشرين الأول اكتوبر الماضي. وعلمت "الحياة" أن الجانب المصري سيطلب ضرورة ضم تقارير أجهزة الرادارات العسكرية الأميركية التي تغطي المنطقة التي سقطت فيها الطائرة، وسيشدد على ضرورة انتشال اثنين من روافع ذيل الطائرة ما زالا في قاع المحيط. وكان "مجلس سلامة النقل الاميركي" أعلن الجمعة الماضي "تقرير الحقائق" من دون أي تحليل للمعلومات الواردة فيه، مما أثار حفيظة الجانب المصري الذي اعترض أيضاً على تضمين التقرير وثيقة صادرة عن "مكتب التحقيقات الفيديرالي" الاميركي "اف. بي. اي" حول السلوك الشخصي لمساعد قائد الطائرة جميل البطوطي زعمت أن تحقيقات أجريت حول إقدامه على تعرية نفسه في الفندق الذي يقيم فيه موظفو "مصر للطيران" في نيويورك وملاحقته النساء في ردهات الفندق. وكانت وسائل إعلام اميركية روجت معلومات عن إقدام البطوطي على اسقاط الطائرة عمداً استناداً الى عبارة "توكلت على الله" التي رددها 11 مرة قبل سقوط الطائرة. واعترضت مصر على هذه التسريبات، الأمر الذي دفع برئيس "مجلس سلامة النقل الاميركي" جيم هول الى الاعتذار وطلب التحقيق في الموضوع. وفيما عقدت رابطة الطيارين في الشركة المصرية وأسر الضحايا من افراد الطاقم مؤتمراً صحافياً مساء أول من امس لاستنكار محاولة الصاق تهمة إسقاط الطائرة بالبطوطي، أصدرت "مصر للطيران" بياناً أمس علقت فيه على ما ورد في نشرة "هيئة الطيران الفيديرالية" الاميركية من "إمكان وجود عطل في نظام التحكم في روافع طائرات بوينغ قد يؤدي الى حادث جسيم أو كارثة". واعتبر البيان أن "التطور الأخير يدعم وجهة النظر المصرية، من أن مثل ذلك العطل قد يكون السبب في سقوط طائرة الشركة قبالة السواحل الاميركية". ولفت إلى أن الهيئة الأميركية "كانت قامت بالاشتراك مع شركة بوينغ باجراء دراسة مشتركة حول هذا العطل"، وأوضح البيان أنه "تم كشف 11 حالة مشابهة على الأقل تعرضت فيها انظمة التحكم في طائرات بوينغ من طراز 767 لأعطال مماثلة لتلك التي حذرت منها الهيئة الاميركية"، مشيراً الى أن الفحص تم بناء على خطاب أرسله في 4 حزيران يونيو الماضي رئيس "هيئة الطيران المدني" المصرية السيد عبدالفتاح كاطو الى رئيس الهيئة الاميركية وأن بوينغ كانت اصدرت بداية تموز يوليو الماضي نشرة إرشاد إلى جميع مستخدمي هذا الطراز لإخطارهم باجراء الدراسات والاختبارات اللازمة وأنها في صدد إصدار توجيهات في هذا الشأن. وذكر بيان شركة "مصر للطيران" أن فريق التحقيق التابع لها "حاول اقناع مجلس هيئة سلامة النقل لمدة تسعة شهور بوجود مشكلة في تصميم نظام التحكم ووجوب اجراء الدراسات اللازمة، ولكن من دون أي استجابة حقيقية من جهات التحقيق في الولاياتالمتحدة". وأشار الى أن المحققين المصريين "كشفوا أثناء فحص أجزاء نظام التحكم وجود دلائل تشير الى امكان حدوث العطل المشار اليه في النشرة الاميركية ما يؤدي الى سقوط الطائرة بنفس كيفية حادث البوينغ المصرية". وساد المؤتمر الصحافي لرابطة الطيارين المصرية وأسر الضحايا من أفراد الطاقم غضب شديد من "التصرفات الاميركية". واستنكر المشاركون "الإدعاءات الكاذبة التي روجها الإعلام الاميركي بغرض التأثير على اتجاهات التحقيقات حول اسباب الكارثة". وطالبوا بضرورة "أن تركز جهات التحقيق في الأسباب الحقيقية المدعمة بدلائل وبراهين حول سقوط الطائرة وعدم تسريب معلومات مغرضة تسيء الى أرواح الطيارين الشهداء الذين بذلوا أقصى جهدهم للتعامل بكفاءة مع حال الطوارئ التي واجهت الطائرة لحظة الحادث". وقال السيد وليد البطوطي ابن شقيق جميل البطوطي إن "عمه يتمتع بأخلاق حميدة ولا يمكن أن تصدر عنه أي أفعال غير أخلاقية"، مؤكداً أن كل ما أثير "محاولات لإثبات النظرية التي اطلقوها بعد الحادث مباشرة من أن البطوطي وراء سقوط الطائرة بانتحاره وعندما لم يجدوا دلائل على الإدعاء روجوا إشاعات غير صحيحة سُرّبت بمعرفة لجان التحقيق للإعلام الاميركي مدعية أنه قام بتحرشات جنسية". وأشار الى أن الأسرة قررت رفع دعوى قضائية ضد وسائل الإعلام الاميركية التي قامت بالتشهير ضد جميل البطوطي. وأعرب رئيس رابطة الطيارين السيد وليد مراد عن أسفه ل"عدم تركيز جهات التحقيق على الأسباب الحقيقية للحادث واللجوء منذ البداية على تعليق الاتهام الى العنصر البشري المتمثل في الطيارين المصريين"، لافتاً الى أن الاميركيين "حاولوا في البداية إلصاق التهمة بالطيار أحمد حبشي ثم الطيار عادل أنور". واضاف: "بعد ذلك زعموا بنظرية الانتحار للبطوطي. وعندما تم تكذيب هذه الإدعاءات فوجئنا بالاتهام الجديد بالتحرش الجنسي وهو أمر ليس من طبيعة الكابتن البطوطي الذي حج بيت الله الحرام أكثر من مرة". وحلل مراد البيانات الواردة في تقرير الحقائق لحظة وقوع الحادث، واعتبر أن الطيارين المصريين "تعاملوا مع الظروف التي واجهت الطائرة بكفاءة"، وأنهم "لم يتعمدوا اسقاط الطائرة سواء بالانتحار أو لأي أسباب أخرى طارئة بل حاولوا بكل الطرق انقاذها من الهاوية". وشدد على ضرورة الاطلاع على الصور الرادارية التي توضح حالة الطائرة لحظة السقوط "والتي من خلالها يمكن معرفة ما إذا كانت الطائرة انفجرت بفعل صاروخ أو لأي سبب آخر". وتحدث سكرتير رابطة الطيارين السيد علي مراد معتبراً أن التناقض "كان سمة تصرفات لجان التحقيق منذ البداية". وأعلن المستشار عصمت عبدالرحيم محامي اسرة البطوطي أنه سيرفع دعوى أمام القضاء المصري ضد وسائل الإعلام الاميركية التي شهّرت بسمعة البطوطي مطالباً بتعويض قيمته 30 مليون دولار.