لا يزال "غسل القلوب" بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري ساري المفعول كما ظهر خلال الجلسة النيابية التي عقدت اول من امس. وأظهرت ايضاً ان رئىس المجلس النيابي نبيه بري ليس متضرراً او متضايقاً من التفاهم بين الرئاستين الاولى والثالثة، بعدما كان لعب ليل الاربعاء الماضي دوراً ايجابياً، وبتشجيع سوري، مهد للاتفاق على ملف الهاتف الخلوي الذي تبناه مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة الخميس الماضي، بعد ان ظهرت خلافات في شأنه بين وزير الاتصالات جان لوي قرداحي وفريق الحريري. فالجلسة النيابية اقرت الاجازة للحكومة الاستدانة بمبلغ 7 بلايين دولار، مع تعديلات جزئية في نص المشروع والاستعاضة عن الاعفاءات الكهربائية والمائية بإلغاء الغرامات على الفواتير وتقسيطها لمدة ست سنوات بدءاً من عام 1995، كما افسحت المجال للحريري للرد على انتقادات النواب انطلاقاً من تفاهمه مع لحود على ملف الخلوي. واعتبرت مصادر وزارية تأكيد الحريري تفاهمه مع لحود رسالة الى الذين سعوا لاظهار لحود على انه يدافع عن اتفاق الخلوي وحيداً من جهة، والتشديد على عمق هذا التفاهم من جهة ثانية. وقد اتاح له بري الكلام في بداية الجلسة في شكل ينفي ما اشيع عن انه غير راضٍ عن توافق رئىسي الجمهورية والحكومة. ونُقل عن الحريري قوله ان "بعض المعارضة ومعها الفريق المتضرر من تفاهمي مع لحود، لجآ في الجلسة الى استخدام كل الاسلحة لفتح ثغرة في العلاقة الثنائىة من اجل ضربها، لكنهما اكتشفا عجزهما عن افساد هذه العلاقة". ولفت الى ان المتضررين حاولوا الافادة من مواقف بعض الوزراء الذين قدموا لهم ذرائع، ل"القصف" على الحكومة لكنهم اخفقوا ايضاً في ذلك. وأشار الى ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لم يكن في عداد المتضررين. ونقلت المصادر الوزارية عن الحريري اشارته الى ان "معارضة بعض نواب اللقاء الديموقراطي بزعامة جنبلاط الاجازة للحكومة الاستدانة في مقابل تأييد البعض الآخر لها جاءت لتؤكد ان رئىس التقدمي ليس في وارد الانضمام الى المتضررين، خصوصاً ان اجتماعاته الاخيرة مع الحريري اسهمت في طمأنته الى ان غسل القلوب لن يكون على حسابه". وأوضحت ان تناغم بري مع الحريري في الجلسة كان وراء اضعاف مقدرة المتضررين على إعاقة التصديق على مشاريع القوانين المحالة من الحكومة، مشيرة ايضاً الى اهمية الرعاية السورية للتفاهم بين رئيسي الجمهورية والحكومة اذ ان دمشق المستمرة في رفض التدخل في التفاصيل الداخلية، لن توفر في المقابل جهداً للحفاظ على اجواء الوفاق في حال توافرت لديها معلومات عن امكان تعريض غسل القلوب الى اي انتكاسة. وأشارت المصادر الى ان لحود والحريري "اتخذا قرارهما بالتفاهم وعدم العودة الى الوراء، وان الحملات التي استهدفتهما بفعل اتفاقهما على ملف الخلوي، دليل على صمود هذا التفاهم". وأكدت ان السلطة التنفيذية مجتمعة مستفيدة من التفاهم الرئاسي الذي ينطلق من التعاون مع السلطة التشريعية. ودعت الى اجراء مقارنة بين ما كانت عليه العلاقات الرئاسية من احتقان اثناء عقد القمة العربية، وبين الاجواء الايجابية التي سيطرت على الفرنكوفونية، التي انعكست لاحقاً في تماسك اركان الدولة والانجاز الذي تحقق في "باريس -2" بفضله اضافة الى الدعم الفرنسي والمساندة السورية. ولفتت مصادر مقربة من الحريري الى ان عهد لحود سيحفل بانجازات جديدة خلافاً لكل التقديرات التي كانت تتوقع العكس، بفعل الاستقرار السياسي، خصوصاً انه نجح بتحرير جنوبلبنان من الاحتلال الاسرائىلي وسينجح لاحقاً في نقل الوضع الاقتصادي من سكة التأزم الى سكة الانفراج، حيث سيشهد عهده انحسار العجز في الموازنة، كما سيظهر في اي مشروع تتقدم به اي حكومة من المجلس النيابي في ايلول سبتمبر 2005 هذا اذا لم تحمل موازنة العام 2006 فائضاً ولو رمزياً.