أنقرة - "الحياة" - لا خلاف في تركيا على ان الانتخابات العامة التي شهدتها البلاد في الثالث من تشرين الثاني نوفمبر الماضي، كانت نقطة تحوّل مهمة ولعلها الأهم، في تاريخ الجمهورية منذ قيامها عام 1923. واعتبر وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة وانفراده بها بناءً على نتيجة الانتخابات وقبول المؤسسة العسكرية العلمانية النتيجة، محاولة لإجراء مصالحة بين المؤسسة العلمانية والمتدينين دفعت اليها الحاجة الى حكومة مستقرة تنقذ تركيا من أزمة اقتصادية وقعت فيها عام 2001. وخير شاهد على ذلك، اعلان حزب العدالة والتنمية رجب طيب اردوغان ان حزبه ليس اسلامياً بل ديموقراطياً محافظاً، وتأكيده على أن هذه الصيغة هي التوفيقية المطلوبة لإثبات تعايش الإسلام مع الديموقراطية في العالم، واعداً بأن يحوّل حزبه تركيا الى نموذج يحتذى به في العالم الإسلامي. وبقدر ما كان وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة حدثاً مهماً، فإن تساقط الزعامات السياسية التي خسرت الانتخابات وخرجت من البرلمان، كان على ذات القدر من الأهمية. فاعتزال اقطاب مثل تانسو تشيلر ومسعود يلماز وبولند اجاويد جسّد نهاية عهد سياسي بكامله. ولعل حزب العدالة والتنمية كان مديناً بصعوده لطموحات بعض السياسيين الزائدة عن الحد في حزب اليسار الديموقراطي والتي ظهرت إثر مرض رئيس الوزراء السابق وزعيم الحزب اجاويد في تموز يوليو الماضي، إذ دفعت هذه الطموحات أبرز المحيطين بأجاويد الى الانفصال عنه وتشكل حزب سياسي لم يحصل في الانتخابات على أكثر من واحد في المئة. كذلك شهد عام 2002 سباقاً جديّاً ومحموماً للوصول الى حل للقضية القبرصية، إذ التقى الزعيمان القبرصيان: التركي رؤوف دنكطاش واليوناني غلافكوس كليريدس أكثر من 60 مرة في الجزيرة بإشراف الأممالمتحدة. وكاد الطرفان ان يتوصلا الى حل مبدئي خلال القمة الأوروبية في كوبنهاغن لولا اعتراض الجانب التركي على بعض ما جاء في مسودة الحل من نقاط، ليؤجل البت في هذا النزاع الى السنة المقبلة. ولعل عام 2002 وفر لتركيا فرصة لبدء مشروع تحوّل سياسي شامل، يبقى الرهان فيه مفتوحاً على قدرة حزب العدالة والتنمية على تحقيق هذا التحول بنجاح خلال عام 2003، ضمن ما تواجهه تركيا من تحديات داخلية وخارجية.