جددت مكاتب استقدام العمالة الاهلية في السعودية معارضتها للاندماج تحت مظلة شركة واحدة تتولى عملية الاستقدام الى البلاد. وتسعى السعودية الى تنظيم سوق العمل في البلاد وجاءت فكرة تأسيس شركة استقدام مساهمة بين مكاتب الاستقدام الحالية في هذا الاطار، اذ يأمل المسؤولون السعوديون الذين يدعمون هذا التوجه ان يكون لها اثر ملموس في تنظيم هذه السوق وان يؤدي وجودها الى تفعيل قطاع تأجير العمالة والقضاء على المخالفات في هذا القطاع، مثل حالات التسيب والهروب. ولضمان تحقيق هذه النتائج تم تشكيل فريق عمل مكلف لمتابعة الدراسة واصدار التوصيات للشركة المقترحة. قال عاملون في مجال الاستقدام ل"الحياة" ان الشركة من شأنها ان تقتل روح المنافسة بين المكاتب التي يتجاوز عددها 440 مكتباً، منها نحو 58 مكتباً مرخصاً في شرق السعودية. واضافوا ان الوجه الآخر لاعتراضهم على تأسيس الشركة يتلخص في ان هناك مكاتب تتمتع بسمعة حسنة حققتها على مدى الأعوام الماضية وتستقدم شهرياً حوالى 150 مستقدماً، بينما مكاتب اخرى لا يتعدى عدد مستقدميها 10 مستقدمين فقط، ما يشكل توازناً في غير محله بالنسبة لهذه المكاتب. وقال احمد عزب وهو من العاملين في مجال الاستقدام ان هذه المكاتب هي مصدر رزق للكثير من السعوديين، سواء العاملين فيها او من تربطهم بها علاقات عمل مثل مؤسسات التعقيب والتي يعمل بها سعوديون ايضاً، ما يهدد بإلغاء وظائفهم. وحذر عزب من تشكل سوق سوداء نتيجة تأسيس هذه الشركة. وذكر ان طلبات الاستقدام لدى الشركة لن تقل عن 500 تأشيرة او اكثر وبالتالي فمن يرفض العمل سيتم تحويله الى عميل آخر، ما يفاقم مشاكل الخدم في السعودية التي تعج بها مكاتب الاستقدام. وقال المستشار القانوني جاسم العطية ان تأسيس شركة استقدام موحدة في السعودية لن يخدم المواطنين بالشكل المتوقع طالما ان نظام الاستقدام لا يرتقي لحجم القضية. وشدد على ان الشركة، في حال تأسيسها، او المكاتب الاهلية اذا استمرت يجب ان تخدم النظام وليس العكس، موضحاً ان النظام يجب ان يعتمد عليه تماماً في العقد الذي سيربط بين الطرفين. وزاد ان العقود من الامور المهمة في هذا الشأن، مشيراً الى العقد الموحد الذي طبق منذ فترة بين المكاتب والطرف الذي يرغب في الاستقدام. وقال "ان احد بنود العقد يلزم الخادمة بدفع تكاليف سفرها في حال رفضها للعمل... ولكن لم يوضح العقد من أين تأتي الخادمة بالمال اللازم". ويرى مراقبون لنشاط الاستقدام ان المكاتب الاهلية كانت سبباً مباشراً في دفع الجهات المختصة الى ايجاد بدائل لتنظيم هذه السوق، الى جانب انه لا توجد انظمة رادعة بحق المخالفين. وقالوا ان الرقابة مفقودة على مكاتب الاستقدام، ما كان سبباً مباشراً في اهدار الكثير من اموال المواطنين الذين يتعرضون للماطلة من قبل بعض المكاتب في عمليات الاستقدام. وذكر احدهم: "لم نسمع حتى الان عن اغلاق مكتب استقدام بسبب التلاعب على المواطنين". واضاف ان هناك مكتب، على سبيل المثال، حصل على رسوم استقدام 20 خادمة قبل ان يتوفى صاحبه قبل ثمانية شهور ولا يزال طالبو الاستقدام يحاولون تحصيل حقوقهم. واشار الى ان أعمال الاستقدام غير المرخص تنتشر بشكل واضح، ذاكراً على سبيل المثال انه اذا كان في شرق السعودية نحو 58 مكتب استقدام مرخص فهناك نحو ضعفي هذه المكاتب يعمل في مجال الخدمات العامة من دون تراخيص استقدام ويقوم بالاستقدام بعد استئجار الترخيص من شركات مرخص لها رسمياً مقابل مبلغ يتفق عليه بين الطرفين ويراوح ما بين أربعة وخمسة آلاف ريال 1066 - 1333 دولاراً شهرياً. ويكلف اصدار ترخيص رسمي في السعودية لمزاولة نشاط الاستقدام مبلغ 300 الف ريال 80 الف دولار يتم ايداعها كتأمين، ما اوجد سوقاً رائجة لتأجير التراخيص. ويؤخذ على مكاتب الاستقدام سعيها الى الكسب السريع واستقدام عمالة غير مدربة تفتقد الى لغة التخاطب، في وقت تحتاج فيه البلاد عمالة تمتلك مهارة عالية وبمواصفات جيدة لتتوافق مع المرحلة التي تعيشها السعودية، ما حول الكثير من العمالة المتواجدة فيها الى عبء ثقيل ضاعف من مسؤولياتها. وتقدر نسبة العمالة غير المؤهلة في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 80 في المئة، بينما تبلغ نسبة الحاصلين على الشهادة الثانوية بنحو 15 في المئة مقابل خمسة في المئة فقط لديهم شهادات جامعية وما فوق، فيما يفتقد الكثير منهم للغة التخاطب بل يتحدثون لهجات تختلف عن اللغة الام في بلادهم تماماً. يشار الى ان عدد العمال الاجانب في السعودية بكل فئاتهم يراوح بين ستة وسبعة ملايين عامل، منهم ما بين 20 و25 في المئة عمالة منزلية كسائقين وخادمات، معظمهم من دول شرق آسيا والهند وبنغلادش. واصبحت العمالة المنزلية النشاط الرئيسي لمعظم مكاتب الاستقدام، مع تزايد الطلب عليها، اثر ارتفاع عدد العاملات السعوديات في القطاعين العام والخاص، وقلة وجود بدائل المواصلات لهن، او بدائل لرعاية الاطفال اثناء غيابهن. وترواح كلفة استقدام العامل المنزلي بين الف و2500 دولار، بما فيها رسوم التأشيرة التي تبلغ الفي ريال 533 دولاراً، فيما تراوح اجور العمالة المنزلية بين 200 و400 دولار شهرياً تبعاً للجنسية وطبيعة العمل.