يترقب المواطنون حلولا جذرية لحل أزمة العمالة المنزلية من خادمات وسائقين، خاصة بعد أن بدأت وزارة العمل تنفيذ لائحة شركات الاستقدام وتنظيم استقدام العمالة للغير وتقديم الخدمات العمالية. ولن يكون هناك حديث عن تأجير الخادمات حتى يتم تأسيس هذه الشركات التي حددت لها فرصة زمنية تبلغ 6 أشهر لكي تكون موجودة على أرض الواقع. وما زال الكثير من المواطنين يعانون من إيقاف استقدام العمالة المنزلية من بعض الدول الآسيوية، أدى إلى حدوث مشاكل بين الخادمات وأرباب عملهن بسبب طلب الخادمات رفع مرتباتهن، أو الهروب من المنازل مما خلق بيئة لسوق سوداء انتشرت مؤخرا يصل فيها مرتب الخادمة إلى 3 آلاف ريال. وكانت وزارة العمل بدأت أمس العمل بلائحة شركات الاستقدام وتنظيم استقدام العمالة للغير وتقديم الخدمات العمالية. وتنص اللائحة على أن يكون من بين المؤسسين لشركة الاستقدام خمسة على الأقل من مكاتب الاستقدام القائمة حالياً وألا يقل رأس مال الشركة طالبة الترخيص المدفوع عن 50 مليون ريال في حال الترخيص لها بممارسة نشاطي التوسط في استقدام العمالة وتقديم الخدمات العمالية المنزلية، و100 مليون ريال في حال الترخيص لها بممارسة نشاطي التوسط في استقدام العمالة وتقديم الخدمات العمالية المنزلية والعمالة للقطاع العام والقطاع الخاص معا. وذكرت الوزارة في بيان أمس أن من بين الشروط التي يجب توافرها أن تكون الأولوية بتأسيس شركات الاستقدام لأصحاب مكاتب الاستقدام المرخص لها حالياً ومن ثم عليهم التقدم بطلب تأسيس شركات استقدام للوزارة خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ إنفاذ هذه اللائحة التي تنص على أنه إذا أسس أصحاب مكاتب الاستقدام خلال مدة الستة الأشهر خمس شركات استقدام على الأقل يكون تأسيس شركات الاستقدام بعد هذه المدة قاصراً على أصحاب مكاتب الاستقدام على أن يكون ذلك وفقاً للشروط والضوابط الواردة في اللائحة. وأكدت وزارة العمل أنه إذا لم يكتمل تأسيس خمس شركات على الأقل خلال المدة المحددة فسيكون طلب تأسيس شركات الاستقدام متاحاً لجميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين من مكاتب الاستقدام أو غيرهم على أن يكون ذلك وفقاً للشروط والضوابط الواردة في هذه اللائحة. وتباشر شركة الاستقدام نشاطها خلال مدة أقصاها سنة من تاريخ حصولها على الترخيص، ويجوز لوزارة العمل إذا توافرت أسباب مقنعة تمديد هذه المدة ستة أشهر أخرى بقرار من الوزير، وفي هذه الحالة تحصل كل شركة تم تأسيسها وفقاً لبنود اللائحة على 1000 تأشيرة مقابل كل مكتب استقدام يشارك في تأسيس الشركة إذا رغبت بذلك بشرط أن يتم إلغاء ترخيص المكتب فيما يحق لشركة الاستقدام نقل العمالة المسجلة باسم مكتب الاستقدام الذي يشترك في تأسيس الشركة دون تحمل رسوم نقل الخدمة شريطة إلغاء ترخيص المكتب وتكون مدة الترخيص لشركة الاستقدام عشر سنوات هجرية قابلة للتجديد. تأجير الخادمات من جهته، أكد وكيل وزارة العمل المساعد للعمالة الوافدة هاشم راجح في تصريحات إلى "الوطن" أن طرح شركات الاستقدام البالغ عددها 5 شركات سيجد حلولا إيجابية لحل أزمة العمالة من خادمات وسائقين. وشدد على أن الشروط التي تطلبها هذه الشركات ستكون مناسبة للأسر كافة، حيث لن تتجاوز رواتب العمالة التي تقدمها 1200 ريال شهريا، مع توفير الضمان الصحي. وقال "هناك فرصة لمكاتب الاستقدام الأهلية بالمملكة مدتها 6 أشهر لإنشاء شركات الاستقدام عبر اتحاد 5 شركات متخصصة في هذا المجال على أقل تقدير، ليتاح بعد ذلك المجال لرجال الأعمال في افتتاح شركات تأجير خدمات العمالة الوافدة للأسر الراغبة. اكتتاب من جانبه، كشف عضو اللجنة الوطنية للاستقدام وليد السويدان أنه يحق لشركات الاستقدام بعد تشغيلها أن تطرح أسهمها للاكتتاب العام، مؤكداً أن شركات الاستقدام ستقدم للمواطنين خدمات أفضل من حيث توفير العمالة المنزلية في اللحظة وعدم انتظار العملاء لفترات أطول كما هو متبع في مكاتب الاستقدام. وأشار السويدان الذي تحدث إلى "الوطن" بصفته مستثمرا في مجال الاستقدام أمس إلى أن مكاتب الاستقدام تمنح المستقدمين مدة ثلاثة أشهر لتجربة العاملة المنزلية ولا تحق لهم مطالبة المكتب باستبدال العاملة بعد مدة التجربة، إلا أن شركات الاستقدام ستمنح العملاء حق استبدال العمالة في حال لم تعجبهم في أي وقت يشاؤون، معتبراً ذلك ميزة للشركات لخدمة العملاء. وبيّن السويدان أن شركات الاستقدام لن تلغي المكاتب، ولكنها ستحد من عملها، وذلك لسبب واحد أن شركات الاستقدام ستقدم العمالة المنزلية للعملاء لحظة طلبهم لها، أما من يتوجه إلى مكاتب الاستقدام لطلب عمالته المنزلية فعليه الانتظار كما هو متبع، مضيفاً: أن العملاء هم الذين سيحددون طريق جلب عمالتهم المنزلية إما باستقدام وجلب عمالتهم بأسمائهم أو عن طريق الاستئجار من شركات الاستقدام. وطالب السويدان أصحاب شركات الاستقدام بعد إنشائها وتشغيلها بتوحيد الأسعار وعدم المغالاة في التأجير، وتوقع أن تكون أسعار التأجير في حدود 1500 ريال في الشهر، مشيرا إلى أن مدة التأجير سيحددها العملاء بأنفسهم إما أن تكون بالساعة أو الأسبوع أو الشهر. سوق سوداء إلى ذلك، أدى قرار إيقاف استقدام العمالة المنزلية من إندونيسيا والفلبين إلى تمرد بعض الخادمات اللاتي يعملن في المنازل بصورة نظامية، رافعات شعار "ما في غيرنا، وأسعارنا ارتفعت"، واضعات بذلك كفلائهن في حرج شديد بين رفع مرتباتهن أو البحث عنهن في السوق السوداء التي تصل مرتبات خادماتها إلى 3 آلاف ريال. عدد كبير من الأسر رضخ لمطالب الخادمات لمواجهة تمرد الخادمات، ووصل الطرفان إلى تسويات مرضية، في حين اضطر آخرون إلى البحث عن خادماتهم اللاتي غادرن المنازل فجأة، أمام رفض زيادة أجورهن. واختلفت أساليب التمرد التي ابتكرتها الخادمات بين رفض العمل، واختلاق المشاكل بحثا عن سماسرة التشغيل، مما دفع بعض السيدات داخل المنازل إلى إعلان حالة الطوارئ بحثا عن بديل قبل حلول شهر رمضان. وقالت غادة بارجاش (ربة منزل): إنها واجهت غضب الخادمة، بعد إعلانها التمرد على أفراد الأسرة، وعدم القيام بأي عمل قبل زيادة أجرها الشهري، مشيرة إلى أن خادمتها الإندونيسية أبلغتها بإيقاف الاستقدام، وأنه على الأسرة إما الإبقاء عليها أو الخضوع لمطالبها أو منحها تأشيرة خروج نهائي، أو أنها ستضطر إلى الهروب. وأضافت "لم يكن أمامنا سوى الخضوع لمطالبها، ورفع أجرها إلى مبلغ 1800 ريال، لكن دون جدوى، حيث هربت من المنزل بتخطيط مسبق مع سائق خاص من بني جلدتها". وأوضحت أنها أصبحت تبحث عن سماسرة الخادمات قبل دخول شهر رمضان، وأنها فوجئت بضرورة الحجز المسبق لدى السمسار، مشترطا راتبا شهريا قدره 3 آلاف ريال. وأكدت أن جولتها للبحث عن خادمة كشفت أن أسعارهن لا تقل عن 2800 ريال، إضافة إلى مبلغ السمسار أو الوسيط الذي يبلغ 600 ريال، بعد أن كان يتقاضى في السابق 100 ريال فقط. من جانبها قالت المعلمة فاطمة البلوي: إنها واجهت تمرد خادمتها برفض زيادة أجرها إلى 2700 ريال، مما دفعها إلى الهروب بحثا عن أجر مرتفع، وأنها تمنت لو أنها وافقت خادمتها بزيادة أجرها، كونها أصبحت تواجه استغلال وشروط السماسرة، وأسعارهم التي وصفتها ب"التعجيزية". من جانبه، ذكر صاحب مكتب استقدام، عضو في لجنة الاستقدام في غرفة جدة سمير عيد أن لجنة الاستقدام في غرفة جدة تعمل على تقريب وجهات النظر بين الاتحادات خارج البلاد وشركات الاستقدام في الدول الآسيوية. وأضاف "الشركات الأجنبية في الدول التي يتم الاستقدام منها تستغل مكاتب الاستقدام داخل السعودية بفرض شروطها، ورفع أسعار استقدام الخادمات"، مؤكدا أن لجوء العديد من الأسر إلى سماسرة الخادمات يسمح لهؤلاء بفرض شروطهم على الأسر، وأن هذه من التصرفات السلبية التي قد تساهم في نشر الظاهرة، متهما الأسر بالمساعدة في إيجاد العمالة المخالفة متى ما تعاملت بهذه الطريقة. معدلات الجريمة إلى ذلك، أكد الباحث في علم الجريمة والعقوبة الدكتور مضواح آل مضواح، وجود العمالة المخالفة، وأن انتشار الخادمات العاملات على غير كفالة لدى كثير من الأسر قد يكون سببا في زيادة نسبة الجريمة، وأنه لا بد من وضع حلول جذرية للقضاء على هذه الظاهرة، مثل تفعيل شركات الاستقدام التي تؤجر العمالة للاستفادة من خدمتها وتحدد رواتبها. أما المتحدث الرسمي لجوازات منطقة مكةالمكرمة الرائد محمد الحسين فأكد في تصريحات إلى "الوطن" أن إدارته وضعت خطة لرصد منازل المخالفين من الخادمات والسائقين لتفتيشها والقبض عليهم في كل من جدةومكة والطائف، إنفاذا لتوجيه مدير عام الجوازات، وذلك عبر حملات مكثفة قبل شهر رمضان. وأكد أن دوريات الجوازات وفرق البحث تتلقى بلاغات عن وجود سماسرة في تشغيل الخادمات بأسعار مرتفعة، خاصة قبيل شهر رمضان، وأنه يتم التنسيق مع فرق البحث والتحري للقبض على هؤلاء السماسرة الذين ينشطون في إيجاد فرص عمل للخادمات الهاربات من أرباب أعمالهن.