تدرس الهيئة العامة للمجلس النيابي اللبناني اليوم الاقتراح النيابي المقدّم من عدد من النواب بإعفاء متأخرات رسوم المياه والكهرباء من عام 1990 الى عام 2001. وكان هذا الاقتراح أثار تحفظات الهيئات الاقتصادية وخبراء اقتصاديين في لبنان كونه يحرم المؤسسات المعنية من واردات هي بأمس الحاجة إليها، خصوصاً "مؤسسة كهرباء لبنان" التي تحاول إدارتها الجديدة انتشالها من العجز، الذي هدّد لعام خلا استمرارها وخفّض تخمينها في عملية تخصيصها. وقد حصّلت المؤسسة، وفق احصاءات حديثة، نحو أربعة بلايين ليرة لبنانية في الأشهر القليلة الماضية، فضلاً عن تنظيم حملة تركيب عدادات للمشتركين للحد من التعليق على الشبكة وسرقة التيار والإهدار. وترى الهيئات والخبراء هذا الاقتراح "غير منطقي"، في ظل حاجة الدولة الى الأموال، وهي التي ذهبت الى "باريس -2" لتأمين ما يقلّص حجم المديونية المرتفعة، وكونه يحرم مؤسسة الكهرباء من مبلغ 300 بليون ليرة، في حين انها ما زالت ترزح تحت ثقل الديون المتراكمة، فضلاً عن تأثيره السلبي في عملية تخصيصها المتوقعة مطلع السنة المقبلة، سواء لجهة إضعاف موقفها التفاوضي في تخمين قيمتها التي ستتدنى، أو لجهة تخوّف المستثمرين من إمكان إصدار قوانين إعفاء مماثلة في المستقبل. ولم يتأخر الاقتراح في التأثير على عملية الجباية، بتراجعها في الأسبوعين الماضيين في شكل ملحوظ، وشمل الفواتير المتأخرة والعادية المصدرة في عام 2002. وفي الوقت الذي يتساءل المراقبون ما إذا كان سيمر هذا الاقتراح ويُقر كما هو، تجيب أوساط نيابية ان سحب الاقتراح ليس وارداً، كما ان الإعفاء ليس مقبولاً، إذ ليس خافياً "الانعكاسات السلبية" التي سيتركها على مالية المؤسسة وشروط تخصيصها. في المقابل، تعتبر عشوائية الفواتير والغرامات أمراً غير منطقياً. وتوقعت هذه الأوساط التوصل الى مخرج يساوي بين حقوق المؤسسة من جهة والمواطن من جهة أخرى، يقضي بوقف "الظلم" عن المواطنين، وعدم التضحية في الوقت نفسه بواردات المؤسسة، وعدم تحريض آخرين على التمنّع عن تسديد فواتيرهم. أما "مؤسسة كهرباء لبنان"، فقد عُلم ان مجلس إدارتها أقرَّ خطوات لحل مشكلة المتأخرات تقضي بمتابعة تطبيق اجراءات تقسيط المتأخرات على 48 قسطاً شهرياً كحد أقصى من دون فائدة، علماً ان المؤسسة باشرت تطبيق هذه الاجراءات منذ نيسان ابريل 2002 تحسساً بالظروف المعيشية، والتعهد بإعادة النظر في كل الفواتير المشكو من وجود أخطاء فيها وتصحيحها عندما تثبت عدم صحتها. كما تشمل تلك الخطوات دعوة المواطنين المطالبين بدفع فواتيرهم المتأخرة الى التوجه الى المؤسسة لتسديد الفواتير المتأخرة بالكامل ان شاؤوا، أو المباشرة بتقسيط تلك غير المتنازع عليها أو التقدم بشكوى في شأنها، والتريث في قطع التيار عن المتخلفين الذين يتقدمون بطلب لتصحيح فواتيرهم.