تستأنف الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة العقيد جون قرنق المفاوضات المباشرة بينهما اليوم في ضاحية مشاكوس الكينية. ومن المقرر ان تبحث المفاوضات في موضوع قسمة الثروة بعدما تأجل البحث في موضوع قسمة السلطة بسبب تباعد مواقف الطرفين في شأنها. قسمة الثروة في السودان سيكون الموضوع الرئيسي على جدول أعمال المفاوضات المباشرة بين الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان". وكانت المفاوضات التي بدأت قبل 19 يوماً فشلت في الاتفاق على موضوع قسمة السلطة، وأدى ذلك الى تأجيله. واستمع اعضاء وفدي الحكومة و"الحركة" الى محاضرات من خبراء دوليين عن موضوع الخلاف قبل ان يتقرر تجاوزه موقتاً للبحث في الموضوع الثاني قسمة الثروة. وقال الأمين العام للحزب الحاكم في السودان الدكتور ابراهيم احمد ان ورقة وسطاء "السلطة الحكومية للتنمية" في شرق افريقيا ايغاد في شأن قسمة السلطة والثروة حملت اقتراحات غير مقبولة، موضحاً ان حكومة بلاده طالبت باستمرار اعتماد النظام الرئاسي ورفضت ان تكون الرئاسة دورية وان يكون من سلطة الرئيس اختيار اكثر من نائب له. كما رفضت اعطاء الاقليم الجنوبي صلاحيات وسلطات أقوى من التي لدى الولايات الشمالية حتى لا تتحول الفيديرالية الى كونفيديرالية. وأوضح ان حكومته رفضت ايضاً اقتراحاً في قسمة الثروة يؤدي الى تملك الولايات الأراضي والثروة الطبيعية التي تقع في دائرتها بما فيها النفط. وذكر ان الحكومة السودانية ترى بأن الأرض مملوكة للدولة وليست للولاية التي تقع فيها الثروة، لكنه عبر عن ثقته في تجاوز العقبات واقرار اتفاق ينهي الحرب الاهلية. وقال: "السلام بات قاب قوسين أو أدنى". وعلم ان الوسطاء قادوا جهوداً مكثفة وعقدوا لقاءات عدة منفصلة مع طرفي النزاع لجسر الهوة بينهما في شأن قسمة السلطة. اذ وافقت الخرطوم على منح الجنوبيين منصب النائب الأول للرئيس ب"صلاحيات وسلطات مقدرة" مع منح الرئيس سلطة تعيين نواب آخرين له، كما تنازلت "الحركة" عن مطالبتها بأن تكون الرئاسة دورية خلال الفترة الانتقالية وقبلت ان يشغل زعيمها جون قرنق منصب النائب الأول للرئيس، لكنها اشترطت ان تكون للمنصب صلاحيات واسعة وان لا يتخذ الرئيس قراراً في القضايا القومية الا بموافقته وتكون للنائب الأول سلطة تعيين المسؤولين في جنوب البلاد من دون الرجوع الى الرئيس الذي ليس من صلاحياته عزل نائبه الأول. وطرح الوسطاء اقتراحاً آخر لتقريب الشقة بين الطرفين في مسألة المناطق المهمشة، وهي جبال النوبة وأبيي والنيل الأزرق "الانقستا"، اذ رفضت الحكومة مناقشتها في اطار "ايغاد" وطالبت "الحركة الشعبية" بطرحها ومنح حق تقرير المصير الذي سيمارسه الجنوب نفسه. ووافقت الخرطوم اخيراً على مناقشتها في اطار "ايغاد" ولكن خارج قضية الجنوب. ويسعى الوسطاء كذلك الى التوفيق بين مواقف الطرفين في شأن منهج التفاوض. اذ تتمسك الحكومة بالتوقيع على اتفاق يشمل كل القضايا المطروحة أمام جولة المحادثات الحالية وهي قسمة السلطة والثروة والترتيبات الأمنية والعسكرية بينما تطالب "الحركة" بتوقيع القضايا بصورة منفصلة، وعدم تجاوز واحدة الى اخرى إلا بعد حسمها. من جهة اخرى، قللت الحكومة السودانية من أهمية تجديد الرئيس جورج بوش العقوبات الاقتصادية التي تفرضها بلاده على السودان منذ عام 1997 واعتبرتها ضغوطاً جديدة عليها. وأعلن البيت الأبيض تجديد العمل بقانون يقضي بفرض عقوبات على السودان أصدره الرئيس السابق بيل كلينتون عام 1997، واتهم الحكومة السودانية بالاستمرار في سياساتها وممارساتها التي أصبحت تشكل خطراً كبيراً على الأمن القومي الاميركي. لكن مستشار الرئيس للشؤون السياسية الدكتور قطبي المهدي قال ان حكومته لم تتفاجأ بالخطوة الاميركية وقلل من أثارها الاقتصادية واتهم "جهات معادية" داخل الكونغرس ومجلس الشيوخ بالوقوف وراءها.