} أثار اعلان توقيع اتفاق بين "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة جون قرنق وقادة في "الجبهة الديموقراطية لشعوب السودان" التي يقودها الدكتور رياك مشار ردود فعل متباينة في أوساط القوى السياسية السودانية، واعتبرت الحكومة ان الاتفاق لم يفاجئها وانه لن يصمد طويلاً. في غضون ذلك، انتقد الحزب الشيوعي السوداني بشدة دعوة حلفائه في "الحركة الشعبية" الى كونفيديرالية من دولتين في السودان. وصف الناطق باسم القوات المسلحة السودانية الفريق محمد بشير سليمان الاتفاق بين اعضاء في "الجبهة الديموقراطية وشعوب السودان" بقيادة الدكتور رياك مشار و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة العقيد جون قرنق بأنه غير مفاجئ، وان التنسيق بين الجانبين "كان مستمراً قبل خروج مشار من السودان في نهاية العام 1999". وأوضح ان قوات من الحركتين "خاضت معارك مشتركة ضد القوات المسلحة الحكومية فشلت في تحقيق أهدافها بتهديد مناطق انتاج النفط". وقال سليمان ل"الحياة" ان انعدام الثقة بين الجانبين "سيعجل بنهاية الاتفاق، اما من خلال التصفيات أو الانشقاقات". ورأى ان الاتفاق "مرحلي ولا ينفصل عن مساع اجنبية لتوحيد قبيلتي الدينكا والنوير أكبر القبائل الجنوبية". ورأى ان مثل هذا الاتفاق "يعقد مساعي احلال السلام ويزيد معاناة المواطن الجنوبي، لكنه لن يضيف للطرفين قوة جديدة". الى ذلك، حمل مسؤول التنظيم في حزب المؤتمر الوطني الشعبي المعارض آدم الطاهر حمدون الحكومة مسؤولية خروج مشار، الذي كان مستشاراً للرئيس السوداني، من الخرطوم والتحاقه بالمعارضة، لكنه رأى ان الاتفاق سيكون مفيداً للحكومة لأنها "ستفاوض جهة واحدة بدل مجموعات عدة"، غير انه لاحظ ان وحدة الجنوبيين "تمثل خطراً سياسياً وعسكرياً كبيراً على السلطة". ورأى حمدون الذي تولى في فترة سابقة منصب مستشار الرئيس لشؤون السلام ان الاتفاق يمكن "ان يحدث آثاراً واضحة على الوضع العسكري في الميدان، خصوصاً ان القادة الميدانيين من الطرفين كانوا الأكثر حماساً من قيادتي التنظيمين لإبرام الاتفاق". ورد حزب الأمة بتحفظ على الاتفاق، وقال نائب رئيس الحزب الدكتور عمر نورالدائم انه "سيكون مفيداً اذا كان يسير نحو وقف النار والدخول في تفاوض لإقرار حل سلمي"، لكنه رجح ان يتجه الوضع نحو تصعيد الحرب بسبب توقيت الاتفاق ولهجة الطرفين واعلانه بعد يوم من انتهاء الجولة الافريقية لوزير الخارجية الاميركي كولن باول. خلافات التجمع على صعيد آخر، برز تباين في موقفي "الحركة الشعبية" والحزب الشيوعي اللذين يربطهما تحالف مستمر، في شأن قضية الموقف من وقف النار والكونفيديرالية. وشدد الحزب الشيوعي في بيان على "اننا لسنا طرفاً في مزايدات الاجندة الخفية للحركة الشعبية أو خياراتها الخفية". ورفض الشيوعيون دعوة قرنق الى قيام كونفيديرالية من دولتين في الشمال والجنوب. وتضم خريطة الجنوب في هذه الكونفيديرالية مناطق واسعة في غرب السودان وشرقه. وأوضح البيان الشيوعي: "إذا كانت الكونفيديرالية خيار الحركة الشعبية فماذا يميزها عن اقتراحات مركز الدراسات الاستراتيجية الاميركية؟". ورأى الحزب ان الحركة "لا تستطيع تقديم ضمانات سياسية أو عملية يفضي اليها الاستفتاء على تقرير المصير الى الوحدة في حال تنفيذ شروط الحركة لوقف النار". وطالب الحزب الشيوعي بإدراج رأيه في جدول أعمال اجتماع هيئة قيادة "التجمع الوطني الديموقراطي" "متى تيسر انعقاده". ورحب الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان بإدراج الأمر في جدول الاجتماعات، ورفض اتهامات الحزب الشيوعي قائلاً: "ان قيادة الحركة الشعبية لا تناور في قضايا التفاوض، بل تتعامل مع خصم حقيقي في مفاوضات ايغاد". واعتبر ان طرح الكونفيديرالية "مرتبط بالحل النهائي وليس بوقف اطلاق النار، وأتى نتيجة لرفض النظام قبول الفصل بين الدين والدولة". واشار الى ان وقف النار "يأتي بعد التوصل الى اتفاق على القضايا الموضوعية وفقاً لإعلان مبادئ ايغاد". وشدد عرمان على ان "الكونفيديرالية مخاطبة موضوعية ومنطقية للخيار الثاني في اعلان المبادئ لإنهاء الحرب عبر تقرير المصير في حال رفض أحد الاطراف الفصل بين الدين والدولة".