أخلت قوات الأمن الفرنسية، بهدوء فجر أمس كنيسة كاليه شمال فرنسا من حوالى 90 مهاجراً غير شرعي اعتصموا فيها منذ السبت الماضي. وقال رئيس دائرة الشرطة في بادوكاليه، سيريل سكوت: "حققنا هدفنا" وهو التوصل الى اخلاء الكنيسة "في ظل الشروط الأكثر انسانية". وذكر ان 76 من المهاجرين ومعظمهم من أكراد العراق، سيقدمون طلبات لجوء الى فرنسا، وان عشرة منهم رفضوا تقديم مثل هذه الطلبات، بالتالي سيتلقون دعوة الى مغادرة الأراضي الفرنسية، فيما وافق أحد المهاجرين الأفغان على العودة طوعاً الى بلاده مقابل مساعدة مالية من السلطات الفرنسية. واعتقل مهاجر بسبب حيازته قطعة سلاح لم يكشف نوعها، وأطلق آخران بعدما تبين انهما قاصران. وأوضح سكوت ان عملية اخلاء الكنيسة نفذت بالتعاون الوثيق مع وزير الداخلية نيكولا ساركوزي، واستغرقت نحو نصف ساعة. وتوزع المهاجرون على دوائر للشرطة في كاليه، حيث يجري فرز الراغبين في اللجوء الى فرنسا لنقلهم الى مراكز استقبال خاصة. وأجلي هؤلاء من الكنيسة بعد مفاوضات لم تنقطع بينهم وبين السلطات الفرنسية، اقتنعوا بعدها بأن انضمامهم الى 1800 مهاجر غير شرعي موجودين في معسكر سانغات الذي يرعاه الصليب الأحمر، ليس وارداً على الإطلاق. وعلى مدى أربعة أيام تمسك المعتصمون بمطلب الانضمام الى المهاجرين في سانغات، معتبرين ان هذا المعسكر يشكل المرحلة الأخيرة قبل انتقالهم الى الأراضي البريطانية حيث يعتقدون ان بامكانهم الإقامة والعمل بحرية. لكنهم ادركوا في النهاية ان قرار السلطات الفرنسية اغلاق المعسكر امام الوافدين الجدد، استعداداً لاخلائه من نزلائه الحاليين في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، هو قرار لا عودة عنه. وأمام خياري العودة من حيث اتوا، ومحاولة الحصول عل حق اللجوء الى فرنسا، فضلت غالبيتهم الخيار الثاني، ما أتاح تسوية أحد فصول المأساة الانسانية التي لا تزال بعيدة عن الحل. وفي مدينة كاليه والمناطق المجاورة لها الآن عدد يتراوح بين 3 و5 آلاف مهاجر غير شرعي، غالبيتهم من العراقيين، الذين يتعذر على السلطات الفرنسية ترحيلهم أو السماح لهم بتحقيق حلمهم الانتقال الى بريطانيا. ويحاول هؤلاء كل ليلة، وبلا كلل، التسلل بكل الوسائل الممكنة على متن شاحنات وقطارات لنقل البضائع الى الأراضي البريطانية، لكنهم نادراً ما يوفقون، فيعتقلهم رجال الأمن الذين يضطرون لاحقاً لإطلاقهم، فينتشرون مجدداً في الأماكن والساحات العامة. لكن دائرة شرطة كاليه لاحظت ان قرار اغلاق سانغات والتشدد الذي تبديه السلطات مع المهاجرين غير الشرعيين اديا الى انخفاض عدد الذين يحاولون التسلل ليلاً الى بريطانيا من ثلاثمئة الى حوالى مئة. ويدرك المعنيون بشؤون الهجرة ان القضاء على الهجرة غير المشروعية ليس ممكناً، طالما بقي التفاوت بين دول العالم الفقيرة والمتطورة على حاله، لكنهم يراهنون على التشدد لخفض عدد الوافدين من المهاجرين الى أدنى حد ممكن. الى ذلك، استغرب رئيس "الجبهة الوطنية الفرنسية" اليمين المتطرف جان ماري لوبن "كل الجهد" الذي تبذله فرنسا "لمنع المهاجرين غير الشرعيين من الذهاب الى بلير توني بلير رئيس الحكومة البريطانية الكريه الذي يدعي انه معادٍ للعنصرية".