يزور وزير الداخلية الفرنسي اليوم الجمعة مخيماً يقع عند أبواب مدينة كاليه الواقعة في الشمال الفرنسي على سواحل بحر المانش الجنوبية حيث يتجمع آلاف المهاجرين الذين وصلوا إلى فرنسا بطريقة غير شرعية ويرغبون في الذهاب إلى بريطانيا العظمى. وكانت السلطات الفرنسية قد أمرت في شهر مارس الماضي بهدم الشق الجنوبي من هذا المخيم بعد أن تدهورت ظروف الإقامة فيه على نحو أصبح يهدد بانتشار الأوبئة فيه. وتم نقل عدد من سكان المخيم إلى مراكز لإيواء طالبي اللجوء من الراغبين في الذهاب إلى بريطانيا العظمى أو بلدان أخرى. ولكن عدد سكان المخيم ما انفك يزداد في الأشهر الأخيرة، بل إن الجمعيات التي تتولى مساعدة ساكنيه تقول إن عددهم قارب اليوم عشرة آلاف شخص بينهم ألفان وصلوا إليه في شهر يوليو الماضي، الأمر الذي أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية فيه. وقبل يومين فقط دقت هذه الجمعيات من جديد ناقوس الخطر بالنسبة إلى أوضاع الأطفال والمراهقين المقيمين في مخيم "كاليه" والذين يشكلون تقريبا عُشُر سكان المخيم. وأشارت هذه المنظمات إلى أن كثيرا من هؤلاء الأطفال والمراهقين ليس لديهم أقارب يرافقونهم، وهو ما ساهم إلى حد كبير في جعلهم عرضة لتعاطي المخدرات والاعتداءات الجنسية. وهؤلاء الأطفال والمراهقون في غالبيتهم شأنهم في ذلك شأن الشق الأكبر من سكان مخيم "كاليه" من السودان وإرتريا وأثيوبيا وأفغانستان، ولديهم عموما أقارب في بريطانيا العظمى ولذلك فإنهم يصرون على المجيء إلى مدينة كاليه لمحاولة التسلل عبر بحر المانش إلى إنجلترا. وكانت فرنساوبريطانيا العظمى قد أبرمتا في عام 2003 اتفاقا تعهد بموجبه الطرف الفرنسي بإيقاف تسلل المهاجرين غير الشرعيين الراغبين في التسلل إلى الأراضي البريطانية عبر الأراضي الفرنسية. ولكن قرار خروج بريطانيا العظمى الخروج من الاتحاد الأوروبي وزيادة عدد الراغبين في الدخول إليها عبر فرنسا وما يشكله ذلك من عبء على خزينة الدولة الفرنسية وعلى أمن سكان المدن الفرنسية المطلة على بحر المانش ولاسيما "كاليه" و"لوتوكيه" عوامل دفعت أطرافاً فرنسية كثيرة على المستويين المحلي والوطني إلى المطالبة بفسخ الاتفاق المبرم بين البلدين عام 2013. ومن هذه الأطراف الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي كان قد أبرم الاتفاق بنفسه عن الجانب الفرنسي عندما كان وزيرا للداخلية. وبالرغم من أن وزير الداخلية الفرنسي الحالي برنار كازنوف حاول طمأنة السلطات البريطانية يوم الثلاثاء الماضي خلال لقائه في باريس بنظيرته البريطانية أمبير رود، فإنه يدرك اليوم أن تردي أوضاع سكان مخيم "كاليه" والمشاكل الأمنية وغير الأمنية التي يتسبب فيها تضطر فرنسا عاجلاً أو آجلاً إلى مراجعة الاتفاق مع بريطانيا العظمى بشأن الهجرة عير الشرعية. والملاحظ أن السلطات المحلية في منطقة كاليه ومزارعيها وتجارها قرروا قطع الطرقات يوم الاثنين المقبل احتجاجاً على انعكاسات مشكلة مخيم "كاليه" السلبية على الوضع الاقتصادي والأمني في المنطقة.