ماذا يقول اللبنانيون عن القمة؟ وما مدى الأهمية التي يولونها لعقد حدث دولي بهذا الحجم في عاصمتهم؟ وتجدر الإشارة أولاً إلى أن المجتمع اللبناني أشبه بالفسيفساء المتعددة الألوان؟ وأعاد الحديث عن القمة - وإن في شكل خافت - خلافاً حول تحديد دور المنظمة والنظرة إلى فرنسا ذاتها، فأيقظ عقدها لدى المتحمسين القدامى للفرنكوفونية حنيناً لأيام كانت الفرنسية لغة حواراتهم اليومية. وبين متحمس للقمة ولزيارة الرئيس جاك شيراك في شكل خاص، واللامبالين بها آراء متنوعة ومتعددة. في شارع حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية، رفض أكثر من صاحب محل الحديث، بعضهم خاف من السؤال عن القمة ورد بإنه لا يعطي الأمر أية أهمية، وأنه لا يهتم سوى بعمله وعائلته، بعضهم الآخر قال إنه لا يحب التحدث "عن هذه الأمور، وما أهميتها؟". أما في الأشرفية فكان بعض الباعة المسنين يقولون إن قرار عقد القمة في بيروت تأكيد على اهتمام فرنسابلبنان. وبين الضاحية والأشرفية ثمة من لا يعرف لماذا تعقد القمة، ويتنبه إلى انعقادها من خلال اللافتات الموزعة على الطريق السريع الذي يربط المطار والضواحي ببيروت. المواطن سليم وهبي قال أن الأمر محرج بالنسبة إليه، فكلما مر قرب لافتة سأله أولاده "هذا العلم لأي بلد"، وهو نادراً ما يعرف الإجابة الصحيحة. طلاب الجامعات والخريجون الجدد يبدون اهتماماً أكبر بالشؤون السياسية، وتتنوع قراءتهم للقمة بتنوع أهوائهم السياسية، وبما أن عدد هذه "الأهواء" أكبر من أن يحصر فإن الأخذ بآراء الأكثر اعتدالاً يعطي فكرة أوضح عن رأي الشباب - المهتم - في شكل عام. ريمون حداد خريج كلية الحقوق في جامعة الكسليك، مثقف يهتم في الشأن السياسي، يحب الفرنسية ويستخدمها كثيراً في أحاديثه، قال إن جدلاً كان قائماً في لبنان قبل الحرب الأهلية حول فرنسا والفرنكوفونية نفسها "لكن الوضع اختلف حالياً لأن السياسة الفرنسية صارت أقرب إلى القضايا العربية، وخرجت المنظومة الفرنكوفونية من إطارها القديم، وخرجت بالتالي من أطر الجدل اللبناني - اللبناني". ريمون يرى في انعقاد القمة في بيروت فائدة اقتصادية وسياسية للبنان، وقد تفيد مؤتمر باريس - 2. لكنه يستدرك قائلاً إن الإتحاد الأوروبي بذاته عاجز عن التأثير في الوضع العالمي ولا يغير شيئاً "نعرف جيداً إن القرار الدولي بيد الولاياتالمتحدة"، لذلك يختم ريمون بأن تنظيم القمة في بيروت قد يكون مجرد هيبة prestige. أما ربيع شعبان اليساري وخريج كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية فقال إنه يرى في الفرنكوفونية حالياً جانباً إيجابياً يتمثل بمواجهة الأنكلوسكسونية، أو الحد من سيطرتها المطلقة كما تريدها الولاياتالمتحدة. لكنه لا يرى لها تأثيراً كبيراً في المجالات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية. ويرى ربيع، من جهة أخرى، أن "عقد القمة في بيروت، في ظل المواقف الأميركية من الجنوب اللبناني، هو اعتراف دولي بأهمية لبنان وحقوقه، ويمكن الإفادة من القمة لطرح القضية الفلسطينية"، هذه الإستفادة يحصرها ربيع بالجانب الإعلامي فقط، ولا يعلق آمالاً على الجانب العملي. بعض المقيمين في مناطق بعيدة نوعاً ما عن بيروت لم يشعر بالتحضيرات الجارية، ولا يولي القمة اهتماماً.