لقد قرأت مذكرات السيد عبدالله أنس عن تجربته في افغانستان، خصوصاً في ما يتعلق بالمجاهد الشهيد احمد شاه مسعود، هذا القائد الرمز لجهاد الشعب الافغاني الذي دوّخ السوفيات بعدما طوب من دون منازع كأبرز القادة الميدانيين وأكثرهم شجاعة من بين العشرات من الرجال الذين تبوأوا قيادة كثير من الفصائل الافغانية. وبدا لي من رواية عبدالله أنس، وغيره من الكتّاب، ان العالم الاسلامي قد حرم من الاستفادة والتعلم وتسليط الضوء على سيرة قائد كان يمكن ان يكون بحق وجدارة "غيفارا المسلمين". ولا أغالي اذا قلت ان القرن العشرين لا يوجد فيه بطل مسلم، في كل بلاد المسلمين التي خاضت حروباً وثورات من الجزائر ومصر مروراً بفلسطين ولبنان حتى كشمير، بمستوى هذا القائد المثال الناهل من العلوم العصرية، والملتزم بالعقيدة الاسلامية، والمتمرس بحرب العصابات. ان اغتيال أحمد شاه مسعود يعيدنا الى اجواء المحنة المستولدة بشكل دائم في تاريخنا وحاضرنا الاسلامي. فالفكر الظلامي هو ذاته على مرّ العصور يغتال الشرفاء والمجاهدين والعقلانيين، وليس احمد شاه مسعود آخرهم. مأساة "أسد بانشير" هي مأساة الاسلام المخطوف منذ ان ركبنا المستبدون باسم الدين، فسحقت أضلع، وقطعت رؤوس الذين على اكتافهم وزنودهم وعقولهم انتشر هذا الدين القيّم، تماماً كما حصل في افغانستان. لأنه في الوقت الذي كانت زمر الطالبان تمشط لحاها، وتسبح في متون المصنفات البائسة استخراجاً لفتوى تحدد مقاس براقع النساء في مدارسهم في بيشاور، كان أحمد شاه مسعود ورجاله يسطرون ملاحم دحر الاحتلال عن أرضهم، الى ان تم النصر الذي ضيعه امثال الطالبان في فصائل المجاهدين بتعنتهم وأحقادهم. فوصلنا الى اليوم الذي يصدر فيه عملاء المخابرات في طالبان فتوى بقتل "أسد بانشير" بتهمة معاداة النظام الاسلامي. حسن قبلان