8 ضوابط لاستئجار الجهات الحكومية المركبات المدنية    انخفاض درجات الحرارة وتكون للصقيع في عدة مناطق    5 إشارات تدل على نقص العناصر الغذائية في جسمك    رحالة غربيون يوثقون تاريخ مجتمع التأسيس    ذكرى استعادة ماضٍ مجيد وتضحياتٍ كبرى    وزير العدل: لائحة الأحوال الشخصية خطوة لتعزيز استقرار الأسرة    لا إعلان للمنتجات الغذائية في وسائل الإعلام إلا بموافقة «الغذاء والدواء»    مذكرة تعاون عربية برلمانية    الصندوق بين الابتكار والتبرير    حاصر جنازة الشهيدة الطفلة ريماس العموري "13 عامًا".. الاحتلال يتوسع بسياسة الأرض المحروقة في الضفة الغربية    رئيس "النواب" الليبي يدعو لتأسيس "صندوق" لتنمية غزة    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. سمو ولي العهد يشرّف حفل سباق الخيل على كأس السعودية    الاتحاد يدك شباك الهلال برباعية    " فوريفر يونق" يظفر بكأس السعودية بعد مواجهة ملحمية مع "رومانتيك واريور"    لا "دولار" ولا "يورو".." الريال" جاي دورو    ابتهاجاً بذكرى مرور 3 قرون على إقامة الدولة السعودية.. اقتصاديون وخبراء: التأسيس.. صنع أعظم قصة نجاح في العالم    ضبط وافدين استغلا 8 أطفال في التسول بالرياض    تمنت للسعودية دوام التقدم والازدهار.. القيادة الكويتية: نعتز برسوخ العلاقات الأخوية والمواقف التاريخية المشتركة    جدة التاريخية تحتفي بيوم التأسيس وتحتضن فعاليات ثقافية وتراثية متنوعة    بناء على ما رفعه سمو ولي العهد.. خادم الحرمين يوجه بإطلاق أسماء الأئمة والملوك على ميادين بالرياض    هيئة الصحفيين تدشن هويتها الجديدة    في ذكرى «يوم بدينا».. الوطن يتوشح بالأخضر    تعزيز الابتكار في صناعة المحتوى للكفاءات السعودية.. 30 متدرباً في تقنيات الذكاء الاصطناعي بالإعلام    الاستثمار العالمي على طاولة "قمة الأولوية" في ميامي.. السعودية تعزز مستقبل اقتصاد الفضاء    مشروبات «الدايت» تشكل خطراً على الأوعية    موعد مباراة الإتحاد القادمة بعد الفوز على الهلال    الوسيط العالمي الموثوق به    جيسوس يُبرر معاناة الهلال في الكلاسيكو    الرافع للرياض : يوم التأسيس تاريخ عريق    "نيوم للهيدروجين الأخضر" تبني إرثاً مستداماً باستغلال موارد المملكة التي لا تنضب    بوتين يشكر ولي العهد على استضافة المحادثات مع أميركا    النفط يسجل خسارة أسبوعية مع تلاشي المخاطر في الشرق الأوسط    الراشد: اعتماد رمز عملة الريال السعودي خطوة تاريخية تضيف علامة تميز لحضور المملكة دولياً    نهج راسخ    الملك: نهج الدولة راسخ على الأمن والعدل والعقيدة الخالصة    في افتتاح كأس قدامى الخليج.. الأخضر يتعادل سلبيًا مع البحرين    جمعية رعاية الأيتام بضمد تشارك في احتفالات يوم التأسيس    افتح يا سمسم.. أُسطورة الآتي..    «الفترة الانتقالية» في حالات الانقلاب السياسي.. !    من التأسيس إلى الرؤية.. قصة وطن    مسؤولات جمعية كيان للأيتام يهنئون القيادة الرشيدة بيوم التأسيس    أهالي القصيم يعبّرون عن فرحتهم بالملابس التراثية    125 متسابقاً يتنافسون على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن.. غداً    وزير الشؤون الإسلامية: يوم التأسيس يجسد مرحلة تاريخية مفصلية في تاريخ مسيرة المملكة    بنزيما: الاتحاد ليس قريبا من لقب الدوري    سفير الاتحاد الأوروبي يحتفل بيوم التأسيس    فجر صناعة السيارات في السعودية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينجح في زراعة منظم ضربات القلب اللاسلكي AVEIRTM️ الحديث ل"ثمانيني"    الحياة رحلة ورفقة    إسرائيل تؤجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين    فريق الوعي الصحي التابع لجمعية واعي يحتفي بيوم التاسيس في الراشد مول    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    «الدباغ القابضة» تتقدم بالتهاني لمقام خادم الحرمين وولي عهده بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    أسرة حسام الدين تحتفي بعقد قران أحمد ويوسف    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخريطة السياسية في شبه القارة الهندية في ضوء الأزمة الأفغانية . باكستان تواجه تحديات مصيرية ... وواشنطن تبحث عن حليف لمواجهة الصين
نشر في الحياة يوم 06 - 01 - 2002

أسفر الهجوم الانتحاري على البرلمان الهندي في 13 كانون الأول ديسمبر الماضي عن توتير العلاقات بين اسلام آباد ونيودلهي وصلت الى حد حشد القوات على الحدود والتهديد باستخدام السلاح النووي.
وتحت ضغط الاحداث عقدت قمة رابطة جنوب آسيا للتعاون الاقليمي سارك في عاصمة نيبال كاتماندو وجرى خلالها لقاء على مستوى وزراء الخارجية يتوقع ان يمهد الى لقاء قمة بين الرئيس الباكستاني برويز مشرف ورئيس الوزراء الهندي أتال بيهاري فاجباي.
وتنتظر المنطقة وصول رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في مهمة سلام بين نيودلهي واسلام آباد في وقت يتساءل البعض عن حقيقة الموقف الاميركي ومشروع واشنطن في شبه القارة الهندية بعد الانتهاء من أفغانستان.
تبدأ معضلة باكستان من ان فكرة الدولة نمت في مخيلة نخبة من "الجماعة الإسلامية" ثم تحوّل الحلم ب"الأرض الطاهرة" الى واقع لحظة استقلال الهند عن بريطانيا. فالحلم بالأرض الطاهرة، وهو اسم "باكستان"، بدأ يراود مجموعة من الأدباء والشعراء قادهم محمد اقبال وسيد خان وشبلي نعمان وأخذ الاسم يتردد في وسط "الجماعة الإسلامية" منذ العام 1933 حين التقت في مؤتمر عام في لاهور وطرحت فكرة تقسيم الهند للمرة الأولى نظراً لصعوبة عيش المسلمين فيي دولة تحكمها غالبية هندوسية.
ونمت الفكرة في لحظتين متفارقتين: الأولى تعاظم المواجهة الهندية مع بريطانيا منذ العام 1919 نهاية الحرب العالمية الأولى وصولاً الى الصدامات الكبرى في العام 1935 عشية الحرب العالمية الثانية. والثانية تأثر المسلمين في "حزب المؤتمر" الهندي الذي يقوده المهاتما غاندي وجواهر نهرو بفكرة التقسيم في فترة ما بعد الاستقلال، ومال محمد علي جناح الى تأييد قيام دولة مسلمة مستقلة محولاً الحلم الى حركة سياسية تنامت بقوة بين 1938 و1944.
هذه المفارقة بين الاستقلال السياسي عن بريطانيا والاستقلال الديني عن الهندوس ساهمت في نشوء "حزب الرابطة" الإسلامي ودخوله في منافسة سياسية مع "حزب المؤتمر" الهندوسي، قادها محمد علي جناح في محاولة منه لتثبيت "الكيان المستقل" للمسلمين في لحظة وجدت برطانيا نفسها في موقف حرج. فهي وعدت الهند بالاستقلال في حال انتهت الحرب العالمية "الثانية" وباتت في وضع لا تستطيع التراجع عنه، وهي أيضاً اكتشفت ان انسحابها المجاني سيلحق بها الخسائر المادية والمعنوية كدولة عظمى تقود تقليدياً العالم الغربي جنباً الى جنب مع النجم الصاعد الولايات المتحدة.
لم يكن أمام بريطانيا سوى خيار الانسحاب حين انتهت الحرب الا انها ماطلت مستخدمة الضغط على قادة "حزب المؤتمر" وشجعت قادة "حزب الرابطة" على المطالبة بحصة أكبر في "دولة الاستقلال". فبريطانيا التي اجتاحت الهند في القرن التاسع عشر اضطرت الى تغيير تحالفاتها السابقة. فبعد ان خاضت المعارك الضارية ضد المسلمين وحكوماتهم المحلية في تلك "القارة" مستغلة مشاعر الغالبية الهندوسية شجعت بعض الاتجاهات الحداثية والمتغربة في وسط المسلمين لاضعاف حركة الهندوس بعد ان نضجت الأخيرة الى حد مواجهة حليفها البريطاني السابق.
استمرت الحكومة البريطانية مترددة في تنفيذ وعودها ظناً ان المسلمين سيطالبونها البقاء حتى لا تتعرض "الأقلية" الى مجزرة تقوم بها "الأكثرية" وهو أمر لم يحصل. فقادة "حزب الرابطة" شاركوا الهندوس حزب المؤتمر في مطالبة لندن بتنفيذ وعد الاستقلال وضغطوا على قادة "حزب المؤتمر" لتقديم المزيد من الضمانات والا سيكون "الانفصال" هو الرد المنطقي لحظة انسحاب بريطانيا.
وقبل ان تنجح قيادة "حزب المؤتمر" في حل مشكلة "التهديد" بالتقسيم السلمي اعلنت بريطانيا في مطلع العام 1947 عن عزمها على الانسحاب بعد سنة وهو أمر زاد من حدة التنافس الداخلي الهندوسي المسلم على رسم مستقبل الهند وتركيبة دولتها وخفف من شدة الضغط على الاستعمار ما دامت بريطانيا حددت موعداً لخروجها من البلاد.
وحتى تستثمر بريطانيا الخلاف الى حده الأقصى، وفي خطوة غير منتظرة، أقدمت على الانسحاب من الهند في آب أغسطس 1947 قبل أربعة شهور من الموعد بقصد زعزعة الثقة بين الطرفين المحليين واظهار الاستقلال وكأنه كارثة حلت بالهند وليس نعمة تلبي حاجات الناس وطموحاتهم.
أدى الاستقلال الى انفجار الهند وتبعثر نسيجها الاجتماعي - التاريخي فتطايرت الحركة السياسية الواحدة وتشظت الى انقسامات أهلية داخلية راح ضحيتها عدد هائل من البشر تراوح تقديره بين 200 ألف الى مليونين من الناس كان معظمهم من المسلمين.
حققت بريطانيا هدفها حين ضربت الاستقلال بسياسة "فرق تسد" فأخذت جموع تجتاح جموعاً وقرى تحرق أخرى، الى ان انتهى فرح الاستقلال الى مأساة انسانية اختفت خلالها مئات البلدات وآلاف القرى ونزح الملايين من مقاطعات الى أخرى ومن مناطق مسلمة الى هندوسية ومن هندوسية الى مسلمة.
استقلت الهند وتأسست باكستان على بحر من الدماء بعد حركة سياسية مديدة عرفت في التاريخ الحديث بحركة "اللاعنف". فتحول "اللاعنف" ضد بريطانيا الى عنف لا مثيل له في الزمن المعاصر حين خرجت دولة باكستان الأرض الطاهرة من رحم الهند واستقلت الهند محطمة معنوياً ومنهوكة القوى بعد عصاب مرضي ضربها في كل الجهات.
دولة الاستقلال
على المقلب الآخر، نهضت "الأرض الطاهرة" من الصفر محاولة ترميم بقاياها على جناحين: باكستان الشرقية بنغلادش وباكستان الغربية. فتعثرت منذ البداية بأزمة لا تزال قائمة الى يومنا كشمير وبموت مؤسسها محمد علي جناح بعد سنة من استقلال الدولة.
واجه ورثة المؤسس مشكلة بناء دولة الاستقلال. فبريطانيا طالبت الدولة الجديدة دفع كلفة كل المشاريع التي نفذتها خلال الحقبة الاستعمارية من سدود وجسور وسكك حديد. وطالب الناس الذين تهجّروا من قراهم ومناطقهم في الهند دولتهم بتعويضات عن املاكهم وبيوتهم وضحاياهم. وتفرق رجال الرابطة الى اجنحة بعد رحيل جناح في العام 1948. باختصار، ولدت "الأرض الطاهرة" في دمار يلفّه الخراب وفي بحر من الدم والدموع. فالدولة لم تكن "طاهرة" كالأرض، إذ دخل رجالها منذ لحظة تأسيسها في خلافات سياسية وانقلابات عسكرية أدّت الى إضعاف بنيتها الاجتماعية التي هي اساساً مركّبة من مقاطعات غير متجانسة في هويتها القبلية والثقافية ومستوى نموها الاقتصادي. فمساحة مجموعة الدولة اقل من مليون كلم مربع 796 ألف كلم وكل مقاطعة تمتاز بخصائص سكانية وجغرافية لا يجمعها مع الأخرى سوى الاسلام. فالإسلام كان قوة التوحيد الأولى في شد أواصر الدولة وتبرير قيامها وغير ذلك كان مجرد "جمع شمل" لعناصر متنافرة. فمنطقة بيشاور تقع في الغرب على حدود افغانستان وتتجمع فيها قبيلة البشتون ابنة عم القبيلة نفسها في بلاد الأفغان. وإلى الشرق تقع مقاطعة البنجاب على حدود الهند وهي انسلخت مناصفة مع جارتها الهندية والفارق بينهما ان الجزء الباكستاني مسلم في غالبيته الساحقة بينما الجزء الهندي ينتمي الى طائفة السيخ مزيج من معتقدات هندوسية وتقاليد اسلامية وهي لا تزال حتى أيامنا تطالب نيودلهي بالاستقلال وإقامة دولة سيخية مستقلة. وإلى الجنوب الشرقي تقع مقاطعة السند وعاصمتها كراتشي مركز تجاري قديم وموطن المهاجرين الجدد من الهند. وفي الجنوب الغربي تقع مقاطعة بلوشستان تحتل 50 في المئة من مساحة الدولة الجغرافية وتسكنها قبيلة البلوش الممتدة شمالاً الى داخل افغانستان وغرباً الى إيران. وفي الشمال تقع كشمير وهي مقاطعة صغيرة جغرافياً حوالى 86 ألف ميل مربع ومهمة استراتيجياً نظراً الى موقعها السياسي الفاصل والرابط بين حدود الهند والصين وباكستان. وتشبه كشمير مشكلة البنجاب مع فارق ديني وهي ان سكانها في غالبيتهم من المسلمين في الشطرين الباكستاني والهندي، إلا ان موقعها الاستراتيجي جعلها نقطة نزاع بين البلدين أدّت الى ثلاث حروب: الأولى في 1948 انتهت بتقسيم كشمير بينهما في 1957، والثانية في 1965 أدت الى دفع البلدين الى سباق في التسلح التقليدي والصاروخي والنووي والثالثة في 1971 انتهت الى انفصال باكستان الشرقية باسم بنغلادش.
وأسهمت كشمير في اعالي جبالها الشمالية همالايا في إشعال سلسلة معارك حدودية وحرب كبيرة في العام 1962 بين صين ماو تسي تونغ وهند نهرو انتهت الى انتصار الاولى ودفع نيودلهي الى التحالف مع الاتحاد السوفياتي، الأمر الذي اجبر اسلام آباد على تحالفها مع بكين وتحسين علاقاتها مع واشنطن لمواجهة الثنائي الهندي - الروسي.
هذا الخليط من المقاطعات الجغرافية يعاني مفارقات كثيرة. فهناك مفارقة اللغة، إذ يتحدث 65 في المئة من السكان البنجابية لغة اقليم البنجاب ويتحدث الأردية 20 في المئة من مجموع السكان، ويتحدث السندية 12 في المئة لغة اقليم السند، وتتوزع النسب الباقية على الباشتونية والبلوشية. بينما تتحدث النخب اللغة العربية الى جانب الانكليزية.
وهناك مفارقة ثروة الاقاليم وتعداد سكانها. فالقوة القومية الأولى هي البنجاب، إذ تشكل اكثرية قومية 60 في المئة من السكان وتسيطر على 65 في المئة من الانتاج الزراعي، اضافة الى احتلالها معظم المواقع السياسية والاقتصادية ولكنها تعيش في اقليم مساحته ضيقة جغرافياً. والقوة القومية الثانية هي السند وتسيطر على التجارة القديمة وبعض الصناعات الموجودة في كراتشي وتعاني مشكلة المهاجرين المسلمون الهنود الذين يشكلون الآن 50 في المئة من سكان عاصمة الاقليم. والباشتون هم القوة القومية القبلية الثالثة يعيشون على تجارة الجوار الأفغاني وتعتبر عاصمتهم بيشاور من المعابر الاستراتيجية بين البلدين. ويعتبر البلوش القوة القومية القبلية الرابعة وهم، على قلّتهم، ينتشرون على مساحة تمتد على 50 في المئة من جغرافية دولة باكستان. وتعاني الأقلية البلوشية اوضاعاً اقتصادية بالغة السوء انعكست على ضعف تمثيلها السياسي في ادارات الدولة وأجهزتها ومجالسها التمثيلية والتنفيذية.
وعموماً، ليس البلوش وحدهم مَنْ يعانون مشكلات اجتماعية واقتصادية وتعليمية سيئة، بل معظم سكان الدولة. فباكستان الأرض الطاهرة مكتظة بالسكان 140 مليون نسمة وترتفع في بعض مناطقها نسبة الأمية الى 75 في المئة، تعيش نسبة 85 في المئة منهم في الريف الذي يسيطر عليه ستة آلاف اقطاعي يملكون معظم الأراضي الزراعية.
ويذكر ان باكستان تعتبر من الدول الزراعية المهمة، قياساً الى مساحتها الجغرافية. ففيها 16 مليون هكتار من الأراضي المروية وتوجد فيها، على رغم اتساع المناطق القاحلة والصحراوية في جنوبها وغربها، الغابات والمراعي والكثير من الزراعات الحبوب والقطن في المناطق الشمالية والشرقية، اضافة الى الموارد الطبيعية مواد خام وفحم وغاز وفوسفات.
الإسلام والسياسة ووحدة الدولة
عزّز التنوع الإقليمي واللغوي والأقوامي والقبلي دور الإسلام التاريخي في توحيد الدولة السياسي وتبرير هويتها الثقافية وتوازنها النفسي. فباكستان على تبعثرها دولة مسلمة سكانياً 97 في المئة يشكل السنة 74 في المئة من مجموع الطوائف. ويتوزع الباقون على نسب متفرقة تتشكل من اقليات تنتمي الى مذاهب إسلامية مختلفة تعيش غالبيتها في اقليم السند، وتحديداً كراتشي، اضافة الى اقليات دينية صغيرة تتألف من مجموعات مسيحية وبوذية وهندوسية.
اعطى الإسلام هوية تاريخية وتوحيدية لدولة باكستان الحديثة التأسيس. فالفكرة اصلاً بدأت في تجمعات اسلامية سياسية وتبلورت في عقل نخب تحديثية تعلمت في جامعات الغرب ومعاهده ودمجت بين الدين والسياسة في محاولة منها لتبرير مواقعها والدفاع عن نفوذها التقليدي في قارة هندوسية ساهم الإسلام في صوغ شخصيتها الثقافية على امتداد قرون من الحكم الإسلامي.
إلى تقليدية دور الإسلام، تكفّل الصراع مع الهند بعد الانشقاق في بلورة نزعة سياسية دمجت بين القومي والديني وباتت الهوية الإسلامية مع الوقت هي الهوية القومية الجامعة لمختلف الأقاليم والقبائل واللغات. فمنذ رحيل المؤسس محمد علي جناح في العام 1948 تحول الصراع مع الهند الى جزء من التوازن الداخلي بين اجنحة الدولة وحزبها الحاكم. فالسياسة هنا تحولت الى نهج يخلط بين الهوية القومية للدولة الأرض الطاهرة والهوية الثقافية للدين الإسلام كما قال به السلف الصالح. ولذلك لعبت الحركة السلفية الهندية دورها في تشكيل صورة عن الإسلام "النقي" الذي جذب النخب المثقفة الباحثة عن هوية سياسية ضائعة في محيط هندوسي - بوذي. فعند النخبة حصل التطابق بين الأرض الطاهرة الموعودة والدين الطاهر المنزل لتأسيس سياسة اسلامية كان لها اثرها البالغ على الحركات الإسلامية في مصر والمشرق العربي وبعض العالم الإسلامي.
ومن باكستان الأرض الطاهرة انتقل الكثير من الأفكار السلفية تحت وطأة الصراع مع هندوس الهند الى العالم الإسلامي وبعض العالم العربي حين ترجمت بعض اعمال الإسلاميين وتم تبنيها بعد تنقيحات بسيطة من قبل قادة العمل الإسلامي في المنطقة العربية.
لا شك في ان غياب مؤسس الدولة محمد علي جناح المبكر أطلق للأفكار "الطهرانية" مجالها الحيوي السياسي - الثقافي وأسس البناء التحتي لفكر نخبوي لا يعطي اهمية خاصة للجغرافيا والتاريخ والتكوين الثقافي للدول. فالنخبة التي اسست "دولتها" جنحت نحو تأسيس "أمة" متخيلة مستقاة من الكتب ولا صلة لها بصورة الواقع وتعقيداته. فبعد رحيل جناح اغتيل وريثه ياقوت خان في 1951 عام تأسيس العاصمة الجديدة اسلام اباد فاندلعت حرب اهلية انتهت بالتوافق على "نظام ديموقراطي" استمر الى 1958 حين وقع انقلاب عسكري بقيادة محمد ايوب خان.
حكم ايوب خان "الأرض الطاهرة" الى العام 1968، شهدت خلالها باكستان حربها الثانية مع الهند في 1965، وسقط عسكرياً بانقلاب قاده يحيى خان في 1969.
وعد خان "الثاني" بانتخابات تعيد الحكم للمدنيين في العام 1970 ونفذ وعده الا ان الحرب مع الهند في العام 1971 التي تحركت لدعم انفصال باكستان الشرقية بنغلادش أجلت التسلم والتسليم الى العام 1973. ففي العام ذاك صدر الدستور وتم انتخاب ذو الفقار علي بوتو على اساسه رئيساً للوزراء واستمر الى أن أُسقط عسكرياً في انقلاب قاده الجنرال ضياء الحق في العام 1977.
ضياء الحق
ألقى ضياء الحق القبض على دولة "الأرض الطاهرة" ووضع بوتو الأب في السجن لمحاكمته ونفّذ فيه حكم الإعدام تحت وقع الأزمة الأفغانية التي تفجرت بدخول السوفيات اراضي الدولة المجاورة في نهاية 1979.
نجح ضياء الحق في الإفادة من الغزو السوفياتي حين وظفه لشراء سكوت المعارضة الداخلية والحد من الضغوط العالمية التي تراجعت احتجاجاً على اعدام بوتو. وطوّر ضياء الحق حاجة الولايات المتحدة لموقع باكستان الجغرافي فحسّن العلاقات مع واشنطن واشترى سكوتها عن البرنامج النووي وثبّت علاقاته المميزة مع جاره الصيني زار بكين عام 1982. وحصل ضياء الحق على مساعدات تسليحية اميركية - صينية، ومالية الدولة الثالثة من موازنة الدعم الأميركي الخارجي، اضافة الى تسهيلات اقتصادية انعشت الحال الاجتماعية وأعطت الدولة قوة لتثبيت نفوذها الشعبي وترسيخ سياستها المضادة لنمو التعاون العسكري - السياسي بين نيودلهي وموسكو.
وبسبب تقرب الهند من الاتحاد السوفياتي تخوفت اسلام آباد من احتمال الضغط عليها في جبهة كشمير - جامو فاقترحت على نيودلهي معاهدة عدم اعتداء في 1984 ألحقتها باستفتاء شعبي على اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر للدستور فنال انصار الشريعة 97 في المئة من الأصوات.
واصطدم مشروع التوحيد الديني بمعارضة دولية اميركية تحديداً وسياسية ابنة بوتو بنظير واجتماعية الإقطاعيون المسيطرون على الإنتاج الزراعي فشهدت البلاد اضطرابات فئوية وجهوية مدعومة بنمو قوة المهاجرين المسلمون الهنود في كراتشي.
ولاقت التوترات بين 1985 و1988 تشجيعاً من واشنطن والهند نظراً لتراجع الأهمية الاستراتيجية لباكستان بعد دخول الاتحاد السوفياتي فترة غيبوبة في افغانستان قادها ميخائيل غورباتشوف واعداً خلالها "البيت الأبيض" بالانسحاب في العام 1989.
آنذاك بدأت واشنطن تتخوف من سياسة ضياء الحق وبراغماتيته. فهو قاد باكستان نحو الاستقرار مستفيداً من حاجة "العالم الحر" لدولته فنجح في اكمال بناء المشروع النووي بدعم صيني، فرنسي، كندي الذي تأسس في العام 1955 وبدأ العمل به في 1972، وتطور في العام 1988 رداً على إجراء الهند تجربتها الأولى في 1974. كذلك قاد "الأرض الطاهرة" الى نوع من التوازن النفسي حين شجع قرار الناس باعتماد الشريعة كمصدر للدستور ومرجعاً لمختلف الأقاليم والقبائل.
وفي ضوء الوعد السوفياتي بالانسحاب من افغانستان تم الجلاء في 1989 تحيّنت واشنطن الفرص للتخلص من حليفها ضياء الحق فكان لها ما أرادت حين سقطت طائرته في حادث غامض في آب اغسطس 1988. وبذهاب المؤسس الثاني لباكستان فتحت الطريق امام عودة ابنة بوتو وانتخابها بدعم اوروبي بريطاني تحديداً في نهاية 1988. وحاولت بوتو تحسين علاقات بلادها مع الهند إلا انها اصطدمت بشروط قاسية. وبتحريض من اميركا وإسرائيل طالبت نيودلهي اسلام آباد التخلي عن مشروع بناء القنبلة النووية وبرنامج الصواريخ اضافة الى إلغاء الاستفتاء على الشريعة الإسلامية وأخيراً تحسين العلاقات مع إسرائيل تمهيداً للاعتراف بها.
وجدت بوتو صعوبة في تلبية تلك الشروط المذلّة فحاولت إيجاد صيغ تسوية تخفف عنها الضغط الداخلي وترضي بعض طلبات الغرب والهند شرط عدم فتح جبهات حدودية تعطل امكانات نشاطها على جبهة تهدئة المؤسسة العسكرية التي شهدت في فترة الأزمة الأفغانية نمواً متزايداً لموقعها القيادي في ادارات الدولة ودورها المستقل في رسم الاستراتيجيات بعيداً من رقابة الهيئات التشريعية والقضائية.
إلا ان تردد بوتو في تسريع خطواتها دفع الهند للضغط عليها من خلال ازمة كشمير فدخل جيش نيودلهي عاصمة "كشمير الهندية" سريناغار في العام 1990 في وقت اعلنت واشنطن تعليق مساعداتها المالية والتسليحية لباكستان في العام نفسه بذريعة ان اسلام آباد لم توقف نشاطها النووي المحتمل امتداده جغرافياً وتحوله الى "قنبلة اسلامية".
وأنتج تردد بوتو المحلي والإقليمي والدولي قوة ثالثة تمثلت في بروز حزب نواز شريف. فشريف، عكس بوتو الإقطاعية، ينتمي الى عائلة عُرفت بنشاطها المبكر في القطاع الصناعي وتقربها من المؤسسة العسكرية والحركات الإسلامية.
نواز شريف
جاء شريف في فضاء دولي انقلابي شهد العالم خلاله تفكك المعسكر الاشتراكي وانهيار الاتحاد السوفياتي حليف الهند وبروز الولايات المتحدة كقوة وحيدة لا منافس استراتيجياً لها خصوصاً بعد نجاحها العسكري في حرب الخليج الثانية.
إلا ان المتغيرات الدولية لم تزعزع التعاون الثنائي الهندي - الإسرائيلي الذي شهد سلسلة خطوات متقدمة بين 1988 و1991 تتوج لاحقاً بهدم مسجد ابوديا التاريخي في الهند 1992 وتنفيذ مجازر في ولاية كشمير معطوفاً عليها ضغوط واشنطن لوقف البرنامج النووي مع تهديد بقطع كل المساعدات الاقتصادية والوعود بالتسليح 1993.
أدرك قادة الدولة تراجع اهمية باكستان، بعد الانسحاب السوفياتي 1989 وتبخر المعسكر الاشتراكي، بغض النظر عن رئيس الحكومة وتوجهاته السياسية والاقتصادية. إلا أنهم تأخروا في صوغ استراتيجية دولية بديلة. فالضغوط من طريق الهند تركزت على تصعيد الحملة العسكرية في كشمير وعلى الحدود البنجاب مترافقة مع ضغط إسرائيلي مدعوم اميركياً بوضع المنشآت النووية تحت رقابة دولية، وهي أمور فرضت ترتيبات دفاعية على اسلام آباد.
ومنذ العام 1993 شهدت باكستان سلسلة تجاذبات دولية وإقليمية ومحلية. فهناك المؤسسة العسكرية وطموحها في إنجاز القنبلة النووية، وهناك الملاكون المؤيدون لبوتو اقليم السند المنزعجون من قوة شريف، وهناك الصناعيون المؤيدون لشريف اقليم البنجاب المتخوفون من عودة بوتو، وهناك القوة الجديدة الصاعدة المتمثلة بالجبهة الإسلامية وتفرعاتها. يضاف الى ذلك صراع بوتو الابنة مع شقيقها مرتضى الطامح لأخذ زعامة حزب والده من شقيقته ... وكل هذه المشكلات الداخلية معطوفة على ضغوط اقليمية بدأتها الهند في العام 1994 بتصعيد التوتر على حدود البنجاب ومقاطعة كشمير الى ضغوط اميركية تمثلت بإلغاء صفقة طائرات عسكرية اف 16 رداً على رفض اسلام آباد وضع مؤسساتها النووية تحت الرقابة وتمنُّعها عن توقيع معاهدة منع انتشار السلاح النووي قبل ان توقّع نيودلهي.
وحين جدد انتخاب بوتو في العام 1993 كانت باكستان على حافة الانهيار. فالحزب الشعب الذي اسسه والدها في 1967 انقسم الى اجنحة وتيارات محلية وعائلية. بينما "حزب الرابطة" الإسلامي الذي انشطر الى ثلاث شُعب في العام 1958 استعاد حيويته في ضوء توجه ضياء الحق الإسلامي. إلا ان الرابطة لم تعد كما كانت حين تأسست في العام 1930 وقادت الانفصال الاستقلال عن الهند في 1947. فالرابطة تفككت لتقوم مكانها مجموعة جبهات. فهناك الجبهة الإسلامية برئاسة قاضي حسين احمد، وهناك الجبهة الديموقراطية الإسلامية برئاسة فضل الرحمن، وهناك الجبهة الدينية برئاسة سميع الحق. يضاف إليهم حركة المهاجرين كراتشي وطائفة الأحمدية أسسها ميرزا غلام احمد المتوفى سنة 1908.
امام هذا الكم من التفكك والمعارضات لجأت بوتو الى لعبة خطرة فاتجهت نحو التعاون مع بعض التيارات الإسلامية لإضعاف نفوذ خصمها الجديد نواز شريف. فتحالفت في 1994 مع فضل الرحمن الجبهة الديموقراطية الإسلامية وسميع الحق المدرسة الحقانية بتشجيع من السفير البريطاني آنذاك بارينغتون.
واعتماداً على الحلفاء الجدد لجأت بوتو الى تمتين عناصر التعاون مع الباشتون في شقيها الباكستاني بيشاور والأفغاني كابول فاختارت نصر الله بابر الباشتوني وزيراً للداخلية الذي ساهم، اعتماداً على المؤسسة العسكرية، في تأسيس حركة طالبان 1994 - 1995 التي نجحت لاحقاً في هزيمة فصائل المجاهدين والسيطرة على 90 في المئة من افغانستان متحولة الى حليف ثابت للسياسة الباكستانية.
ومع ذلك بقي المشروع النووي نقطة توتر في العلاقة مع واشنطن ومصدر قلق لإسرائيل حليفة الهند الجديدة فاندفع التوتر بين اسلام آباد ونيودلهي الى مزيد من التدهور واصلاً الى حد تبادل التهديدات بالقصف النووي في العام 1995.
نهايات غير سعيدة
وفي فضاء سباق التسلح النووي الباكستاني - الهندي لم تلحظ قيادة اسلام آباد ان الجوار الجغرافي دخل في مرحلة جديدة تختلف عن تلك التي كانت سائدة في ايام "الحرب الباردة". فبعد الانتهاء من احتواء دول اوروبا الشرقية المعسكر الاشتراكي والسيطرة على جمهوريات الاتحاد اليوغوسلافي السابق دول البلقان تركز انتباه واشنطن على بقايا جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق في آسيا الوسطى تحتوي على ثاني اكبر مخزون نفطي في العالم فانتقل الخط الفاصل للجغرافيا - السياسية من وسط اوروبا الى وسط آسيا وبات الصراع على الطاقة هو اساس الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة.
لم ينتبه قادة باكستان الى المتغيرات التي عدّلت الاستراتيجيات الدولية بعد تفكك اتحاد الكرملين ومعسكره وانتقال مركز الثقل السكاني - الاقتصادي من المحيط الاطلسي الى المحيط الباسيفيكي. فالجغرافيا الجديدة للصراع فرضت سلسلة تغييرات استراتيجية تتناسب مع الخرائط السياسية للدول المستقلة حديثاً عن الاتحاد السوفياتي آسيا الوسطى - بحر قزوين التي شهدت سلسلة صراعات اهلية وحدودية لتقاسم النفوذ والموارد.
بدأت المعالم الجديدة للخرائط السياسية في الظهور بعد العام 1989 وتأكدت ملامحها الاولى في العام 1991 بعد نهاية حرب الخليج الثانية. الا ان نجاح مرشح الحزب الديموقراطي بيل كلينتون ابطأ الاستراتيجية الجغرافية الجديدة وخفف من زخم اندفاعها في فترة رئاسته التي امتدت الى نهاية العام 2000. وبنجاح جورج بوش الابن بدعم من تحالف شركات النفط والصناعات العسكرية عادت الروح الى استراتيجية بوش الأب منطلقة من جملة "مسلمات" تبدأ بالغاء الاتفاقات السابقة الحد من التسلح النووي - الصاروخي مع دولة بائدة السوفيات وتنتهي بتجديد "الحرب الباردة" بمواصفات تختلف عن تلك التي ورثت عن الحرب العالمية الثانية.
لم يلحظ قادة اسلام آباد هذه المتغيرات، والمعنى السياسي لتبدل الخطوط الفاصلة في الصراع الاستراتيجي الجديد فثبتوا على نهجهم القديم القائم على تحالفات ثنائية تتبدل وفق منظومة المصالح الموروثة عن "الحرب الباردة".
وبسبب عدم وضوح ملامح الاستراتيجية الاميركية الجديدة غاب قادة باكستان عن الصورة الجغرافية - السياسية وطموح واشنطن لتعديلها او على الاقل ضبطها ضمن مشروع المواجهة الباردة مع الصين ودول "طريق الحرير".
وفي وقت كان البنتاغون يرسم الملامح السياسية للجغرافيا الجديدة اندفع قادة باكستان في منافسات محلية على السلطة اقليم البنجاب ضد السند والعكس وحروب حدود كشمير في الشمال الشرقي وأفغانستان في الشمال الغربي في محاولة منهم لتحسين شروط التفاوض مع الهند تحت مظلة نووية والامساك بالسلطة في كابول طالبان.
كانت تقديرات قادة اسلام آباد في غير محلها. فالمراهنة على التطرف في افغانستان وتعميق "ثقافة العزلة" في طالبان أسهما في جر المنطقة الى حروب صغيرة انتهت الى "حرب كبرى" خططت لها واشنطن منذ العام 1997، حين اجرت تمارين عسكرية في جبال تيين شان في كازاخستان الجنوبية. والرهان على "حق تقرير المصير" في كشمير دفع قادة نيودلهي الى تعميق تحالفهم مع اسرائىل التي وسعت مهمات دورها الاقليمي من الشرق الاوسط "الصغير" الى شرق اوسط كبير شمل الدول الخمس المستقلة عن الاتحاد السوفياتي وصولاً الى افغانستان وباكستان.
الآن وبعد الانتهاء من حكم طالبان بات مصير باكستان الارض الطاهرة ومستقبلها مطروحين على بساط البحث. فهذه الدولة الحديثة التي بدأت "فكرة" في عقل نخبة من المثقفين وتحولت الى "واقع" لحظة انهيار الاستعمار الاوروبي القديم في جنوب غربي آسيا افتقدت دائماً الى مشروعيتها التاريخية بسبب ضعف تجانسها الجغرافي - القومي ونقص العوامل التي تعزز الوحدة على الانقسام.
جاءت "ضربة افغانستان" في وقت حرج وفي فترة دخلت الولايات المتحدة معركة ميدانية تطمح الى اعادة رسم الجغرافيا - السياسية الموروثة عن بريطانيا وروسيا. والمخاوف الآن ان تعمد واشنطن الى زيادة عناصر الضعف والضرب على عوامل القوة في باكستان من خلال تطوير تعاونها السياسي مع الهند لتأمين حاجتها الى قوة بشرية - جغرافية لمواجهة العدو المحتمل في المستقبل القريب: الصين.
* كاتب لبناني من أسرة "الحياة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.