واشنطن - أ ب - يبدو ان تركيا تقدم، تحت وطأة ضغوط شديدة على الجبهة الاقتصادية، بعض التنازلات في سياستها الخارجية، بتخفيف معارضتها لأي هجوم على العراق، وتأكيد ان ما يهمها هو وحدة أراضيه. وكان رئىس الوزراء التركي بولنت اجاويد، الذي يجري محادثات في واشنطن، يعارض بشدة أي محاولة لاطاحة الرئىس صدام حسين، ويسارع الى التذكير بالخسائر المالية الضخمة التي تكبدتها بلاده بعد حرب الخليج. وقال اجاويد في كلمة القاها اول من امس امام غرفة التجارة الاميركية ان "تركيا خسرت بسبب الحرب اكثر من 50 بليون دولار من التبادل التجاري مع جيرانها وشركاء تجاريين تقليديين". والتقى اجاويد نائب الرئىس الاميركي ديك تشيني في وقت متقدم ليل الثلثاء، وقال مسؤولون اتراك ان محادثاتهما لم تتناول العراق، لكنهم توقعوا ان يناقش رئيس الوزراء الموضوع مع الرئيس جورج بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد في لقاءين منفصلين. واشار مسؤولون ومحللون اتراك الى ان أنقرة خففت معارضتها لعملية عسكرية اميركية محتملة ضد العراق، معتبرة ان المسألة الاساسية هي وحدة اراضيه. ولم توضح الولاياتالمتحدة حتى الآن هل لديها خطط لمهاجمة العراق في حربها على "الارهاب". وتبدي تركيا قلقاً حيال مستقبل المنطقة التي تخضع لسيطرة تنظيمات كردية في شمال العراق، اذ تعتقد ان اقامة دولة كردية هناك ستغذي طموحات الأكراد في تركيا. وتزامنت زيارة اجاويد واشنطن مع تنديد عراقي ب"غزو تركي جديد" لشمال العراق بحجة مطاردة حزب العمال الكردستاني. وقال بولند علي رضا، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ان الموقف التركي الجديد هو: "لا نريد تجزئة العراق كجزء من عمل عسكري، لكننا لسنا ملتزمين سلامة الرئيس صدام حسين". ورأى ديريا سازاك المعلق في صحيفة "ميليت" التركية، ان كل ما تصر عليه أنقرة اذا تدخلت واشنطن في العراق هو ان يكون لديها دور مهم في شمال هذا البلد، بعد حصول مثل هذا التدخل. ونشر سازاك اخيراً كتاباً عن زيارات اجاويد للعراق قبل حرب الخليج مباشرة وبعدها، وكان رافقه فيها. وكتب ان الأتراك يروجون لفكرة اقامة منطقة حكم ذاتي للاقلية التركمانية في العراق الى جانب منطقة الحكم الذاتي الكردية. وترغب تركيا في وضع منطقة كركوك الغنية بالنفط تحت سيطرة التركمان الذين تربطهم بأنقرة صلات وثيقة. وتزايدت اهمية تركيا كحليف للولايات المتحدة بعد اعتداءات 11 ايلول سبتمبر، وتساهم بقوات في بعثة حفظ السلام الدولية في افغانستان، وعرضت ان تخلف بريطانيا في قيادتها. وأوضح مسؤولون اتراك ان اجاويد اكد خلال لقاء دام نصف ساعة مع تشيني في البيت الابيض، أهمية مساعدات الاعمار البعيدة المدى لافغانستان، خصوصاً تأسيس جيش وطني وتدريبه، وهو ما ابدت انقرة استعدادها للمساعدة فيه. وأكد تشيني ان الولاياتالمتحدة تعتبر علاقتها مع تركيا مهمة استراتيجياً، في اطار يتجاوز الحرب على "الارهاب"، ورأى محللون ان تركيا تحاول ان تترجم هذه الاهمية الجديدة الى مساعدات اقتصادية. وذكر المسؤولون الأتراك ان اجاويد ابلغ تشيني تطلع بلاده الى زيادة التبادل التجاري بين البلدين، وخفض اميركا التعرفات الجمركية بالنسبة الى الصادرات التركية. وفي كلمته امام غرفة التجارة الاميركية قال اجاويد: "هدفنا دائماً ان نصل بعلاقاتنا الاقتصادية مع اميركا الى مستوى التحالف الاستراتيجي القائم بين بلدينا". وأعلن انه يريد التفاوض على انشاء "مناطق صناعية مؤهلة"، كتلك التي اقامتها أميركا مع الاردن. ث