باشرت أجهزة الأمن البريطانية التحقيق في إمكان ان تكون لندن "قاعدة" انطلق منها 11 من خاطفي الطائرات "الانتحاريين" الذين هاجموا نيويوركوواشنطن في 11 أيلول سبتمبر الجاري، فيما أفاد مسؤولون اسبان أمس ان واحداً من ستة جزائريين اعتُقلوا للاشتباه في ارتباطهم بشبكة تابعة لأسامة بن لادن، ربما كان يُخطط لتنفيذ "عملية انتحارية". ونقلت وكالة "رويترز" عن وزير الداخلية الاسباني ماريانو راخوي قوله في بروكسيل حيث يحضر اجتماعات وزراء العدل والداخلية الأوروبيين، إن بلاده "تُحقق في احتمال ان يكون واحد من الإرهابيين الذين اعتُقلوا اول من أمس على وشك ان يحوّل نفسه الى إرهابي انتحاري، مثلما يقول عن نفسه في مفكرته الشخصية التي صودرت". وكانت أجهزة الأمن الإسبانية اعتقلت الثلثاء والأربعاء ستة جزائريين يُعتقد انهم ينتمون الى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال". وتؤكد السلطات ان هذه الجماعة تلقت دعماً بالمال والتدريب من أسامة بن لادن، المشتبه الرئيسي في الهجمات على نيويوركوواشنطن. وتشير إلى أن افراد الشبكة الجزائرية لهم ارتباط ايضاً بإرهابيين مشتبه فيهم، اعتُقلوا في بلجيكا وهولندا الشهر الجاري، والذين كانوا يُخططون لتنفيذ هجمات "انتحارية" على مصالح أميركية في أوروبا. وعرضت السلطات الاسبانية أمس على الصحافيين أشرطة فيديو صودرت خلال دهم مقرات المعتقلين. وتعرض هذه الأشرطة هجمات يُعتقد انها حصلت في الجزائر واستهدفت قافلة للجيش وصودرت في نهايتها أسلحة الجنود القتلى. كما تضمنت أشرطة أخرى بثها التلفزيون الاسباني مشاهد لمراكز تدريب لتنظيم إبن لادن في أفغانستان، ومشاهد أخرى لمتطوعين ل"عمليات انتحارية" يرتدون ملابس بيضاً وتحيط بهم جموع تردد هتافات تأييد. وتفيد السلطات ان المعتقلين الستة متخصصون في تزوير وثائق لمتطرفين آخرين، ويقومون بعمليات احتيال ببطاقات الائتمان لتمويل نشاطات مسلحين في الجزائر وشراء أجهزة لمقاتلين في الشيشان. سكوتلنديارد وفي لندن، أُفيد ان فرع مكافحة الإرهاب في سكوتلنديارد فتح تحقيقاً لمعرفة هل كانت بريطانيا "قاعدة" ل11 من المنفّذين الانتحاريين ال19 في عملية خطف الطائرات وتفجيرها في الولاياتالمتحدة. وأقرت الشرطة بأن 11 من الخاطفين مرّوا عبر مطارات بريطانية في طريقهم الى الولاياتالمتحدة، في الشهور القليلة التي سبقت العمليات الإرهابية. ويحاول محققو الشرطة الآن معرفة الفترة التي قضاها "الانتحاريون" في لندن، وهل كانت مقراً لعملية التخطيط لما حصل في نيويوركوواشنطن. وأقر وزير الداخلية ديفيد بلانكيت بأن أجهزة الاستخبارات البريطانية لم تضع ال 11 على لائحة المشتبه فيهم خلال وجودهم في بريطانيا. وقال لمحطة "بي. بي. سي" انه يُحتمل ان تكون هناك شبكة قدّمت لهم مساعدة خلال وجودهم في بريطانيا، وان هذه الشبكة لا تزال ناشطة. وأوقفت الشرطة البريطانية، بموجب قانون مكافحة الإرهاب، طيّاراً جزائرياً هو لطفي ريسي بناء على معلومات أميركية، وطالباً سعودياً من برمنغهام وسط انكلترا. وعلى الشرطة ان تُطلقهما أو توجّه اليهما اتهامات اليوم، موعد انتهاء الفترة القصوى التي يحق لها فيها توقيفهما. وإضافة الى هذين الرجلين، اعتقلت الشرطة ثلاثة شبان آخرين في ليستر بناء على معلومات فرنسية. إلى ذلك، نفى التاجر السوري مأمون دركازنلي أمس في هامبورغ وجود أي علاقة له بالاعتداءات الإرهابية في الولاياتالمتحدة، لكنه اعترف بأنه تعرّف إلى السوداني العراقي ممدوح محمد سليم المسؤول المالي القريب إلى أسامة بن لادن أواسط التسعينات، والذي اعتقل في المانيا ورُحّل الى أميركا نهاية 1998. وقال دركازنلي لصحيفة "فاينانشيال تايمز دويتشلاند" الألمانية ان علاقته بسليم تعود الى رغبة الأخير في شراء محطة إذاعية للسودان، لكن الصفقة لم تتم. وكانت الولاياتالمتحدة جمّدت مطلع الاسبوع حساباً لشركة التاجر السوري ولجأت المانيا أول من أمس الى الخطوة ذاتها. وتابع دركازنلي: "لو كانت لي صلة بالأمر لما بقيت هنا". وعن الصفقة التي لم تحصل، قال إنه تلقى فقط بضع مئات من الماركات في مقابل عمله، وأوضح انه يتذكر محمد عطا وسعيد بحاجي اللذين التقى بهما في أحد الأعراس في هامبورغ. وفي حين تؤكد الولاياتالمتحدة ان عطا قاد إحدى الطائرات المخطوفة التي صدمت برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك، فإن هناك مذكرة توقيف المانية بحق بحاجي الذي يُعتقد انه فر الى باكستان، وهو الماني من أصل مغربي. وأعلن ناطق باسم المدعي العام كاي نيم ان لا شبهة حتى الآن حول التاجر السوري وان التحقيقات الحالية لا تشمله. وكتبت صحيفة "زوددويتشه تسايتونغ" ان سليم ودركازنلي فتحا في 6 آذار مارس 1995 حساباً مع تفويض كامل متبادل في مصرف "دويتشه بنك"، وأقفلاه في ربيع 1997. وأضافت ان المحققين الأميركيين ينطلقون من وجود اتصالات بين دركازنلي ومروان الشحي أحد خاطفي الطائرات الأربع الانتحاريين. ولا تزال الأجهزة الأمنية الألمانية تعمل لكشف هل هناك علاقة بين "خلية هامبورغ" المرتبطة بعملية تفجير الطائرات في الولاياتالمتحدة وبين مجموعة من خمسة أشخاص اعتُقلوا نهاية العام الماضي في فرانكفورت، للاشتباه في تخطيطهم لعمليات تفجير خلال احتفالات عيد الميلاد في مدينة ستراسبورغ. وفي ديترويت، أعلن مكتب التحقيقات الفيديرالي الاميركي اف. بي. آي. توقيف خمسة في اطار تحقيق فتح في اعقاب اعتداءات 11 ايلول، يهدف إلى تحديد ما اذا كان "ارهابيون" خططوا لاستخدام شاحنات محشوة بالمتفجرات لتنفيذ عمليات في مدن اميركية. وشملت عمليات التوقيف مساء الاربعاء سائقي شاحنات متهمين بأنهم حصلوا بطريقة غير قانونية على اجازات قيادة خاصة بمحترفين، وحصولهم، في حال واحدة، على إذن خاص لنقل مواد خطيرة. ومع توقيف الخمسة، ارتفع الى عشرة العدد الاجمالي للموقوفين في اطار عملية تشمل ولايات اميركية. واضاف مكتب التحقيقات انه سبق واعتقل ثلاثة رجال في ولاية واشنطن شمال غرب واثنين في ميسوري وسط لأسباب مماثلة. ولم يشر "اف. بي. آي" إلى جنسية المعتقلين في ديترويت، مكتفياً بوصفهم بأنهم عرب، موضحاً أن اسماءهم هي حسين العبيدي وسمير المزعل وعقيل العبودي وهم من سكان هذه المدينة، وعاطف العتبي واركان الاندون من سكان ديربورن المجاورة.