فتحت دمشق امس أبوابها امام أمين سر اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية السيد محمود عباس ابو مازن بعدما ارجأ الرئيس ياسر عرفات زيارته، على رغم اعلان مسؤولين سوريين مراراً ان "الابواب مفتوحة في اي وقت امام" الرئيس الفلسطيني. ووصل "ابو مازن" بعد ظهر امس الى العاصمة السورية في اول زيارة سياسية منذ انشقاق حركة "فتح" عام 1983، علماً انه شارك في تشييع الرئيس الراحل حافظ الاسد العام الماضي. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان جدول زيارته يشمل لقاء مع نائب الرئيس السيد عبدالحليم خدام ظهر اليوم ووزير الخارجية فاروق الشرع غداً، وزيارة رئيس "جبهة الانقاذ الوطني الفلسطيني" السيد خالد الفاهوم في منزله، مشيرة الى عدم وجود لقاء مبرمج مع الرئيس بشار الاسد. وعلى رغم كونه "مهندس" اتفاق اوسلو الذي لقي انتقادات حادة من جانب سورية وساهم في تعزيز الفرقة مع القيادة الفلسطينية منذ العام 1993 وشهرته ب"العند والتشبث في مواقفه السياسية"، فان اسبابا عدة اقنعت دمشق باستقبال "ابو مازن" بينها الاعتقاد بأنه "الرجل الثاني" في منظمة التحرير الفلسطينية، وتمتعه ب"علاقات متينة وتحالفية" مع كل من السعودية وقطر والامارات وتونس والمغرب. وربما تكون "القطيعة الموقتة" التي حصلت بينه وبين عرفات أدت الى زيادة القناعة لدى دمشق بضرورة "الانفتاح عليه على أساس الواقعية السياسية". وقال احد المصادر الفلسطينية ل"الحياة" ان هذه "القطيعة" حصلت على خلفية زيارة "ابو مازن" الاخيرة لواشنطن التي يزورها دورياً لاجراء فحوصات طبية. واوضح: "قبل اشهر ابلغ ابو مازن الرئيس عرفات بانه ذاهب الى اميركا ولديه موعدان محددان مع مستشارة الامن القومي كوندوليرا رايس ووزير الخارجية كولن باول، فطلب منه عرفات اصطحاب صائب عريقات الامر الذي لم يفعله ابو مازن". وأدى ذلك الى "قطيعة" استمرت شهوراً لم تحل الا قبل اسبوعين عندما زار عرفات "ابو مازن" في منزله وتناول طعام الغداء عنده. ورجح المصدر ان يكونا بحثا في زيارة "ابو مازن" الذي كان طلب قبل ثلاثة اسابيع "تأجيل" زيارته لسورية الى حين تحقيق "المصالحة" مع عرفات. كما ساهمت مواقف "ابو مازن" في مفاوضات كامب ديفيد نهاية العام الماضي في ردم الهوة بينه وبين دمشق. وقال مصدر مطلع ان وزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين اولبرايت ابلغت "ابو مازن" خلال هذه المفاوضات "ان عرفات موافق على العروض المقدمة وهو يقول انك الرافض والمتشدد، فرد محمود عباس: انا لست متشدداً لكني لن اتنازل عن سنتيمتر واحد من اراضي 1967 وعن تنفيذ القرارين 242 و338". وبعدما قال المصدر ان "جميع هذه الاسباب اقنعت السوريين بضرورة الانفتاح عليه"، تساءل: "ان السوريين يشتغلون في السياسة، لماذا يخاصمون ابو مازن؟ لماذا يبقون فقط على خط رئيس الدائرة السياسية في المنظمة فاروق القدومي ابو اللطف؟ هم يدركون ان معظم المنظمات الفلسطينية الموجودة في دمشق ليس لديها قوة ووجود في اراضي الضفة وقطاع غزة، لماذا لا ينفتحون على المؤثرين هناك خصوصا بعدما حققوا نجاحات سياسية بانفتاحهم على فلسطينيي 1948 الذين يزورون سورية 50 شخصا منهم اسبوعيا؟". يذكر ان "ابو مازن" من فلسطينيي سورية. وهو كان من اكثر منتقدي العقيد ابو موسى وابو خالد العملة بعد تأسيس "فتح -الانتفاضة" والانشقاق عن "فتح" بقيادة عرفات عام 1983.