سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرئيس اللبناني اشاد بالمناخ الوفاقي لزيارة البطريرك الذي استقبلته الحشود في المختارة وجزين . صفير : سامح الله من تسبب في الغيوم الدكناء جنبلاط:حربا 1860 والجبل ولتا الى غير رجعة
بيروت - "الحياة" - شهد اليوم الثاني لزيارة البطريرك الماروني نصرالله صفير الى الشوف لقاءات مهمة على أكثر من صعيد في مدلولاتها السياسية وتخللها استقبالات شعبية حاشدة. واستهل صفير يومه بزيارة رئيس الجمهورية اميل لحود في المقر الرئاسي الصيفي في قصر بيت الدين يرافقه راعي أبرشية صيدا ودير القمر المارونية المطران طانيوس الخوري. واختلى به لمدة 40 دقيقة. ووصف لحود الزيارة الراعوية التي يقوم بها صفير بأنها "تاريخية"، متمنياً أن تحقق أهدافها كافة وأهمها تسريع عملية عودة المهجرين الى قراهم، وإقفال الملف الذي تعمل الدولة على إنجازه مع كل المعنيين. وأشاد لحود ب"المناخ الوفاقي الذي ساد زيارة البطريرك"، معتبراً ان "استمرار هذا المناخ، من شأنه أن يقوّي وحدة اللبنانيين ويمكّنهم من مواجهة الاستحقاقات التي تنتظر البلاد في مجالات عدة". وأضاف: "لقد أكدنا مراراً ان لا بديل عن هذه الوحدة التي نعمل على تعزيزها، فهي العنصر الأهم والأبرز لبقاء لبنان حراً وسيداً ومستقلاً يقوم بدوره كاملاً اقليمياً ودولياً". وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط زار صفير في بيت الدين على رأس وفد كبير. وقال جنبلاط بعد اللقاء: "ان زيارة البطريرك خطوة لطالما انتظرناها، وقد اختار توقيتها في الوقت المناسب السياسي مع استكمال العودة". وكان في استقبال صفير في المختارة على مقربة من القصر جنبلاط ونجلاه تيمور وأصلان وسط حشد كبير من المواطنين وانطلق الجميع مشياً على الأقدام الى باحة القصر ببطء شديد نتيجة الحشود الكثيفة التي ملأت المحيط. وحين أطلّ صفير على مدخل القصر اطلقت الزغاريد والهتافات وعلا التصفيق ترحيباً من جانب حشد ضخم من الشخصيات الرسمية والسياسية الوزارية والنيابية والروحية التي غصّت بهم باحة القصر يتقدمهم الرئيس أمين الجميل وقيادة الحزب التقدمي وأعضاء اللقاء الديموقراطي ونائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي وعميد الكتلة الوطنية كارلوس اده على رأس وفد كبير ورئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون وقائد "القوات اللبنانية" فؤاد أبي ناضر وأركان لقاء قرنة شهوان والنائب نسيب لحود على رأس وفد من حزبه وأركان المنبر الديموقراطي وعشرات رجال الدين المسيحيين والمسلمين الذين صافح صفير معظمهم. وألقى جنبلاط كلمة ترحيبية تناول فيها العلاقات التاريخية المميزة مع بكركي". وقال: "في استكمال المصالحات لا بد لنا من جهد استثنائي في بعض القرى لازالة ما تبقى من تشنجات كي لا يشعر فريق هنا أو فريق هناك بأن هذه المصالحة سويت على حسابه، ويبقى بالتالي جو من الاحتقان والانتقام قد يعطّل تلك المصالحات". وأضاف: "وفي ما يسمى بالثنائية المسيحية - الدرزية وامكان بعثها أو تجديدها، أعتقد ان هذه الثنائية عرفت أياماً مجيدة، ولاحقاً أياماً صعبة، لكن لبنان الكبير الذي شاركتم في بنائه واحيائه لا يحمل ثنائيات، بل يفرض وحدة وطنية شاملة، آخذين في الاعتبار خصوصية المناطق". وتابع "في قضية العدالة والتنمية، لا عدالة من دون تنمية متوازنة، والتمثل أو الانبهار بالنمط الغربي ضرب من ضروب التهور، فكل بلد له خاصيته في التنمية على رغم تلك العولمة المتوحشة، وحذاري من نصائح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومن جنات الشراكة الأوروبية. المهم ازالة الفساد، وحكم الأجهزة، مع رفض احتكار الثروة ودولرة العملة الوطنية". وأضاف: "أما التذكير بخطاب القسم، فهذا مفيد، لكن هل لي أن أذكر بأن الانجازات الكبيرة الانمائية والادارية والسياسية التي قام بها الراحل الكبير الرئيس فؤاد شهاب أهدرتها لاحقاً بعض الأجهزة". وقال: "قد يكون من المفيد عدم التذكير بالبدائل الأمنية لأنها فشلت". وتناول قضية العلاقة مع سورية وقال: "ان تزايد التهديدات الاسرائيلية يفرض احترام المصالح الاستراتيجية العسكرية والامنية لسورية، لكن هذا لا يلغي ضرورة التصحيح من اجل تنقيتها ومن اجل وقف التشنج أو المزايدة أو التملق او الوصاية"، معتبراً ان "سورية بوجود جيشها أو عدم وجوده عامل استقرار اساسي في لبنان والشرق، فلا بد من صيغة تحترم اتفاق الطائف وتؤكد سيادة لبنان والمصالح التاريخية المشتركة للشعبين". وخاطب صفير قائلاً: "لاستكمال احتضانكم الوطن كل الوطن، يبقى الجنوب كل الجنوب بمقاومته وأهله كل أهله، واذا كان لي من رأي في هذا المجال فبعد جزين، والتوقيت يعود لكم أنتم وحدكم تقررون، الجنوب كل الجنوب في انتظاركم، فوحدة لبنان واستقلاله لا تستكمل إلا باحتضان الجنوب بعد تحريره". وأضاف: "أيها الضيف الكبير أهلاً بك في دارتك، دار اللبنانيين ودار العرب في المختارة، دار كمال جنبلاط الحاضر أبداً، فهل تسمح لي أن أقول ان حرب الستين 1860 ورواسب حرب الستين انتهت الى غير رجعة، وهل تأذن لي أن نعلن ان حرب الجبل ولّت الى غير رجعة أيضاً". وقال: "معكم نحمي الجبل، نحمي لبنان والعيش المشترك في كل مكان". ورد صفير بكلمة شكر فيها جنبلاط على احتفائه به. وقال ان "العلاقة التي قامت بين هذه الدار ودار المطرانية المارونية، لا بل البطريركية المارونية والكثير من وجهاء الموارنة وعامتهم هي علاقة قديمة عريقة، ويكفينا ان نذكر جدتكم السيدة نظيرة جنبلاط التي عرفت كيف تحافظ على علاقة احترام متبادل مع المطارنة الذين تعاقبوا على هذا الكرسي الأسقفي". وتابع "وما القول عن المرحوم والدكم كمال بك الذي عرفناه من خلال زياراته الى الكرسي البطريركي وما كان له من علاقة وطيدة مع المثلث الرحمة بولس بطرس المعوشي ابن جزين جارتكم العزيزة، ومن لا يعرف ان كمال بك قد ذهب ضحية صدقه مع نفسه وصراحته، وهو الذي ما اضمر يوماً غير ما أظهر". وقال: "إذا كانت قد تلبدت غيوم دكناء في بعض الأحيان في سماء هذه العلاقات الودية فيمكننا ان نقول ما تعوّد بعضنا ان يقول في مثل هذه الحالة سامح الله من كان السبب". وعقد لقاء داخل القصر بين صفير وجنبلاط والعديد من الشخصيات المشاركة. وعند الخامسة غادر صفير الى جزين من طريق نيحا - باتر وأقيم له استقبال رسمي وشعبي حاشد في الساحة العامة أمام كنيسة مار انطونيوس يتقدمهم النائب ياسين جابر ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري". وأقيم قداس للمناسبة. وألقى صفير عظة قال فيها: "كنا قد تمنينا صادقين لو مكّنتنا الظروف من القيام بهذه الزيارة منذ زمن بعيد يوم كانت بلدتكم ترزح تحت ثقل ما رزحت تحته طوال نحو ربع قرن من تجاذبات سلطوية وضغوط عسكرية وتأرجحات مأسوية فأصبحتم حيارى بين سلطة شرعية غابت عن ربوعكم، وأنتم تدينون لها بالولاء، وسلطة امر واقع تفرض عليكم ما فرضت من قيود لا طاقة لكم في تحملها". وتابع صفير: "إن جزين على رغم كل الصعوبات بموقعها المميز في الجبل وهي اليوم بوابة الجنوب الذي يطيب لنا ان نحيي من هذا المكان ابناءه الميامين الصابرين على المحنة المتمسكين بتقالديهم ووطنهم لبنان ولم يبخلوا يوماً بالمُهج والارواح في سبيل الذود عن كرامته". وقال: "كم كنا نتمنى ان نزوره لولا اننا نعرف ان من بينهم من اتخذ طريق المنفى الطوعي ومن بينهم من زج في السجن، ولم يبق في البيوت سوى الامهات والاطفال الذين يعانون ما يعانون من خوف وحرمان وامتهان من كل الطوائف والمذاهب وهم يستأهلون نظرة عطف وتفهم لأوضاعهم المأسوية من كل المسؤولين".