أحيا جبل لبنان أمس الذكرى ال16 للمصالحة التاريخية التي كان رعاها البطريرك الماروني السابق نصرالله صفير ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط. وزار البطريرك الماروني بشارة الراعي منطقة الشوف، للمناسبة، تكريساً للمصالحة وتثبيتها ودعمها. وأقيم له استقبال شارك فيه تيمور جنبلاط ممثلاً والده ووزراء «اللقاء الديموقراطي» ونوابه. وحضر الاحتفال الذي أقيم في قصر الأمير أمين في بيت الدين النائب نعمة طعمة ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وزير الثقافة غطاس خوري ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري، وزير التربية مروان حمادة، النائب جورج عدوان ممثلاً رئيس «حزب القوات» سمير جعجع، النائب فادي الهبر ممثلاً «حزب الكتائب» والسفير البابوي غبريال كاتشيا، فيما لوحظ غياب «التيار الوطني الحر» و «حزب الوطنيين الأحرار». وكان جنبلاط زار الراعي في مطرانية الموارنة في بيت الدين قبل توجه الأخير إلى قصر الأمير أمين واعتذر عن عدم مشاركته في المناسبة لأسباب صحية. وألقى حمادة كلمة باسم جنبلاط توجه فيها إلى الراعي بالقول: «كنت من الأصوات العالية في وجه الوصاية وكان المكسب للبنان انه عندما يقوم الجبل يقوم لبنان كما قال البطريرك صفير. اليوم الجبل قائم ويبقى أن يقوم لبنان، فهو ليس متكامل القيامة وأنت تنبّه دائماً إلى الأخطار والهفوات التي نرتكبها ويرتكبها غيرنا». وأشار إلى «محطة محاولات وليد جنبلاط إقامة مصالحة في الجبل ولم تكن الظروف الإقليمية والدولية والمحلية قد نضجت». وذكر ب «مؤتمر بيت الدين واغتيال الرفيق أنور الفطايري مع جرح النائب السابق جورج ديب كما المعركة لإقامة وزارة المهجرين والمصالحات التمهيدية في معاصر الشوف في عهد الرئيس الياس الهراوي والوعي الكامل لكل القوى الوطنية ويومها تم الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب عام 2000 يوم انتصار لبنان الرسمي والمقاوم على العدو الإسرائيلي، عندها ارتأى الجميع أن الوقت حان ليرفع لبنان عنه مظلة مثقلة جداً على مؤسساته واقتصاده ووضعه ووحدته الوطنية». وأضاف: «كانت صرخة المطالب بقيادة صفير وكان تجاوب وليد جنبلاط في تصريحه الشهير في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2000 والذي جاء بعد اجتماعات في قرنة شهوان ولقاءات بريستول وما تبعها من انتفاضة الاستقلال». وأشار إلى «التهديد الذي واجهه وليد بيك في قلب المجلس النيابي حين قالوا له أنت يجب أن تقتل ونريد أن نعلّق لك مشنقتك لأنه تجاوب مع بكركي وبعدها كان سمير جعجع من زنزانته يعمل على هذه المصالحة وهو لا يعلم متى سيتحرر وجاءت الزيارة ولقاء المختارة ثم جاءت الانتفاضة في 6 و 7 آب(أغسطس)». وأكد أن «الجبل بوجود الراعي ووليد بيك قائم وبوجود تيمور سيبقى». وقال لتيمور: «نحن إلى جانبك لانقاذ البلد من أي وصايات جديدة». وقال عدوان: «عندما تمت مصالحة الجبل لم يخش البطريرك صفير ولا جنبلاط ولا الهامات الوطنية التي شاركت بها ولا شباب القوات والتيار والكتائب والأحرار والتقدمي وصاية وتهويلاً بل تحدوا الذات والمخاوف والمحاذير والسجن». وقال: «نحيا المصالحة في الصميم ونكرسها يومياً في العيش الواحد بين الموحدين الدروز والمسيحيين والمسلمين في مشهد نريده دائماً ناصعاً، ونجدد العهد والوعد، العهد للبطريرك صفير وللبطريرك الراعي بحماية الجبل ونجدد العهد بالتكاتف لحمايته من المتطرفين والمزايدين والمصطادين في الماء العكر، وسنكمل الطريق مع المخلصين وأهل الاعتدال، والوعد لأهلنا أبناء الجبل بأن نبقى معاً في السراء والضراء، لنكمل مسيرة العدالة والشفافية والإصلاح الحقيقي». وأضاف: «عندما نلتقي مع الخيرين نلتقي على حماية الجبل، وعلى رأسهم وليد جنبلاط. نلتقي على حماية الأمل بلبنان السيد الديموقراطي، لبنان الذي لا يمكن فيه أحد أن يلغي أحداً، فكم بالحري عندما نلتقي مكونات تاريخية ليس لها وطن سوى لبنان المنفتح على المحيط والذي يرفض التورط بصراعات المحاور والاصطفافات الطائفية والمذهبية». واختتم الاحتفال بكلمة للبطريرك الراعي اعرب فيها عن سعادته «في ان اكون معكم لاحياء ذكرى المصالحة التاريخية في الجبل». واشار الى أن «المصالحة بين الرجلين الكبيرين غبطة البطريرك صفير والزعيم وليد بك جنبلاط، هدفت الى اعادة اللحمة الوطنية وتدعيم العيش المشترك بين اللبنانيين عموماً وفي منطقة الجبل والشوف خصوصاً بعد النكبة التي حلت بهم». واضاف: «جددت مرتين مع الزعيم وليد جنبلاط هذه المصالحة وشددنا اواصرها، فضلاً عن ارادة المسيحيين ورغبتهم وعودتهم الى بلداتهم وقراهم». واعتبر ان «المصالحة السياسية والاجتماعية تمت في مجملها، لكنها تحتاج الى استكمالها بالعيش معاً جنبا الى جنب بثقة وتعاون أكبر، وهذا يقتضي ان تتضافر الجهود من قبلنا جميعا، دولة وكنيسة ومجتمعاً اهلياً ومسؤولين سياسيين وقدرات محلية، لتوفير فرص عمل للسكان، بدءاً من التوظيف المتوازن في ادارات الدولة وصولاً الى مشاريع متنوعة». وطالب الراعي «الدولة بتعزيز مؤسساتها في هذه المنطقة وتطبيق اللامركزية الادارية وتحسين البنى التحتية والخدمية. واننا نودعكم ايها المسؤولون السياسيون والوزراء والنواب جميعا هذه المطالب»، مؤكداً ان «سلامة لبنان من سلامة الجبل، فلنعمل كلنا بإرادة واحدة لتوفير هذه السلامة». وكان الإعلامي سعد الياس عرض المسار الذي أدى إلى المصالحة في فيلم وثائقي أعده للمناسبة بعنوان «... ويبقى الجبل».