المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    "التجارة" تكشف مستودعًا يزور بلد المنشأ للبطانيات ويغش في أوزانها وتضبط 33 ألف قطعة مغشوشة    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    السعودية وكأس العالم    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حق الشعب الفلسطيني في العودة: دراسة في المطلب والواقع والحلول . اسرائيل رفضت 25 قراراً صادراً عن مجلس الأمن وأكثر من 110 عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة 1 من 3
نشر في الحياة يوم 21 - 08 - 2001

سلّطت الانتفاضة الفلسطينية الضوء على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ارضهم. وأظهرت التطورات الأخيرة منذ فشل محادثات كامب ديفيد في تموز/ يوليو 2000 وحتى اليوم ان العقدة المركزية في المسألة الفلسطينية عموماً وفي مسار التوصل الى سلام عادل وشامل كانت وستكون قضية حق العودة، الى جانب قضيتي القدس والمستوطنات. وإذا كان العقل السياسي الصهيوني، والعقل السياسي الغربي الأميركي والأوروبي والروسي على السواء يستطيع ايجاد حلول وسطية لقضيتي القدس والمستوطنات ضمن إطار التقاسم وإعادة التوزيع وبما يؤدي الى تحويل الدولة الفلسطينية الى مجرد "بانتوستانات" مفككة لا أفق لها سوى الارتباط بكونفيديرالية اسرائيلية - أردنية - فلسطينية او الوقوع تحت الوصايات المتعددة لدول الجوار كما كان الحال قبل عام 1967، فإن العقل السياسي الفلسطيني، معززاً بالعجز العربي واللامبالاة الدولية، بات قادراً على القبول بتقاسم مدينة القدس تحت شعار "عاصمة واحدة لدولتين" و"مدينة واحدة لثلاثة ديانات ولشعبين".
ويبدو ان القيادة الصهيونية والمجتمع الإسرائيلي برمته يميناً ويساراً لا يستطيع هضم التراجع عن مقولة اورشليم عاصم ابدية موحدة لدولة إسرائيل... كما ان هذا المجتمع المعسكر الذي نشأ وتطور في رحم المستوطنات لا يستطيع ايضاً العيش خارج سياق الاستيطان والمستوطنات. فالرموز الإيديولوجية لتماسك الجماعة الإسرائيلية تتمثل بالضبط في محورية القدس في العقيدة الصهيونية وفي مركزية المستوطنات في البناء السياسي الإسرائيلي. وإن أي قبول بمساومة او بتنازلات في هاتين النقطتين يعني بداية العد العكسي للمشروع الصهيوني برمته... فكيف إذاً في موضوع حق العودة وهو الخطر الأكبر على المستوى الإيديولوجي كما على المستوى العملي الديموغرافي والاقتصادي الاجتماعي والسياسي.
أ- في الشرعية الدولية:
1- إن الأساس الأولي لشرعية المطلب الفلسطيني في حق العودة يتمثل في قرار الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة الرقم 194 3 الصادر في 11 كانون الأول ديسمبر 1948، وتحديداً في المقطع الحادي عشر منه الذي يقول: "إن الجمعية العمومية تقرر بأنه يجب السماع للاجئين الذين يرغبون في العودة الى منازلهم والعيش بسلام مع جيرانهم، بتحقيق ذلك بأسرع وقت ممكن، وكذلك بالتعويض عن الممتلكات للذين لا يرغبون في العودة، وبالتعويض عن الخسائر أو الإصابات في الممتلكات وفقاً للقانون الدولي وطبقاً لمعايير العدالة...
ان الجمعية العمومية تأمر "لجنة التوفيق" بتسهيل العودة والإسكان والتأهيل الاقتصادي - الاجتماعي للاجئين وبدفع التعويض، وبإبقاء صلات وثيقة مع المدير العام لوكالة غوث اللاجئين ومن خلاله مع الهيئات والمؤسسات ذات الصلة في الأمم المتحدة..." الترجمة للكاتب.
2- وبدءاً من عام 1949 دأبت الجمعية العمومية على إصدار قرارات سنوية تؤكد حق العودة او تعيد تأكيد القرار 194. وتم لاحقاً ربط حق العودة وفقاً للقرار 194بحق "تقرير المصير" مما جعل حق العودة حقاً وطنياً وليس فقط مجرد حق فردي أو انساني وذلك عبر القرار الشهير رقم 3089 د 28 والصادر عن الجمعية العمومية في 7 كانون الأول 1973 الذي يقول: "إن الجمعية العمومية... تعلن ان الاحترام الكامل للحقوق غير المنقوصة لشعب فلسطين، وتطبيقها، وخصوصاً حقه في تقرير المصير هي ضرورة لا غنى عنها لإقامة سلم عادل ودائم في الشرق الأوسط... وإن تمتّع اللاجئين العرب الفلسطينيين بحقهم في العودة، الى منازلهم وممتلكاتهم، وهو الحق الذي كفلته لهم الجمعية العمومية بقرارها رقم 194 3 تاريخ 11/12/1948، والذي اعيد تأكيده مراراً من طرف الجمعية العمومية، هو امر لا غنى عنه لإقامة حل عادل لمشكلة اللاجئين ولممارسة شعب فلسطين حقه في تقرير المصير..." الترجمة للكاتب.
3- القاعدة الثالثة لحقوق اللاجئين تكمن في القرارين الصادرين عن مجلس الأمن رقم 242 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967 ورقم 338 22 تشرين الأول/ اكتوبر 1973 من حيث "تأكيد ضرورة ايجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين". والمعروف ان هذين القرارين شكلا اساساً للمفاوضات في مؤتمر مدريد تشرين الأول 1991.
4- هناك على الأقل 25 قراراً صادراً عن مجلس الأمن وأكثر من 110 عن الجمعية العمومية، تدعو "حكومة إسرائيل" الى احترام حقوق الإنسان والى التزام تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة 1949 في الأراضي المحتلة، وهي كلها تذكر قضية اللاجئين وتذكّر بقرارات حق العودة. ولعل أبرز قرارات مجلس الأمن في هذا الصدد هو القرار رقم 237 14 حزيران/ يونيو 1967 والقرار رقم 681 20 كانون الأول 1990.
5- القاعدة الخامسة ولعلها قد تكون الأولى إعلامياً للشرعية الدولية لحق العودة تتمثل في قرار الجمعية العمومية رقم 273 تاريخ 11 ايار مايو 1949 وهو القرار الذي وضع شروط قبول عضوية "إسرائيل" في هيئة الأمم المتحدة وأولها شرط قبول مشروع التقسيم للعام 1947 القرار 181 وشرط الاعتراف بمبدأ حق تقرير المصير وعودة اللاجئين الى ديارهم القرار 194. كما ان الجمعية العمومية استندت في قرارها قبول اسرائيل في عضويتها على ما جاء في "وثيقة إعلان دولة إسرائيل" من "القبول غير المشروط" لموجبات ميثاق الأمم المتحدة وتأكيد الالتزام باحترامها، كما باحترام قراراتها وخصوصاً القرارين 181 و194. وقد اعلنت الجمعية العمومية "أخذها علماً بتصريحات وتفسيرات "حكومة إسرائيل" امام اللجنة السياسية بخصوص تطبيق القرارات المذكورة..."
وأمام هذا السد من النصوص والقرارات الخاصة بالشرعية الدولية، تطرح إسرائيل رفضها القبول بمسؤوليتها عن "مشكلة اللاجئين".
ب - في تعريف اللاجئين
بالنسبة إلينا اللاجئ هو الفلسطيني الذي هرب أو طُرد أو أُجبر على الهجرة والمنفى خارج أرضه ووطنه، أو حُرم لاحقاً حق العودة، أو مُنع لاحقاً من دخول فلسطين. وهذا التعريف العام يتوافق تماماً مع المعنى الدولي المعتمد ومع التعريف المستخدم في النظام الأساسي للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة UNHCR الصادر عام 1950، ومع الاتفاقية الدولية حول اللاجئين 1951، وبروتوكول الأمم المتحدة حول اللاجئين 1967. وهذا التعريف يشمل اللاجئين الفلسطينيين اثر حرب 1947- 1948، وما بعد اتفاق رودس 1949، وكذلك اللاجئين إثر حرب حزيران 1967، أو كنتيجة للاحتلال العسكري ولسياساته في الضفة الغربية وقطاع غزة منعت إسرائيل آلاف الفلسطينيين ممن كانوا في زيارات للأهل أو في عمل أو في جامعات عربية او أجنبية من العودة الى ديارهم في الضفة والقطاع بعد حرب 67 ناهيك عن الطرد والتهجير والإبعاد وغير ذلك.
وظلت إسرائيل ترفض حتى التسعينات من القرن العشرين الاعتراف بأيه مسؤولية اخلاقية أو قانونية عن خلق ما سمي دولياً بمشكلة اللاجئين. الى أن خرج الى النور تيار المؤرخين الجدد الذي استند إلى وثائق إسرائيلية رسمية ليُعلن ان الفلسطينيين طُردوا وهُجّروا وأُجبروا على الفرار امام الإرهاب والحرب المدمّرة لهم. واليوم صار بإمكان المجتمع الدولي الارتكاز الى جملة حقائق اصبحت محسومة حتى لدى المسؤولين السياسيين والعسكريين في إسرائيل وليس فقط المثقفين او المؤرخين الجدد حتى أنها انعكست في برامج التعليم المدرسية وهي تقول:
1- ان 70 في المئة على الأقل من لاجئي 1948 أُجبروا على الفرار بسبب الحرب والإرهاب الإسرائيلي.
2- ان اللاجئين الذين عادوا، أو حاولوا العودة، منعوا بالقوة من البقاء، أو جرى طردهم بالقوة.
3- ان الغالبية الكبرى من اللاجئين ظلت تنتظر لسنين طويلة في اراض قريبة او محاذية لقراها الأصلية وهؤلاء عرفوا باسم لاجئي الداخل أو عبر الحدود في "مخيمات موقتة"، كما في غزة ولبنان والأردن.
4- ان الحكومة الإسرائيلية استولت على أملاك اللاجئين والمهجرين معلنة أنها "أملاك غائب" وصادرتها لمصلحة اليهود.
هذا التطور في تحديد المسؤولية عن خلق مشكلة للاجئين وعن ظروفهم وأوضاعهم ضرب في الصميم الحجة الإسرائيلية التي كانت تلقي بالمسؤولية على الدول العربية أو تدعو الى مقولة "حصول تبادل للسكان" بين العرب واليهود. واليوم فإن معظم القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل يعترفون بما أشارت إليه الأمم المتحدة في قرار قبولها عضوية إسرائيل من "أن السياق الذي أدى الى نشوء دولة إسرائيل هو الذي عجّل بحصول مشكلة اللاجئين". ان هرب أو طرد الفلسطينيين ومصادرة اراضيهم وأملاكهم خلال وبعد حربي 1948 و1967 قد غيّر بصورة جذرية من طبيعة السكان وملكية الأرض في فلسطين. فحين صدور قرار التقسيم 29/11/47 والذي منح 55 في المئة من أرض فلسطين الى اليهود كان العرب يشكلون 67 في المئة من عدد السكان 1300000 في مقابل 33 في المئة لليهود 640298. وبحسب مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي بلغ عدد سكان اسرائيل اليهود عام 1948 يساوي 716678. وفي عام 1951 تضاعف هذا العدد ليبلغ 1404400.
في عام 1947 كان اليهود يملكون فقط 7 في المئة من مساحة ارض فلسطين، وبعد اتفاق وقف النار عام 1949 جرى تدمير ومحو وتهجير 418 قرية ودسكرة فلسطينية. عام 1948 بلغ عدد اللاجئين 750000 أما الذين ظلوا في فلسطين عام 1948 فكان عددهم 150000 بمن فيهم 32000 لاجئ داخلي. في حرب 1967 جرى طرد 320000 فلسطيني من الضفة والقطاع... وتلا ذلك شتى أنواع وأشكال سياسات الضم والمصادرة والطرد وتدمير المنازل ومنع العودة أو الإقامة والتعدي والتجاوز على حقوق الناس الأمر الذي فاقم من "مشكلة اللاجئين" التي تحولت الى قنبلة موقوتة في كل البلاد العربية خصوصاً مع تصاعد مشاريع التوطين كما خبرنا ذلك في لبنان مراراً وتكراراً.
ج - اللاجئون اليوم
في 30 تشرين الثاني 1999 بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث 882،677،3 موزعين على الشكل الآتي: راجع جدول رقم 1
إن هذا الجدول الذي نشرته الأمم المتحدة لا يأخذ في الاعتبار الأعداد الكبيرة من الفلسطينيين المقيمين في الأردن وفي اميركا وأوروبا والذين حصلوا على جنسية بلد الإقامة فلم يدخلوا بالتالي في عداد إحصاء الوكالة.
وبالعودة الى التعريف الدولي فإن فلسطينيي الشتات غير المسجّلين في سجلات وكالة الغوث ممن تنطبق عليهم المواصفات الدولية للاجئ يشملون الفئات الآتية:
1- الذين طُردوا أو أُجبروا على الهرب عام 1948 وعام 1967 وصودرت املاكهم ومنازلهم ومنعوا لاحقاً من العودة، ولكن غير المسجلين لدى وكالة الغوث إما لأنهم لم يكونوا بحاجة لمساعدات الوكالة، وإما لوجودهم خارج مجال منطقة عمليات الوكالة التي في بلدان مثل مصر وشمال افريقيا والعراق ودول الخليج.
2- اللاجئن داخل اراضي ال48
3- الذين طردهم الاحتلال من الضفة والقطاع بعد عام 1967 سياسات الطرد والإبعاد.
4- الذين منعتهم إسرائيل من العودة ومنهم طلاب كانوا في الخارج للدراسة او ممن كانوا في زيارة اقارب أو للزواج أو للعمل... الخ. ولم تسمح لهم سلطات الاحتلال بتجديد إقاماتهم أو أنها منعتهم من العودة.
5- الذين كانوا خارج نطاق فلسطين الانتداب عام 1948 أو خارج الضفة والقطاع عام 1967. ويرى ايليا زريق في دراسته: اللاجئون الفلسطينيون وعملية التسوية - واشنطن - مركز الدراسات الفلسطينية - بالإنكليزية - 1996 ان اعتبار هذه الفئات من الفلسطينيين كلاجئين امر يتوافق تماماً مع التعريف الإسرائيلي "للغائبين" وكان زريق والوفد الفلسطيني الى المفاوضات المتعددة الأطراف حول اللاجئين قد ادخل هذه الفئات في تعريفه للاجئين... وبناء على ذلك يمكن فهم الاختلاف في الأرقام بين تقرير وكالة الغوث وبين دراستي كل من ايليا زريق وسلمان أبو ستة بالإنكليزية فلسطين 48: خمسون عاماً بعد النكبة - لندن 1998، وأيضاً "الحياة" 9 تشرين الثاني 1998. فبحسب احصاءات زريق وأبو ستة بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين الموزعين في العالم 121،942،4. راجع جدول رقم 2.
إذن هناك 882،677،3 لاجئاً مسجلاً لدى وكالة الغوث، وحوالى 5 ملايين ممن تنطبق عليهم المواصفات الدولية لتعريف اللاجئ... في حين ان عدد الفلسطينيين في العالم يبلغ وفقاً لإحصاءات زريق وأبو ستة وغيرهما حوالى 186،788،7... أي بما يفوق عدد الإسرائيليين في فلسطين اليوم والبالغ خمسة ملايين بحسب مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي الذي اعلن ان عدد سكان دولة إسرائيل بلغ عام ألفين 1،6 مليون نسمة بمن فيهم المستوطنون، ومنهم 650000 في القدس، ومنهم 948000 عربي يعيشون في اراضي ال48... وبحسب المكتب نفسه فإن نسبة اليهود الشرقيين السفارديم هي 32 في المئة في مقابل 35 في المئة لليهود الغربيين الأشكيناز و17 في المئة للروس و16 في المئة للعرب "الإسرائيليين". اما الفلسطينيون فهم بحسب مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي ايضاً 2،3 مليون موزعين كالآتي: 1840000 في الضفة الغربية، 1120000 في قطاع غزة و228000 في القدس الشرقية. وهذه الأرقام أحدث من أرقام دراسة أبو ستة احصاء العام 2000.
وبحسب المكتب أيضاً فإن عدد المستوطنين في الضفة والقطاع والقدس يبلغ 300000 في مقابل اكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني، نصفهم هم من اللاجئين... وقد صاغ مكتب الإحصاء المركزي أخيراً مفهوماً جديداً للسكان لتوسيع دائرة من تشمله نعمة الجنسية الإسرائيلية من غير اليهود بما يشمل خصوصاً المسيحيين غير العرب وديانات اخرى. وذلك لاحتواء ظاهرة ما سمي باليهود الروس الذين هاجروا من الاتحاد السوفياتي السابق مطلع التسعينات. فهؤلاء لم يكونوا كلهم من اليهود وهم تجمعوا في جماعات وانتماءات مغلقة تميزت باستخدام اللغة الروسية وليس العبرية وبضعف الممارسة الدينية وبالزواج المختلط من غير اليهود، إضافة الى عصبيتهم السياسية المتمركزة حول احزابهم يسرائيل بعليا ويسرائيل بيتونا 10 نواب في الكنيست من اصل 120. وقد بلغ عدد هؤلاء الروس 576000 عام 1995 والمتوقع ان يصل الى 1،1 مليون عام 2020 حيث انه من المتوقع وصول 415000 مهاجر روسي سنوياً بين 1995 و2020 وبحسب مكتب الإحصاء فإن غير اليهود من المهاجرين الروس بلغت نسبتهم 28 في المئة الأمر الذي اضطر المكتب الى صوغ مفهوم السكان الموسّع Extended jewish Population. وفي إحصاءات المكتب المركزي سيبلغ عدد سكان اسرائيل عام 2020 في حده الأدنى 8،7 مليون من دون الجولان والقدس الشرقية وفي حده الأقصى 8،9 مليون في حال ضم القدس والجولان والمنطقة ج من الضفة الغربية. وسيبلغ عدد الفلسطينيين في دولة إسرائيل 2 مليون عام 2020 اي ما نسبته 23 في المئة من عدد السكان وسيصل عام 2050 الى 7،3 مليون 31 في المئة من السكان. أما في الضفة والقطاع فسيصل عدد الفلسطينيين عام 2020 الى 5،6 مليون بحيث ان فلسطين التاريخية ستضم عام 2020 حوالى 1،8 مليون فلسطيني في مقابل 4،6 مليون يهودي. ونسبة التزايد السكاني الفلسطيني هي 7،37 في المئة سنوياً في مقابل 4،17 في المئة للإسرائيليين. ومن هنا نفهم خطورة مطلب حق العودة وتطبيقه بالنسبة الى إسرائيل.
د - القرار 194 والواقع الميداني:
نظر العرب والفلسطينيون الى القرار 194 باعتباره ناقصاً أو غير ذي موضوع نظراً الى عدم تعبيره بوضوح عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. إلا ان هذا الأمر تغيّر مع صدور القرار 3089د للعام 1973 والذي ربط بين حق العودة وحق تقرير المصير. وكان العرب قد تعاونوا مع "لجنة التوفيق" التي شكلتها الأمم المتحدة لتطبيق القرار 194 والتي انتهت الى الانحلال عملياً بسبب تعنت إسرائيل ورفضها إعادة اللاجئين الى أراضيهم.
وبين عامي 1948 و1950 تعرضت إسرائيل لضغوط دولية كبيرة لتعويض اللاجئين عن ممتلكاتهم خصوصاً أن قبول إسرائيل في عضوية المنظمة الدولية كان مشروطاً بموافقتها على القرار 194. إلا ان إسرائيل مارست عكس ذلك فلم تضرب عرض الحائط بالقرار 194 فقط بل انها صادرت أملاك اللاجئين باعتبارها "أملاك الغائبين" واعتبرتها لاحقاً أملاك دولة 1950 ووضعتها تحت "إشراف "حراسة املاك الغائبين" وبتصرف اليهود وحدهم. وفي عام 1951 وإثر صدور قانون عراقي بتجميد اموال ورساميل خاصة بعضها عائد الى يهود عراقيين، أعلن موشيه شاريت وزير خارجية إسرائيل امام الكنيست في 19/3/1951 "أن الحكومة العراقية بوضعها اليد على أموال عشرات الآلاف من اليهود الذين هاجروا الى إسرائيل قد اصبحت مدينة لدولة إسرائيل. لقد كان هذا الدَين موجوداً بين إسرائيل والعالم العربي وهو المتعلق بالتعويضات للعرب الذين غادروا ارض اسرائيل تاركين وراءهم ممتلكاتهم. إن خطوة الحكومة العراقية الراهنة تجبرنا على الربط بين الدَينين. ان قيمة اموال وأملاك اليهود العراقيين التي تمت مصادرتها ستؤخذ في الحسبان حين يتم حساب التعويض الذي التزمنا دفعه للعرب الذين تركوا أملاكهم في إسرائيل..."
وقد تكرر إعلان هذا الموقف الإسرائيلي مع وصول يهود اليمن ثم يهود دول المغرب العربي، واستمر الى يومنا هذا حيث اننا نقرأ أخيراً ما كتبه مايكل ماك غاير في صحيفة شيكاغو تريبيون 13 تموز/ يوليو 2000 بعنوان: "لدى باراك خططاً حول مسألة التعويض عن اللاجئين"، يقول الكاتب أن جوزيف ألفر Alpher احد مستشاري باراك يعلن "انه ينبغي إحلال آلية جديدة محل سلطة وكالة الغوث بالنسبة الى أي موضوع يتعلق بالتعويض وذلك للتعامل ايضاً مع المطالب المتعلقة بالتعويض عن اراضي وممتلكات اليهود الذين اجبروا على الهرب من البلدان العربية... إنني أقول بالتحديد اننا نرفض مقولة حق العودة، ولأننا نرفضها فإنه سيكون بالضرورة هناك حق للعودة في اتجاه الدولة الفلسطينية التي ستنشأ عن هذه المفاوضات".
وللعلم فإن القرار 194 لم يرد ذكره أبداً إضافة الى غيره من قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة لا في مؤتمر مدريد ولا في اتفاقات اوسلو ووادي عربة أو المحادثات والمفاوضات المرتبطة بها. وكنتيجة لذلك فإن مجموعة العمل المتعددة الأطراف حول اللاجئين، وهي الإطار الوحيد في سياقات مسيرة التسوية النابعة من مؤتمر مدريد، الذي كان فيه اللاجئون موضوعاً للتفاوض، هذه المجموعة لم تأخذ بالقرار 194 كقاعدة أو كمرجعية لعملها. لقد جرى التطرق الى الموضوع من زاوية تكتيكية وبهدف دفع النقاش حول امور إنسانية مثل جمع شمل العائلات. أما الأمور التي اعتبرت قضايا مبدئية أو تتعلق بالمبادئ فإنه جرى دفعها الى المفاوضات الثنائية ومن دون تحديد ما المقصود باللاجئين او تعريف من هم اللاجئون. ان هذه المناورة التكتيكية قد أدت الى تحويل قضية اللاجئين الى قضية اقليمية عربية - إسرائيلية تشمل كل مسائل اللاجئين في المنطقة بما فيهم الأكراد والأرمن والروس واليوغوسلاف وجميع اصناف اللجوء السياسي والإنساني. أما المعاهدة الأردنية - الإسرائيلية فهي أشارت الى موضوع اللاجئين باعتباره "قضية انسانية لكلا الطرفين"...
وعلى صعيد آخر وبغية الضغط على العرب والفلسطينيين فإن الدول الكبرى تعمل على إبقاء سيف إلغاء وكالة الغوث مسلطاً بالترافق مع الانخفاض الكبير في الدعم المالي الدولي لخدماتها الأساسية وتفضيل دعم مشاريع "التدريب على السلام" وغير ذلك... يبقى ان نشير الى أن الولايات المتحدة قد أخذت تمتنع عن التصويت على تكرار التذكير بالقرار 194 وذلك منذ العام 1995.
* استاذ في معهد العلوم الاجتماعية، الجامعة اللبنانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.