أبلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية ارييل شارون وزير خارجيته شمعون بيريز موافقته على أن يجري الأخير محادثات مع الفلسطينيين تتعلق بسبل وقف النار، مشترطاً أن يحضر الاجتماعات ممثل عن قيادة الجيش للحؤول دون منح هذه المحادثات صبغة سياسية. وجاء ابلاغ شارون هذا بعد ساعات معدودة من مطالبة بيريز، في جلسة الحكومة الأسبوعية، باجراء حوار مع الفلسطينيين تحت وقع النار وبتلويحه بالانسحاب وزملائه السبعة من حزب العمل من الحكومة وفرط ما يعرف بحكومة الوحدة الوطنية. حرص شارون في موازاة موافقته على طلب بيريز على إعداد بديل في حال انسحاب "العمل"، فقدم مقترحات عملية لقادة حزبي المتدينين الوطنيين مفدال والمركز، وكلاهما يتمثل بعشرة نواب في الكنيست، للانضمام إلى الائتلاف الحكومي وتعزيز معسكر اليمين فيه. وكان بيريز حمل، في اجتماع عقدته اللجنة المركزية لحزب العمل أقرت فيه اجراء انتخابات لزعامة الحزب مطلع الشهر المقبل، على سياسة الحكومة التي تشترط وقفاً تاماً للنار لاستئناف المفاوضات "من دون أن نلتفت إلى حقيقة الأوضاع في المناطق الفلسطينية". وقال إن إسرائيل تطالب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بفرض سيطرته العسكرية والأمنية على الفصائل الفلسطينية كافة "ولكن علينا أن نسعى إلى منح الفلسطينيين تسهيلات وأن نتوقف نحن أيضاً عن التحريض ونعيد انتشار قوات الجيش في المناطق". وزاد انه وشارون ووزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر التزموا تقديم تسهيلات للفلسطينيين و"علينا أن نعترف اننا لم نفِ بالتزامنا هذا. إن الأمر يقلقني من الناحية الاخلاقية لأن من غير المعقول أن يخضع ثلاثة ملايين فلسطيني لطوق منذ عشرة شهور. أوضاعهم المعيشية تزداد سوءاً". وتابع يقول: "إن الفلسطينيين يسألوننا وبحق كيف يمكننا وقف النار وأنتم تقبضون على صدورنا اقتصادياً وترفضون اجراء مفاوضات سياسية معنا وتهددوننا بتقويض السلطة". وأضاف ان إسرائيل تقول إنها منحت الفلسطينيين حكماً ذاتياً، وأنا أقول، بصدق، أي حكم ذاتي هذا؟ أيدينا تسيطر على الموارد الاقتصادية كافة. نسيطر على المعابر كافة". وزاد بيريز أنه يؤيد الرد العسكري الإسرائيلي على عمليات عسكرية فلسطينية "لكن لا يمكن الاكتفاء بالرد العسكري. لا يمكن اطفاء النار بالنار. لا يمكن احتكار الرد بعمليات عسكرية". وحذر بيريز من أن مواصلة السياسة الإسرائيلية الحالية قد تجعل من المعسكر الفلسطيني على فصائله كافة معسكراً اصولياً تتزعمه "حماس" التي تأتمر بأوامر إيران الساعية إلى القضاء على إسرائيل. وجاءت أقوال بيريز هذه بعد المناقشات الساخنة التي شهدتها جلسة الحكومة الأسبوعية وتعرض فيها بيريز إلى انتقادات شديدة اللهجة من وزراء اليمين على خلفية مطالبته باجراء حوار مع الفلسطينيين لوقف النار. وهبّ وزراء العمل لمساندة بيريز في موقفه وواجهت الوزيرة دالية ايتسك رئيس الحكومة بالسؤال هل يملك مشروعاً سياسياً. ونقلت الاذاعة العبرية عن أحد الوزراء قوله إن بيريز بدا في نقاشه كمن قرر الانسحاب من الحكومة، وان الأجواء أوحت ببداية تفكك الحكومة. وكان المعلقون في الصحف الإسرائيلية أشاروا أمس إلى الضغوط التي يمارسها على بيريز مقربون منه لينسحب من الحكومة. وكتب الوف بن في "هآرتس" يقول إن بيريز قرر الذهاب في مواجهته شارون حتى النهاية، لكنه شكك في أن يقدم وزير الخارجية على الاستقالة "لأنه يعلم أنه لا يمكنه تشكيل حكومة بديلة". من جهتها، كتبت الصحافية سيما كدمون في "يديعوت أحرونوت" ان بيريز يتأرجح على كرسيه بعدما أيقن أن شارون يغرر به تحت غطاء سياسة ضبط النفس. إلى ذلك، استمعت الحكومة أمس إلى تقرير قدمه شارون قال فيه إنه من خلال اتصالاته بزعماء العالم في اليومين الأخيرين لم يسمع منهم انتقادات شديدة على الخطوات التي اتخذها في القدسالمحتلة، مكرراً أنه لن يتراجع عنها، وأنه أصدر تعليماته بإقامة محطة للشرطة "لغرض سيطرة إسرائيلية كاملة على القدس الموحدة". من جهته، طالب رئيس أركان الجيش الجنرال شاؤول موفاز بمواصلة الضغط العسكري على الفلسطينيين. وكشفت صحيفة "هآرتس" ان رئيس جهاز الاستخبارات الشاباك آفي ديختر اقترح على المجلس الوزاري المصغر في جلسته الطارئة فجر الجمعة ضرب البنى التحتية للسلطة الفلسطينية وقصف مطار غزة الدولي، لكن المجلس رفض اقتراحه.