بيروت - "الحياة" - أشاد مجلس الوزراء اللبناني "بالدور الذي قام ويقوم به الجيش اللبناني"، في قرار اصدره بعد نحو ست ساعات من المناقشات التي لم تغب الحدة عنها. راجع ص4. وجاء هذا القرار بعد اصرار حازم من رئيس الجمهورية اميل لحود على صدور موقف يقضي بتغطية ما قام به الجيش من اجراءات، وتحفظ عنه ثلاثة وزراء يمثلون "اللقاء الديموقراطي" الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط، وهم: مروان حمادة وفؤاد السعد وغازي العريضي، اضافة الى وزير رابع هو بيار حلو. وفيما جاءت تغطية مجلس الوزراء لتدابير الجيش على رغم الخلافات في شأنها، تسوية للخلاف، مع الاشارة الى ان المجلس هو السلطة المنوطة بها القوانين، علمت "الحياة" ان ما اسهم في التوصل الى هذا القرار، نصيحة سورية للمسؤولين اللبنانيين بتجاوز الخلافات بينهم، "بعدم كسر الدولة والجيش"، على رغم ان الاجراءات المتخذة بضخامتها لم تكن مبررة. وشهدت الجلسة خلافاً على التعاطي مع الاعلام، اذ طالب وزيرا الداخلية الياس المر والاتصالات جان لوي قرداحي بتدابير ضد محطة تلفزيون "ام.تي.في." التي كانت بثت برامج ضد حملة التوقيفات، إلا ان نقاشاً واسعاً دار على هذا الأمر، رفض فيه العريضي توجهاً كهذا. وعلمت "الحياة" ان الرئيس لحود أصرّ في بداية الجلسة، بلهجة حازمة، على صدور قرار يغطي ما قام به الجيش من اجراءات، خصوصاً ان هناك مخططاً كان يستهدف الاستقرار في البلاد، كشفه الجيش. ولفت الى ان "القوات اللبنانية" حزب محظور، ومن الواجب ملاحقة نشاط اعضائه، اما التيار العوني فمعروف بأنه ضد اتفاق الطائف والدستور والنظام القائم. وذكر مصدر وزاري ان السجال الذي طال خلال الجلسة حصل "بالواسطة" بين الوزراء الموالين لخطوات الجيش والوزراء المعارضين لها، في ظل اجواء حادة وحامية. وأصرّ الوزير المر ووزير الدفاع خليل الهراوي على ان يصدر بيان تأييد للجيش. ودارت مشادة بين المر والعريضي. وشدد وزراء على عدم جواز ان يحصل ما حصل من دون ابلاغ رئيس الحكومة. وأقرّ الوزراء المؤيدون لخطوات الجيش بوجوب ابلاغ رئيس الحكومة، "لكن الذين كانوا يحضّرون لخطوات تهدد الاستقرار كانوا في حال جهوزية وهم ينتمون الى تنظيمات محظورة تلقائياً، فكان على الجيش ان يتصرف وأن يتخذ تدابيره". وعلمت "الحياة" ان الحريري قال: "اذا كان الأمر يتعلق بتدابير امنية، فيجب ان نحاط علماً بالمعلومات عما يحصل. فما حصل ليس أمنياً فقط، بل له طابع امني - سياسي ويجب ان تعرف السلطة السياسية بما يحدث على هذا الصعيد". وعلّق وزراء: "اذا كانت ثمة مؤامرة تقسيم للبلد، فيجب ان يكون مجلس الوزراء اول من يطّلع عليها". وفيما ساند وزراء العمل علي قانصوه القومي السوري والاتصالات قرداحي والدولة نزيه بيضون البعث وطلال ارسلان، دعوة لحود الى تغطية خطوات الجيش، قال وزير الصحة سليمان فرنجية: "صحيح اننا بعد الذي حصل لا يمكننا ان نتراجع ونظهر في مظهر الضعف ويجب ان نؤيد ما قام به، على رغم ما حصل. ولكن علينا ان نطرح القضية السياسية وأن نعترف بأن الذين استهدفهم الجيش، نحن الذين نقوّيهم. فأين خطابنا السياسي وماذا نفعل سياسياً لمواجهتهم؟". وقال مصدر وزاري ان فرنجية ادلى بمداخلة اكد فيها الوجه السياسي للموضوع وعدم الاكتفاء بالجانب الأمني. وحين طرح موضوع ضبط الاعلام وإقفال محطة تلفزيون "ام.تي.في."، قال فرنجية: "ان المشكلة عندنا سياسياً قبل الاعلام". وأوضح مصدر وزاري ان الوزراء الذين يمثلون الرئيس نبيه بري آثروا الصمت. وفي المعلومات الرسمية التي اذاعها العريضي ان "المجلس استمع الى عرض وزيري الداخلية والدفاع عن التوقيفات التي حصلت في اليومين الأخيرين، وما نتج عنها من احالة على القضاء المختص وعن المعلومات الأولية التي اتضحت بنتيجة التحقيقات الجارية. وبعد مناقشة مستفيضة اتخذ مجلس الوزراء القرارت الأتية: 1- تأكيد دور مجلس الوزراء المنوطة به السلطة الاجرائية وأمر السهر على تنفيذ القوانين والأنظمة والاشراف على أعمال كل أجهزة الدولة من دون استثناء. 2- الإشادة بالدور الذي قام ويقوم به الجيش الوطني في ضمان السلم الأهلي والدفاع عن كرامة الوطن. 3- التأكيد على كل الاجهزة الأمنية والهيئات القضائية تطبيق القانون على الجميع من دون تفريق او تمييز. 4- تكليف وزير الاعلام تطبيق أحكام قانون الاعلام بالتنسيق مع المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع لوقف المخالفات. العريضي: البلد لا يحتمل حكومة عسكرية ثم فتح باب الأسئلة، فأكد العريضي ان "ما حصل لم يكن لمجلس الوزراء علم به، ونوقش بالتفصيل، ووزير الداخلية بصفته وزيراً للدفاع بالوكالة كان يتابع الأمور". ولماذا لم يطّلع مجلس الوزراء؟ "هذا من الأمور التي نوقشت في الجلسة نقاشاً مستفيضاً في جو ديموقراطي، وتفصيلاً لكل المسائل وحددت كما يلزم". وعن التبرير قال ان "بعض المسائل الاجرائية في بعض جوانب ما تم قدم له تبرير، وبعض المسائل الأخرى في جوهر ما حصل وحجمه لم يكن تبريره مقنعاً لناحية اطلاع مجلس الوزراء او رئيسه، وفي النتيجة تم تأكيد دور مجلس الوزراء ومتابعة ما حدث ولم تنهِ المسألة هنا". وسئل: هل اطلع المجلس على الكتاب المقدم من المجلس الوطني للاعلام عن موضوع الحريات الاعلامية وبخاصة عن تلفزيون "أم. تي. في."؟ قال العريضي "ان الكتاب جاء من دون علم وزير الاعلام. وكتب انه جاء بواسطة وزير الاعلام، لكنه لم يأتِ الى مجلس الوزراء من طريق الوزير، وهذا طبعاً خطأ ارفضه ورفضته ولا يتم التعاطي بهذه الطريقة. انا وزير اعلام اتحمل مسؤولية كل شيء في الاعلام ضمن الأصول المرعية الاجراء والقوانين ولا يزايدن عليّ أحد في الحرص على الحريات والديموقراطية في البلد وعلى السلم الأهلي والحال الوطنية. لا أحد يزايد علي في كل البلد مع احترامي وتقديري لكثر قريبين وبعيدين ولأناس وعوا البارحة على السياسة". وأضاف ان "المشكلة ليست في الاعلام فقط الذي تحصل فيه اخطاء، لكن هناك غياباً للسلطة السياسية لتتحمل المسؤولية السياسية والاعلامية. ولكن عندما لا يكون وزير الاعلام على علم بما يحصل ويطلبون منه ان يدافع، فلن يستطيع ذلك بالتأكيد". وأكد ان "البلد لا يحتمل حكومة عسكرية. هذه الحكومة موجودة وستمارس دورها وفق ما ذكر الآن في مجلس الوزراء وستنفذ بيانها الوزاري". وعن موقف رئيس الجمهورية قال "انه دعا الى وحدة الصف والموقف داخل المجلس وخارجه". وعن موقف المجلس مما حصل أمام قصر العدل، قال "لا يجوز، اذا كان هناك تشنج او حرص على تطبيق قرارات معينة ان نضرب كل الناس تارة محامين وطوراً مهندسين وأطباء وهذا ينعكس علينا سلباً".