قوّم رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون زيارته الى باريس التي انتهت امس بالقول انها لم تسفر عن اتفاق حول المواضيع المختلفة لكنها اسفرت عن "تفهّم"، فيما قالت اوساط فرنسية مطلعة ان الجانب الفرنسي ليس لديه اوهام حول نتائجها. وتبدو النتيجة الوحيدة الملموسة لهذه الزيارة انها اعادت وصل قنوات الحوار على مستوى مسؤولي الدولتين، ولكن مع احتفاظ كل من الجانبين بمواقفه ونظرته للاوضاع. وصرّح شارون عقب المحادثات التي عقدها صباح امس مع رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان في حضور وزير الخارجية هوبير فيدرين بأن المحادثات كانت شاملة و"عرضت خلالها بوضوح مواقف اسرائيل". وقال ان من الواضح "اننا لم نتفق حول كل المواضيع، لكن من المؤكد اننا توصلنا الى تفهّم في ما بيننا وهذا امر اساسي". اضاف انه يتفهّم موقف فرنسا، ولكن "على فرنسا بدورها ان تتفهّم ما يجري في الشرق الاوسط، والتهديدات الناجمة عن الوضع". واشار الى ان التهديد الرئيسي هو "الارهاب اذ انه خطر على التوازن في المنطقة، والتوازن في العالم، ونحن جميعاً متفقون على ذلك".وتابع: "اني اقوم بهذه الزيارة بصفتي يهودياً". واضاف انه جاء الى فرنسا "للتعبير عن مخاوف الشعب اليهودي من العداء للسامية"، وان جوسبان وعد ببذل ما امكن من جهد، في مواجهة ذلك. وقال إن "الأمور واضحة جداً على صعيد المواقف الاسرائيلية التي عبّرت عنها، واكدتها بوضوح قاطع" وانه "ما من احد بإمكانه ان يدافع عن مواقفنا بدلاً منا". ووصف شارون جوسبان بأنه صديق لاسرائيل وللشعب اليهودي، وقال انه دعاه لزيارة اسرائيل مثلما دعا فيدرين والرئيس جاك شيراك لزيارات مماثلة. ومن جانبها قالت اوساط فرنسية مطلعة ان الكلام الذي سمعه شارون في ماتينيون مقر رئيس الوزراء مطابق في المضمون لما سمعه خلال لقائه اول من امس من شيراك، بموجب اتفاق مسبق اعتمد بين رئاستي الجمهورية والحكومة. واشارت الى ان ما قاله جوسبان لشارون تركّز على محورين اساسيين، الاول هو ان رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات "ليس المشكلة وانما مفتاح الحل، فكفّوا عن اضعافه وتهميشه لأن العودة الى السلام لا تتم الا عبره". واضافت ان المحور الثاني هو ضرورة ايجاد مخرج للمأزق المأسوي الذي يواجهه الفلسطينيون والاسرائيليون، وان اي شروط مطلقة مثل مطالبة شارون بوقف تام للنار لا يمكن الا ان تؤدي الى المزيد من التأخير في تطبيق توصيات تقرير لجنة ميتشل. وقالت انه ما عدا ذلك فإن الجانب الفرنسي ليس لديه اي اوهام حول نتائج هذه الزيارة، وانه لو تسنى لها ان تكون بنّاءة لكان شارون تعهد مثلاً خلالها بوقف الضربات التي يوجهها للفلسطينيين. وتطرقت محادثات شارون مع كل من شيراك وجوسبان الى المسارين السوري الاسرائيلي واللبناني الاسرائيلي. ووصف بعضهم في باريس محادثات شارون مع المسؤولين الفرنسيين بأنها اشبه بحوار لبق بين "طرشان". ذلك انه عندما حضّ الجانب الفرنسي ضيفه الاسرائيلي على العدول عن اضعاف عرفات، طالب شارون فرنسا واوروبا بلعب دور فاعل عبر الضغوط على رئيس السلطة الوطنية. وعندما دعا الجانب الفرنسي الى تطبيقه توصيات لجنة ميتشل بأقصى سرعة، اجاب شارون بأن الاولوية لوقف "الارهاب".