يصل رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان مساء اليوم الاربعاء الى تل ابيب في زيارة رسمية تشمل ايضا مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وهي الاولى من نوعها منذ توليه منصبه. ويرافق جوسبان خلال الزيارة وفد فرنسي رفيع المستوى يضم وزير الخارجية هوبير فيدرين ووزير المال والاقتصاد كريستيان سوتير ووزير الشؤون الاوروبية بيار موسكوفيسي اضافة الى ممثلين عن المؤسسات اليهودية في فرنسا ومنهم المحامي هنري حدجنبرغ، رئيس اللجنة التنفيذية للمؤسسات اليهودية. ويبدأ جوسبان زيارته رسميا غدا الخميس في القدس حيث يلتقي رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك ورئيس الكنيست ابراهام بورغ والرئيس الاسرائيلي عيزار وايزمان ووزير الخارجية ديفيد ليفي والويز السابق ارييل شارون بصفته رئيسا للمعارضة، ووزير التعاون شمعون بيريز وزوجة رئيس الوزراء السابق ليا رابين. وينتقل جوسبان الجمعة الى المناطق الفلسطينية حيث يلتقي رئيس المجلس التشريعي احمد قريع ابو العلاء في رام الله ثم يلتقي فيصل الحسيني في "البيت الفرنسي الديني" سانت آن، ويتوجّه السبت الى غزّة حيث يلتقي رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات. كما يشمل برنامج جوسبان لقاء مع المفوّض العام لوكالة "اونروا" بيتر هانسن، ويزور مخيّم خان يونس. وقالت أوساط جوسبان أنه يرغب عبر زيارته الرسمية الى اسرائيل والمناطق الفلسطينية في تعزيّز العلاقة الثنائية الفرنسية - الاسرائيلية وأن يظهر في الوقت نفسه للجانب الاسرائيلي، أن هذه العلاقات القوية ليست على حساب تأييد فرنسا للقضية الفلسطينية وصداقاتها مع العرب. وأضافت الأوساط أن أهمية هذه الزيارة تكمن في عزم فرنسا، منذ تولّي باراك منصبه، على أن تكون ديبلوماسيتها وصداقتها مع اسرائيل مفيدة للتحاور ومساعدة العرب والفلسطينيين على تجاوز صعوباتهم في المفاوضات مع اسرائيل. وحرص الجانب الفرنسي خلال التحضير للزيارة، حسب مصدر ديبلوماسي عربي مطّلع، على أن يراعى في برنامج جوسبان التوازن التام بحيث يكون عدد الساعات التي يمضيها رئيس الحكومة الفرنسي في اسرائيل مساوياً لتلك التي يمضيها في المناطق الفلسطينية. ولم تستبعد مصادر فرنسية ان يزور وزير الخارجية الفرنسي كلاً من دمشقولبنان في أعقاب زيارة جوسبان الى اسرائيل والمناطق الفلسطينية، إلا أن مصدراً قريباً من فيدرين أكدّ ل"الحياة" عدم اتخاذ قرار حتى الآن في هذا الشأن. ويعتبر وجود وزير المال الفرنسي في عداد الوفد المرافق لجوسبان مؤشراً الى رغبة فرنسا في توثيق علاقاتها الاقتصادية مع اسرائيل، بهدف تقوية الروابط بين البلدين خصوصا وأن الطائفة اليهودية في فرنسا هي الثانية لجهة العدد والأهمية إذ أنها تمثّل نحو نصف مليون فرنسي. وكان ممثلون عرب مرموقون في العاصمة الفرنسية أوضحوا لكبار المسؤولين الفرنسيين، وفي طليعتهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك وأيضا جوسبان وفيدرين، انه ينبغي على الجانب الفرنسي الا يسمح لاسرائيل بأن تستغّل زيارة رئيس الحكومة لصالحها بعد الهجوم على لبنان وقصف محطاته الكهربائية. وقد طمأن الجانب الفرنسي، الديبلوماسيين العرب الى أن جوسبان مدرك لذلك ومتنبّه لعدم اتاحة هذه الفرصة امام اسرائيل. وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة ان شيراك رحبّ بتقدير كبير بزيارة الرئيس المصري حسني مبارك الى لبنان ووجد ان توقيتها جيّد بالنسبة الى دعم لبنان وتأييده. الى ذلك، اكدت مصادر رئاسة الحكومة الفرنسية ان موضوع زيارة الرئيس اللبناني اميل لحود الى باريس ما يزال مطروحا، مع محاولة ايجاد موعد ملائم لها ولكن من دون استعجال، اذ ان هذه الزيارة لن تتم الا بعد تولّي فرنسا رئاسة الاتحاد الاوروبي. ومن الواضح لمراقب السياسة الفرنسية ان هذه الزيارة ليست ضمن أولويات السياسة الفرنسية في العالم العربي. ففرنسا لها ارتباطات وثيقة بلبنان لكنها مدركة ان القرار اللبناني في دمشق، وتعرف ان المحاورين الاساسيين لديبلوماسيتها حاليا هم اسرائيل والسلطة الفلسطينية وسورية، وبإمكانها عبر تقوية روابطها مع هذه الاطراف ان تلعب دوراً مفيداً في المنطقة.