وقّع في مقر البنك الدولي في باريس أمس اتفاق يقضي بإنشاء "صندوق السلام للتكنولوجيا" الذي يموّل من القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع في الضفة الغربية ومناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، بحضور رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات ورئيس البنك الدولي جيمس ولفنسن ورئيس الحكومة الاسرائيلي السابق شمعون بيريز. ويضم الصندوق شركة "كابيتال" الفلسطينية التي مثلها في احتفال التوقيع هاني المصري الذي يعد مهندس مشروع انشاء الصندوق، وشركة "ايفر غرين" لادارة الاستثمارات في اسرائيل التي مثلها جاكوب بوراك والشركة المالية الدولية التابعة للبنك المركزي والمعنية باستثمارات القطاع الخاص. وذكر ولفنسن عقب التوقيع على الاتفاق ان رأسمال الصندوق بمستوى 200 مليون دولار. أما عرفات فوصف الاتفاق بأنه "أهم الاتفاقات في هذه الظروف"، وأنه "يثبت حرصا على السلام وعلى العلاقة بين الشعبين الاسرائيلي والفلسطيني بالرغم من الصعوبات التي نواجهها". أضاف "أن السلام هو سلام الشجعان الذي وقعته مع صديقي المرحوم اسحق رابين وشمعون بيريز"، وأن انشاء الصندوق "لصالح الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي والمنطقة كلها ودعما لعملية السلام". وعبّر عن أمله بأن تسفر المحادثات التي سيجريها مع الرئيس بيل كلينتون في واشنطن عن تقدم. وقالت اوساط عرفات انه يأمل من الاوروبيين ومن فرنسا تحديدا اقناع الاميركيين بضرورة الضغط على رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتانياهو لتحريك مسيرة السلام، وأن لديه أملا بأن تسفر محادثاته في واشنطن عن نتائج. اما بيريز فرأى انه برغم الصعوبات القائمة على الصعيد السياسي، ليس هناك ما يحول دون التقدم على المستوى الاقتصادي وان لا بديل من اتفاق اوسلو. وحضر التوقيع من الجانب الفلسطيني منيب وصبيح وبشار المصري. وكان عرفات عقد صباحاً لقاء في قصر الأليزيه مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي صرّح في أعقابه: "تعلمون ان الرئيس عرفات سيتوجه الى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي بيل كلينتون وأبلغته بأن فرنسا تأمل أولاً باحترام المبادئ والالتزامات المحددة في اتفاقات مدريد وأوسلو وطابا، واحترام الوعود التي قطعت والالتزامات المبنية على مبدأ الأرض مقابل السلام". أضاف شيراك ان من الطبيعي ان اسرائيل "تضع في صلب اولوياتها المسألة الأمنية وهذا ما نتفهمه جيداً، وتقول اسرائيل انه لا يمكن توفير السلام في غياب الأمن، وهذا صحيح وينبغي على كل طرف بذل الجهد اللازم في هذا الاطار، ولكني اعتبر انه لا يمكن ان يكون هناك أمن بدون سلام، فالسلام هو الحل الأمثل لكي ينعم الجميع بالأمن". وتابع: "ان الرئيس كلينتون وادارته يبذلان حالياً جهوداً كبيرة من أجل اعادة اطلاق مسيرة السلام المجمدة حالياً، وأحرص على القول بأن فرنسا وأوروبا تريدان المشاركة في الجهد الأميركي لاحياء العملية السلمية". ورأى شيراك ان "الوضع القائم هو تحد فعلي لحقوق الانسان بالعيش في سلام، وهو خطر على الجميع من اسرائيليين وفلسطينيين وكذلك على المنطقة بأجمعها، مما يحتّم علينا وضع قلوبنا وذكائنا في خدمة مسيرة السلام". وشكر عرفات في تصريحه، الذي خلا من أي اشارة الى تجديد الانتفاضة الفلسطينية، الرئيس الفرنسي على استقباله، واصفاً المحادثات التي اجراها معه بأنها "مفيدة وبنّاءة وتدل على اهتمام فخامته بالمسيرة السلمية في الشرق الأوسط". وأشار عرفات الى ان "السلام ليس حاجة فلسطينية فقط وانما حاجة اسرائيلية وعربية ودولية"، مضيفاً: "نحن بحاجة الى الدعم الفرنسي والأوروبي لعملية السلام ولدينا ثقة كبيرة ان الرئيس كلينتون سيضع كل ثقله ليحمي مسيرة السلام". وتوجه عرفات في اعقاب محادثاته مع شيراك الى قصر ماتينيون مقر رئاسة الحكومة حيث قابل رئيس الحكومة الفرنسي ليونيل جوسبان. وكان عرفات شدد في تصريحات بثها التلفزيون المصري ضمن برنامج "صباح الخير يا مصر" أمس على رفض الخرائط الإسرائيلية لإعادة الانتشار. وقال: "الخارطة الوحيدة التي نعترف بها هي تلك التي يرتضيها الشعب الفلسطيني وتلتزم بمبدأ الأرض مقابل السلام، وقرارات الشرعية الدولية. وهذا هو الموقف الفلسطيني بشكل واضح، وأن القدس عاصمة دولة فلسطين".