من بعد "الرفاه" و"الفضيلة"، اصبحت "السعادة" شعاراً للاسلاميين في تركيا... واسماً لحزبهم الجديد القائم على انقاض حزبين منحلين. وإضافة الى ان الاحزاب الثلاثة، الاثنين المنحلين والثالث الجديد، تشترك في "مهمة مستحيلة" هي محاولة التصدي للعلمانية، فان اسماءها مستقاة من صفات يؤكد الاسلاميون ان تركيا تفتقر اليها وفي أمس الحاجة لها. وكما كان متوقعاً، ما أن أعلن رجائي قوطان قيام حزب "السعادة" بديلاً من حزب "الفضيلة" المحظور، تسربت انباء تفيد بأن المدعي العام الجمهوري صبح كاناد أوغلو بدأ بجمع الأدلة حول هذا الحزب، تمهيداً لرفع دعوى لحظره مستقبلاً. ولعل الخوف من ذلك، كان سبباً لاختيار قوطان ورفاقه مسجداً غير الذي يصلي فيه نجم الدين أربكان الأب الروحي للحركة الاسلامية، من أجل اداء صلاة الجمعة فور الاعلان عن تشكيل الحزب. وأكد قوطان ان الحزب الجديد يريد ان يكون مختلفاً تماماً عن الاحزاب السياسية الاخرى "المادية"، وسيناضل من اجل "الحريات الدينية" في تركيا العلمانية. وقال ان برنامج الحزب يتضمن ايضاً الدعوة الى الغاء محاكم امن الدولة وانشاء محاكم للنظر في قضايا حقوق الانسان. وهذا الحزب الخامس للاسلاميين في تركيا منذ انطلاق نشاطهم السياسي في الستينات بحزب "ملّي نظام" جماعة النظام الذي جاء بعده "ملّي سلامة" في السبعينات، لكنهم يدخلون ب"السعادة" الى الساحة السياسية أضعف مما كانوا سابقاً، إذ دب الانشقاق بين صفوفهم، ولم ينضم الى حزبهم الجديد سوى واحد وخمسون نائباً فقط من أصل مئة كانوا يمثلون "الفضيلة" في البرلمان. واختار الباقون الانفصال عن قوطان و"عرابه" أربكان وتشكيل حزب آخر سيعلن عنه نهاية الشهر الجاري، مبدين بذلك استياءهم من ادارة الاخير دفة الحزب من خلف الستار وتفرده في القرارات. فبعدما أزاحه العسكر عن الحكم عام 1997، لم يختف اربكان عن الساحة السياسية وظل يدير حزب الفضيلة من وراء الكواليس. أما المنشقون المؤمنون بأن القوى العلمانية لن تسمح اطلاقاً بعودة أربكان الى السياسة، فيراهنون على رئيس بلدية اسطنبول السابق رجب طيب ارضوغان الذي رفعت المحكمة الدستورية أول من أمس الحظر عن نشاطه السياسي. ورأى مراقبون ان ثمة رضى من العسكر على ارضوغان، تمثل في انضمام عدد كبير من نواب احزاب مختلفة الى حركته الشبابية التجديدية، ما يرشحه لمنافسة أربكان.