بدأت المحكمة الدستورية العليا دراسة ملف قضية حزب الفضيلة الذي طالب المدعي العام للجمهورية بحلّه على اعتبار انه أصبح "بؤرة لأعداء العلمانية" وامتداداً لحزب الرفاه المحظور. ويتوقع ان تصدر المحكمة حكمها في القضية بعد عشرة ايام، فيما ترجح المعطيات الحالية احتمال حل الحزب، على غرار ما حصل لحزب الرفاه الذي كان يتزعمه رئيس الوزراء السابق نجم الدين أربكان. وتترقب الأوساط السياسية التركية بحذر الحكم في القضية نظراً الى ما سيكون له من انعكاسات مهمة على الساحة السياسية الداخلية، على رغم انتفاء احتمال الذهاب الى انتخابات عامة أو جزئية في حال حل الحزب وهو الاحتمال الذي كان قائماً حتى تدخل المدعي العام الجمهوري الجديد صبيح كاناد أوغلو وتقدمه بمذكرة ادعاء جديدة طلب فيها حرمان اثنين من مؤسسي الحزب فقط من مقعديهما في البرلمان، فيما كان المدعي السابق نورال صافاش الذي احيل الى التقاعد، طالب بإسقاط الحصانة عن كل نواب الحزب، ما كان سيعني خسارة البرلمان اكثر من خمسة في المئة من نوابه، ما يُجبر الحكومة على إجراء انتخابات عامة أو جزئية خلال فترة قصيرة. وعلى رغم ان المدعي العام أنقذ بمذكرته معظم نواب حزب الفضيلة، فان المراقبين يرون ان خطوته هذه قد يكون لها الأثر البالغ في إصدار المحكمة قراراً بحل الحزب من دون تردد، ذلك ان سقوط عضوية البرلمان عن نواب الفضيلة وإجراء انتخابات جديدة لم يكن في مصلحة الحكومة ولا أحزابها التي تدرك تدهور شعبيتها حالياً، كما أن اي انتخابات ولو جزئية كانت ستؤثر على الاقتصاد وبرنامج صندوق النقد الدولي. وفي وقت استبعد زعيم حزب الفضيلة رجائي قطان ان يجري حل الحزب، فان الشعور الغالب على نوابه انهم سيفقدون حزبهم قريباً وسيتوزعون ما بين حزبين جديدين، يقود الأول نجم الدين أربكان ولكن من وراء الكواليس، فيما يقود الثاني رجب طيب أردوغان زعيم حركة المجددين داخل الحزب الذي يتمتع بشعبية ربما تفوق أستاذه اربكان. ولا يخفي أردوغان انه يسعى الى انشاء حزب جديد يجمع القوى اليمينية والمحافظة من دون ان يكون الإسلام شعاراً له، وكان قال في إحدى المناسبات ان "تركيا ليست بحاجة الى رجال ملتحين، وإنما الى رجال يجيدون فن الإدارة والسياسة". وكان اردوغان حكم عليه بعدم ممارسة السياسة لخمس سنوات، إلا أنه يبدو واثقاً من وجود حجة قانونية تتيح له العودة الى العمل السياسي، وفي حال فشله في ذلك، ربما يعين ذراعه الأيمن عبدالله جول زعيماً للحزب الجديد حتى انقضاء تلك السنوات الخمس عام 2003.