} اعلن رئيس المحكمة الدستورية التركية مصطفى بومين حظر حزب الفضيلة الاسلامي المعارض، وهو القوة السياسية الثالثة في البلاد، وحجز ممتلكاته وطرد اثنين فقط من نوابه لتفادي اجراء انتخابات عامة. بعد ماراثون قضائي استمر عامين، قضت المحكمة الدستورية العليا في تركيا بحل حزب الفضيلة باعتباره "بؤرة لمعاداة العلمانية" ويهدف الى تقويض دعائم النظام الذي اسسه مصطفى كمال اتاتورك. ولم يخرج الحكم بذلك عن التوقعات، بعدما كانت الاوساط التركية انشغلت منذ فترة في تخمين عدد القضاة الذين سيصوتون لمصلحة حل الحزب وما اذا كانوا سيشكلون غالبية كبيرة أم ضعيفة. وسبقت الحكم اشارات واضحة الى تصميم القوى العلمانية على المضي قدماً في تصفية تيار الاسلام السياسي وضرب روافده الاقتصادية والاعلامية، الامر الذي عكسه تصويت غالبية قضاة المحكمة الدستورية بنسبة 8 الى 3 لمصلحة حل الحزب. كما قضت المحكمة باسقاط الصفة النيابية عن اثنين فقط من أعضاء الفضيلة، ما يجنب البلاد الخوض في مغامرة انتخابات مبكرة كانت تهدد برنامج الاصلاح الاقتصادي. ومنعت المحكمة ثلاثة آخرين من قياديي الحزب اضافة الى النائبين، من مزاولة اي نشاط سياسي لفترة خمس سنوات. ومن المتوقع ان يثير الحكم الكثير من النقاش خصوصاً وانه لم يستند الى ادعاء المدعي العام الجمهوري الذي اتهم الحزب بانه امتداد للرفاه وتحوله بؤرة لمعاداة العلمانية، ما يوجب طرد نوابه المئة وخمسة جميعاً من البرلمان. واستند الحكم الى صيغة قانونية لم يأتِ عليها الادعاء، وهو ما يؤكد الصبغة السياسية للقضية التي أكد كثير من الخبراء القانونيين استحالة نجاحها بالاستناد فقط الى ما تقدم به المدعي العام الجمهوري. ومن المثير ايضاً تجاهل الحكم اسقاط النيابة عن زعيم الحزب رجائي قوطان او منعه من ممارسة السياسة، لكنه تضمن اسقاط النيابة عن الصحافية نازلي اليجاك المعروفة بمحاربتها الفساد وسعيها الى الكشف عن الكثير من الفاسدين وخلافها مع نائبي رئيس الوزراء مسعود يلماز وحسام الدين اوزكان، علماً ان لا علاقة لها بأي نشاطات اسلامية. وسيتابع بقية اعضاء الحزب عملهم السياسي كنواب مستقلين، وبذلك تؤكد القوى العلمانية التي نجحت سابقاً في حل حزب الرفاه بزعامة نجم الدين اربكان عام 1998، على انها لن تسمح لاربكان ورفاقه بممارسة السياسة ولو من وراء الكواليس. وتراهن رموز النظام العلماني الآن على تشتت قوى تيار الاسلام السياسي بعد حدوث انشقاق داخل صفوف حزب الفضيلة بين من سموا بالمحافظين الموالين لسياسة أربكان والمجددين الذين يتزعمهم رجب طيب أرضوغان رئيس بلدية اسطنبول السابق الذي ينادي بتجديد لغة الحزب وعدم التركيز على الاتجاهات الاسلامية في المقام الاول وابدال ذلك ب "مقولات جديدة تناسب لغة العصر والنظام القائم" من المناداة الى حرية الرأي والتعبير وتوسيع دائرة الديموقراطية . وينتظر أن يكون للحكم وقعه ايضاً على مسيرة تركيا تجاه الحصول على عضوية الاتحاد الاوروبي الذي حذر تركيا سابقاً من حل الاحزاب السياسية لأن ذلك يتنافى مع معايير معاهدة كوبنهاغن للوحدة الاوروبية.