بعد يومين على تسليم الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش، تصاعدت اجواء التوتر والانقسامات في بلغراد، وبدأت ترتيبات جديدة للتحالفات، يبدو أن المستفيد الرئيس منها سيكون المتشددون الصرب على حساب تراجع مكانة الفريق الاصلاحي المتهم بمسؤولية الأزمة الراهنة. أفاد الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا، في بيان اذاعه تلفزيون بلغراد الرسمي أمس، انه "يجدد تأكيد ما قاله سابقاً، بعدم معرفته بتسليم الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش الى محكمة لاهاي، الا بعد مرور أربع ساعات على اخراجه من السجن وثلاث ساعات تقريباً على اقلاع الطائرة التي نقلته من المطار". واتهم رئيس الحكومة الصربية زوران جينجيتش بالتصرف بالأمر مع فريقه الخاص. وقال: "خلال كل اجتماعاتي مع جينجيتش، سواء منفردة أو في اطار تحالف الحركة الديموقراطية الصربية، لم يبلغني بعزمه تسليم ميلوشيفيتش الى محكمة لاهاي، ولم تطرح هذه القضية في المناقشات قط". وأضاف: "كنت دائماً في تصريحاتي المختلفة واجتماعاتي مع زعماء الحركة، وافقت على قرار التعاون في محكمة لاهاي، ولكن لم أقبل قط تسليم ميلوشيفيتش أو أي مواطن يوغوسلافي آخر لهذه المحكمة" مضيفاً انه مع اعتماد "قاعدة شرعية للتعاون المؤلم مع المحكمة لحماية الحقوق وكرامة الدولة والأشخاص". ووصف وزير الصحة في الحكومة الصربية أوبرين يوكسيموفيتش وهو من حزب كوشتونيتسا الذي صوّت ضد تسليم ميلوشيفيتش، ان ما حصل في اجتماع الحكومة كان "انتهاكاً للقانون وعملية متعمدة لئلا يعلم بها الرئيس كوشتونيتسا". وأوضح انه شخصياً لم يبلغ بجلسة الحكومة، لكنه علم بها بوسائل خاصة، فدخل الاجتماع من دون أن يدعى إلى حضوره. وذكرت وكالة أنباء "بيتا" الصربية أمس ان "الحزب الديموقراطي الصربي" بزعامة كوشتونيتسا، قرر الانفصال عن تحالف "الحركة الديموقراطية الصربية" الذي يضم 18 تنظيماً، وانه سيعمل من أجل "تغييرات في الحكومتين الاتحادية والصربية". وأدلى مكتب الرئاسة اليوغوسلافية بمعلومات للصحافة أمس عن اجتماع كوشتونيتسا مع قادة الجيش، الذي تركز على "الوضع في البلاد ودور الجيش في هذه المرحلة الخطيرة والأساليب غير القانونية التي اتبعت في تسليم ميلوشيفيتش الى محكمة لاهاي". ويتوقع المراقبون في بلغراد ان تسفر هذه التطورات عن تشكيل حكومة اتحادية جديدة برئاسة زوران زيزيتش رئيس الحكومة الاتحادي الذي استقال أول من أمس بالمشاركة مع فريق كوشتونيتسا، يدعمها نواب من أنصار ميلوشيفيتش والقوميين من دون المشاركة فيها. كذلك يتوقعون ان يشكل حزب كوشتونيتسا مع تكنوقراطيين حكومة صربية تحل محل حكومة زوران جينجيتش، يدعمها 76 نائباً في البرلمان المكوَّن من 250 نائباً من أنصار ميلوشيفيتش والقوميين من دون المشاركة فيها أيضاً، مرجحين أن تعمل الحكومتان من أجل الدعوة الى انتخابات مبكرة اتحادية وصربية. ولا يستبعد المراقبون ان تفتح الحكومة الصربية الجديدة - اذا أزيحت حكومة جينجيتش - تحقيقاً قضائياً مع رئيس الحكومة الصربية ومن تعاون معه في تسليم ميلوشيفيتش "بتهمة انتهاك الدستور". من جهة أخرى، أعلن الرئيس الصربي ميلان ميلوتينوفيتش، في بيان، ان الأنباء التي تناقلتها وسائل إعلام عن انه قرر تسليم نفسه إلى محكمة لاهاي والادلاء بشهادته ضد ميلوشيفيتش، "لا أساس لها من الصحة". وأعلن الجيش اليوغوسلافي ان ما أوردته معلومات عن ان طائرات مروحية تابعة له نقلت ميلوشيفيتش الى توزلا "ليس صحيحاً قط". وعزز بيان الجيش المعلومات التي توافرت أن طائرات حلف شمال الأطلسي هي التي نقلت ميلوشيفيتش، وان التسليم كان مخططاً له بين زوران جينجيتش والولايات المتحدة "ضمن صفقة قد لا تكون مقتصرة فقط على اجتماع الدول المانحة".