وضع الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا حداً للأنباء عن إمكان محاكمة الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش أمام محكمة جرائم الحرب داخل البلاد التي صدرت عن عدد من قياديي "الحركة الديموقراطية الصربية"، معلناً معارضته لها، ما يؤكد عمق الخلافات بين أقطاب الحركة الحاكمة في عدد من القضايا. أصدر مكتب الرئاسة اليوغوسلافية بياناً أمس "من أجل توضيح بعض الأمور التي راجت بشكل غير دقيق"، وتدعو إلى السماح بمحاكمة ميلوشيفيتش أو أي مواطن يوغوسلافي آخر، أمام جهة أجنبية. وأكد البيان أن الرئيس كوشتونيتسا متمسك بدستور البلاد الذي "لا يسمح بتسليم المواطنين إلى أي جهة أجنبية لمحاكمتهم، سواء داخل يوغوسلافيا أو خارجها". وأعلن أن ما ورد في اتفاق دايتون 1995 لوقف الحرب البوسنية والتعاون مع محكمة جرائم الحرب في لاهاي، ليس "واضحاً ومحدداً"، كما أنه غير ملزم للرئيس اليوغوسلافي "لأن الذي وقعه ميلوشيفيتيش كان في حينه رئيساً لصربيا، ولم يجر تصديقه من قبل السلطات اليوغوسلافية الاتحادية". وجاء في البيان: "ولهذا يبقى التعاون بالشكل الذي نفهمه، وهو في إطار تبادل المعلومات والآراء". ووصف اتفاق دايتون بأنه سياسي "ولهذا لا يمكن أن يفرض على يوغوسلافيا تعاوناً مع أي جهة يصل إلى حد التناقض مع دستور البلاد. ويمنع حماية المواطنين اليوغوسلاف ويضر بمصلحة الشعب وحقوقه القومية". وشدد الرئيس كوشتونيتسا على مواقفه المعلنه سابقاً أن محكمة لاهاي "هي جهة سياسية وليست مؤسسة عادلة تنتهج الحق تجاه كل الأطراف". وكانت محكمة لاهاي رفضت طلب بلغراد تحريك دعوى اجرامية ضد حلف شمال الأطلسي "الذي انتهك بغاراته على يوغوسلافيا الأعراف الدولية الخاصة بعدم التعرض للمدنيين والمنشآت غير العسكرية أثناء الحرب". وجاء بيان كوشتونيتسا بعدما أعلن عدد من زعماء الحركة الديموقراطية الصربية، بينهم رئيس الوزراء الصربي المكلف زوران جينجيتش، إمكان السماح لمحكمة لاهاي بمحاكمة ميلوشيفيتش بجرائم الحرب. على أن تعقد جلساتها داخل يوغوسلافيا، وأن يتم تنفيذ الحكم، حين صدوره، في السجون اليوغوسلافية. ويذكر ان كوشتونيتسا يصنف بين القوميين الصرب، وله علاقات وثيقة متواصلة مع المتشددين من صرب البوسنة، ويرى اجراءات ميلوشيفيتش تجاه كوسوفو أنها "النهج الصائب الوحيد الذي سلكه، وعلى رغم ذلك، فإن الولاياتالمتحدة اعتبرته اجراماً وطلبت محاسبته". ويتردد في بلغراد أن كوشتونيتسا كان التقى ميلوشيفيتش لمدة ساعة خلال أزمة الانتخابات الرئاسية، وتعهد له بعدم مقاضاته بجرائم الحرب، كما كان ميلوشيفيتش حصل على ضمانات مماثلة من وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف الذي توسط خلال الأزمة مقابل الاعتراف الذي أعلنه ميلوشيفيتش بهزيمته لمصلحة كوشتونيتسا. ومعلوم ان ميلوشيفيتش يتمتع بحصانة برلمانية، إذ أنه تصدر قائمة حزبه "الاشتراكي الصربي" الذي فاز ب37 مقعداً في الانتخابات التي جرت الشهر الماضي. إلى ذلك، أكد وزير الداخلية اليوغوسلافي زوران جيفكوفيتش وجود مجموعة حكومية تحرس محل اقامة ميلوشيفيتش وترافقه في تنقلاته، أسوة بكبار المسؤولين الحكوميين، وإذا تم انهاء هذه الحراسة، فإنه يحق لميلوشيفيتش اتخاذ حراسة أهلية له بالشكل الذي يناسبه.