تحدى الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش محاولتين للشرطة لاعتقاله معتصماً بحراسة مشددة من الجيش وأنصاره، معلناً انه "لن يستسلم حياً". وخرج الرئيس فويسلاف كوشتونتينتسا من اجتماع للائتلاف الحاكم ليعلن ان "لا أحد فوق القانون"، وأن جميع أعضاء الائتلاف موافقون على اعتقال الرئيس السابق. وما كادت تنتهي مهلة الانذار الذي وجهته الولاياتالمتحدة الى يوغوسلافيا لاعتقال ميلوشيفيتش، أول من أمس، مهددة بقطع المساعدات عنها، حتى اقتحمت الشرطة منزله في ضواحي بلغراد، لكن الجيش المكلف حراسته صد الهجوم. ورحبت واشنطن ولندن ب"اعتقال ميلوشيفيتش"، قبل التأكد من صحة النبأ، فيما حذرت روسيا من "تدخل الدول الأجنبية في هذه القضية اليوغوسلافية الداخلية". اما ميلوشيفيتش فأعلن انه لن يسلم نفسه حياً، وخرج الى باحة منزله ليحيي أنصاره الذين تدفقوا الى منزله بالمئات راجع ص 7. وبقيت الحكومة الصربية في حال انعقاد دائم، في محاولة للتوصل الى تسوية للخلافات التي نشبت بين أحزابها ال18، المؤتلفة في "الحركة الديموقراطية الصربية" الحاكمة، وحالت دون الوصول الى اتفاق على هذه القضية التي كانت موضع جدل بين أطرافها منذ اطاحة ميلوشيفيتش قبل حوالى ستة شهور. وخرج الرئيس كوشتونتيتسا من الاجتماع مساء أمس ليعلن أن الجميع وافقوا على اعتقال ميلوشيفيتش. ويعتبر رئيس الحكومة الصربية زوران جينجيتش اعتقال ميلوشيفيتش ضرورياً ل"صون هيبة القانون" نظراً الى اتهامات بالفساد موجهة اليه، في حين يبرر الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا معارضته اعتقال الزعيم السابق بمخاوف من ان يؤدي الى صراعات وإراقة دماء "في وقت تسعى صربيا الى الاستقرار". ويقف الجيش، الذي يقوده كوشتونيتسا بحكم منصبه، الى جانب معارضي اعتقال ميلوشيفيتش، واتهم وزير الداخلية الصربي دوشان ميخائيلوفيتش، في مؤتمر صحافي عقده أمس، قائد الجيش الجنرال نيبويشا بافكوفيتش بحماية الرئيس السابق. وانضم وزير الداخلية الاتحادي زوران جيفكوفيتش ينتمي الى الحزب الديموقراطي بزعامة جينجيتش الى المطالبين باعتقال ميلوشيفيتش. وأشار في تصريح نقلته وكالة "تانيوغ" شبه الرسمية، الى ان توقيف الأخير "لا علاقة له بالاتهام الموجه اليه من محكمة الجزاء الدولية" بارتكاب جرائم حرب. واستدرك: "من السخف القول ان لا علاقة له" بمهلة 31 آذار مارس التي حددتها واشنطن لتوقيفه مهددة بوقف المساعدة عن صربيا. وأظهرت أحداث أمس ان ميلوشيفيتش ما زال يحظى بدعم واسع، سواء في الأوساط السياسية أو العسكرية اليوغوسلافية، وان المس به لا يخلو من أخطار. ويرى مراقبون ان من المتعذر اقدام أي سلطة في بلغراد على تسليم ميلوشيفيتش الى محكمة جرائم الحرب في لاهاي، خصوصاً بعدما ظهر رد فعل شديد على محاولة احالته على القضاء بتهم الفساد. وحذرت محكمة الجزاء الدولية أمس السلطات الصربية واليوغوسلافية من أن وقف التعاون مع القضاء الدولي ستنجم عنه مضاعفات سلبية. وقالت الناطقة باسم الادعاء العام للمحكمة فلورانس هارتمان: "إذا اعلنوا ان بعض الفارين الموجودين في الأراضي اليوغوسلافية، بمن فيهم ميلوشيفيتش، لن يسلموا الى لاهاي، فإن هذا يعني انهم يتخلون عن التعاون مع المحكمة، وعليهم تحمل النتائج".