حقق حزب "العمال"، وقد صاروا "جدداً"، للمرة الأولى في تاريخه فوزاً لمرتين متتاليتين. وبات زعيم المحافظين وليم هايغ، الذي استقال فور اعلان النتائج، اول قائد محافظ منذ أوستن تشمبرلين في مطالع القرن العشرين، لا يصير رئيساً للحكومة. اما الليبراليون فحصلوا على عدد المقاعد الاعلى لهم 52 مقعداً، وزيادة 7 عن برلمان 1997-2001 منذ عشرينات القرن الماضي. وكانت نسبة اقبال على الانتخابات 1،59 في المئة الأدنى منذ 1918 حين حيل دون مشاركة الجنود بسبب الحرب العالمية الأولى. أما أعلى نسب العزوف فحصل في مناطق عمالية تقليدياً. راجع ص 8 هذه هي النتائج الصارخة. واستنتج رئيس الوزراء طوني بلير منها، بعدما اتصل به زعيم المحافظين لتهنئته بالفوز، "ان الشعب يريدنا ان ننفذ ما وعدنا به. مهمتنا تقضي بمتابعة العمل الذي باشرناه، لذا علينا ان نبدأ الآن معاً. عرف ان الامر سيكون صعباً وانه سيستغرق وقتاً لكن التزامنا ثابت". واعتبر نائبه جون بريسكوت ان الناخبين البريطانيين "اعطوا حزب العمال تفويضاً كبيراً جداً" مشدداً على ان "المحافظين ارتكبوا اخطاء كبيرة ونحن نستحق الفوز". ورأى وزير المال غوردون براون ان "ضخامة الفوز والفارق الكبير بيننا وبين منافسينا يعنيان اننا لم نكتف بالفوز في معركة التصويت بل في معركة الافكار ايضاً". وإذ اقرّ هايغ بهزيمته التي اعتبرها "مخيبة جداً" لحزب المحافظين، رأى انه بات على حزبه ان "يعيد النظر بجهوده ومضاعفتها وتكثيفها لتوفير خيار حكومي اخر في البلاد" مشيراً بعد استقالته الى انه "امر حيوي بالنسبة الى حزبنا ان يتمكن من اختيار زعيم يستيطع ان يواصل عملي ويتخذ مبادرات جديدة ايضاً". وفي الجانب الاقتصادي قال محللون في لندن أمس إن الجدل المتصاعد في شأن الانضمام المحتمل لبريطانيا إلى منطقة اليورو، يحمل "أنباء سيئة" رويترز للأسواق المالية، اذ يُخشى هروب ما يقرب من 300 بليون دولار من سوق الأسهم البريطانية. وتوقعوا مثلاً أن تتعامل صناديق المعاشات في بريطانيا تدير 1.1 تريليون دولار وتملك نحو 20 في المئة من كل الأسهم المدرجة في بورصة لندن مع قرار الانضمام، في حال حصوله، بتنويع المحافظ والتخلص من جزء كبير من مراكزها البريطانية، للانتقال إلى استثمارات في منطقة اليورو. راجع ص11 ماذا قالت الانتخابات؟ ولا شك ان هذا الفوز الكبير للعمال يرتب عليهم ايضاً تحديات كثيرة، فماذا قالت الانتخابات؟ 1ً- السؤال الأبرز: هل يجنح العمال قليلاً الى اليمين كما يريد حلفاؤهم الجدد في البيزنس أم قليلاً الى اليسار عملاً بنظريتهم عن ان برنامجهم للتقديمات الاجتماعية تلزمه ولايتان؟ تعديلات التشكيلة الحكومية تساهم في الاجابة: ما جزم به بعض المراقبين من نقل ديفيد بلانكيت "اليميني" من التعليم الى الداخلية، وهو ترقية، يعزز الفرضية الأولى. هذا يعني تجديد الضغط "اليساري" على بلير داخل الحزب. كما يعني حظوظاً أقل لبناء "التحالف التقدمي" مع الليبراليين الديموقراطيين ولو من خارج مشاركتهم المباشرة في الحكومة. في الحالات جميعاً: تم انتصار كبير للوسط باستبعاد المحافظين الذين عصف بهم خط يميني متشدد. لكن هل سيستقر العمال على يمين الوسط ام على يسار الوسط؟ 2ً- أوروبا على جدول الأعمال المباشر. مؤتمر النقابات في الصيف ربما حمل اشارة مهمة بهذا المعنى. الأسواق استبقت احتمال دخول اليورو بخفض الجنيه الاسترليني بحيث لا يكون للدخول تأثير سلبي كبير. 3ً- المحافظون سيعيشون مخاضاً صعباً. كيف سيخرجون من الأزمة؟ قياداتهم التقليدية كجون ميجور ومايكل هزلتاين وكينيث كلارك يقولون: بالعودة الى يمين الوسط، لا البقاء في يمين اليمين، فيما ينزح العمال الى يسار الوسط. ويضيفون: بعدم التخويف من أوروبا. نجم هذه الموجة انتقل اليها بانتهازية من موقعه السابق في اقصى اليمين هو الوزير السابق مايكل بورتيّو. المرجّح ان يصطدم طموحه بمواجهة سياسية وايديولوجية حادة مع بقايا الثاتشريين. 4ً- الليبراليون الديموقراطيون حزب واعد. هم الضغط على العمال من يساره: في ما خص أوروبا وفي ما خص التقديمات الاجتماعية. قائدهم تشارلز كينيدي خرج مظفراً من عباءة القائد السابق والكاريزمي بادي أشداون. صار له اسمه ووجهه واستقلاليته والانجاز المرتبط به شخصياً. 5ً- البرلمان الجديد ينطوي على اكثرية 167 نائباً، اي أكثر بنائبين من مجموع ما أحرزه المحافظون. العمال يملكون 413 مقعداً، علماً ان نيل 330 مقعداً فقط كافٍ لجعلهم أكثرية!