القيادة تعزي ملك مملكة البحرين في وفاة الشيخ حمود بن عبدالله آل خليفة    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على فرحان بن عبدالعزيز آل فرحان    سعود بن بندر يرأس تنفيذية تطوير الشرقية    الخريف يبحث جذب الاستثمارات التعدينية الإسبانية    7 ميداليات سعودية في معرض أنوفا للاختراعات    ختام مسابقة خادم الحرمين لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية لدول غرب أفريقيا    النحوي: تسمية القاعة الكبرى باسم خادم الحرمين دليل مكانته الرائدة في العالم الإسلامي    مفتي موريتانيا: مسابقة خادم الحرمين لها أهمية بالغة في خدمة الدين    تواجد نيمار وغياب بونو ضمن قائمة الهلال للقاء العين    قاتل ينقذ الوحدة    النقل تضبط 392 مخالفا بحي البطحاء في الرياض    جامعة الملك خالد ال11 عربيا في تصنيف QS    وداعاً للكتاب في مكتبات أبها    إطلاق 15 ظبي ريم بمتنزه واحة بريدة    عروس الفل تتجهز لموسمها الثاني    ضبط مواطن في الشرقية لترويجه مادة الحشيش المخدر    التخدير: الحارس الخفي لأمانك في كل لحظة    حرس الحدود في مكة ينقذ (3) مواطنين تعطلت واسطتهم البحرية    شارك مجمع طباعة المصحف بالمدينة المنورة في معرض "جسور"    أنتيك كافيه يحتفي بمسيرة ناصر الجاسم في أمسية أدبية مميزة.    «الخويطر» جاء يطل وغلب الكل    مروان الصحفي بعد ثنائيته الرائعة: يعد جماهير بيرتشوت بالمزيد    تكريم المركز الوطني للوثائق والمحفوظات في احتفال يوم الوثيقة العربية في القاهرة    استنفار أمني بعد وصول مُسيرة لمنزله.. لماذا لم يظهر نتنياهو ؟    قطاع خميس مشيط الصحي يُقيم حملة "التطعيم ضد الانفلونزا الموسمية"    قطاع ومستشفى تنومة يُقيم فعالية"الأسبوع العالمي للصحة النفسية"    تشكيل الإتحاد المتوقع أمام القادسية    ضبط 21971 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في أسبوع    انقطاع كامل لخدمات الانترنت شمال غزة    أهالي الفرشة يطالبون وزارة الصحة باستكمال المركز الصحي    مغادرة الطائرة الإغاثية السابعة ضمن الجسر الجوي السعودي الذي يسيّره مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب اللبناني    انطلاق ملتقى الجمعيات التعاونية والأهلية بالرياض.. غدا    في ثوانٍ.. اختبار جديد يكشف الخرف بمختلف أنواعه    «ميتا» تطرد موظفين بسبب قسائم الوجبات المجانية !    وزير الثقافة: مكاتب لتسويق الأفلام السعودية عالمياً    الحرف اليدوية جسر يربط بين الثقافات في الرياض    ارتفاع عجز الميزانية الأميركية إلى 1,8 تريليون دولار    دول غربية تدعو للسماح بالدخول العاجل للمساعدات الإنسانية إلى السودان    أجواء طريف المعتدلة تحفز المواطنين والمقيمين على ممارسة رياضة المشي    بينهم 20 طفلاً وامرأة.. 30 قتيلاً في مجزرة إسرائيلية على مخيم جباليا    نقل خدمات من كتابات العدل إلى السجل العقاري    محافظ أبو عريش يرعى حفل تكريم 20 كفيف وكفيفة من هواة ركوب الخيل    المملكة تستضيف كأس السوبر الإسباني للمرة الخامسة يناير المقبل في جدة    مستشار مانشيني يُشيد بتطور الدوري ويُدافع عن تجربة احتراف عبدالحميد    اليوم العالمي لسرطان الثدي"الوقاية هي الغاية" مبادرة أنامل العطاء التطوعي بجمعية بر المضايا بجازان    المقيم في السعودية بين الاستقرار والفرص    «أمن الطرق» ينبه قائدي المركبات من الضباب    أحمد أبو راسين يرزق بمولوده "نهار"    محمد جرادة يحتفل بعَقْد قِرَان ابنته "ريناد"    ترامب يُحمل زيلينسكي مسؤولية اندلاع الحرب مع روسيا    تركي آل الشيخ يعلن عن شراكة استراتيجية مع "BOXXER"    بوتين: السعودية المكان المناسب لعقد قمة السلام    السياسة الخارجية تغير آراء الناخبين في الانتخابات الأمريكية    أبسط الخدمات    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    السعودية إنسانية تتجلى    نائب أمير تبوك يستقبل أعضاء جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليا    26 من الطيور المهددة بالانقراض تعتني بها محمية الملك سلمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سورية بعد سنة على رحيل الأسد : اجماع بين المحافظين والاصلاحيين على الخطوط الحمر
نشر في الحياة يوم 10 - 06 - 2001

كان قصف اسرائيل موقع الرادار السوري في لبنان منتصف نيسان ابريل الماضي آخر الاسباب التي "أقنعت" المسؤولين بضرورة "تجميد" عملية الاصلاح السياسي الذي تمثل بظاهرتي المنتديات وجماعات المجتمع المدني. فتراجع صوت المطالبين ب"التغيير" من داخل النظام وخارجه وارتفع "صوت المعركة".
لعل أهم ما تغيّر بعد رحيل الرئيس حافظ الاسد قبل سنة هو "كسر جدار الخوف" و"جرأة السوريين في التعبير عن آرائهم" لأسباب عدة تتعلق بطبيعة النظام من جهة وبالمضامين التي حملها الخطاب السياسي للدكتور بشار الاسد قبل تسلمه الحكم بحديثه عن ضرورات الاصلاح والتطوير والتحديث من جهة ثانية.
لكن السبب المباشر الأبرز كان خطاب القسم للدكتور الاسد بعد تسلمه الحكم في 17 تموز يوليو، عندما اكد اهمية "قبول الرأي الآخر" و"عدم امكانية تطوير المجتمع بالاعتماد على جهة او شريحة او مجموعة" وصولاً الى إقراره ب"وجود فجوة كبيرة" بين السياستين الداخلية والخارجية خلال حكم الرئيس الراحل.
شجعت هذه العوامل الثلاثة عدداً كبيراً من المثقفين داخل الوطن وخارجه على اخذ "المبادرة" والتعبير عن المطالب الكبيرة في بيانات وندوات ومقالات صحافية، كان ابرزها "بيان ال99" الذي دعا في ايلول سبتمبر الماضي الى مزيد من الحرية والديموقراطية واحترام حقوق الانسان ورفع حال الطوارئ القائمة منذ اربعين سنة.
وتزامن ذلك مع تشكيل مثقفين آخرين معظمهم من اليساريين والماركسيين "لجان احياء المجتمع المدني" واصدارهم "الوثيقة الاساسية" او "بيان الألف" في بداية العام الجاري قوموا فيها "العقود الماضية" بعد تسلم "البعث" الحكم على اساس "المشروعية الثورية" الانقلابية في مواجهة المشروعية الدستورية".
وأعطى اغلاق الرئيس الاسد سجن مزة العسكري وإفراجه عن 600 معتقل سياسي جرعة اضافية من الجرأة للناشطين لتحويل منازلهم الى منتديات لمناقشة الامور السياسية العامة ومستقبل البلاد. وفي اطار ما نقلته "الحياة" عن احد المسؤولين ان "لا تقييد لهذه النشاطات في حال التزامها خطين احمرين: عدم الارتباط بأي جهة خارجية رسمية او مدنية، والعمل العلني غير السري"، تزايدت هذه النشاطات ووصل عدد المنتديات الى اكثر من 21 منتدى شملت جميع المحافظات.
في هذا السياق كتبت صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب الحاكم في 4 كانون الثاني يناير الماضي: "ان الذين يحاولون الايحاء بأن في سورية من هم مع التغيير ومن هم ضده نقول لهم ان محاولتكم بائسة، فسورية كلها مع نهج التغيير والتجديد وملتفة حول حركة الاصلاح والتطوير التي يقودها الرئيس بشار. والنقاشات والحوارات حول التفاصيل عامل صحة وعافية للوصول الى الأفضل والأكمل". وتعزز ذلك في حضور عدد من الكوادر القيادية ل"البعث" في المنتديات لتوضيح وجهة نظر الحزب من القضايا المطروحة.
واذ اجمعت جميع هذه المنتديات على عدم المساس ب"الخيمة الرئاسية" وباعتبار نشاطها في اطار "دعم تيار الاصلاح متمثلاً بالدكتور بشار"، فإن المحاضرين والمناقشين تناولوا اموراً تطرح للمرة الاولى في سورية بينها: تعديل المادة الثامنة من الدستور التي تعتبر "البعث" حزباً "قائداً للدولة والمجتمع".
وبعدما كانت هناك وجهتا نظر تطالب الاولى ب"اعتقال هؤلاء النشطاء" الحرس القديم والثانية ب"ترك الناس تعبر عن رأيها في اطار القوانين" الاصلاحيون فان تلك المطالب عززت رأي التيار المتشدد - المحافظ الذي قال بعض رموزه: "ان المثقفين تطاولوا على نهج القائد الاسد ومبادئ الحزب والدستور في البلاد".
وظهر الردّ الرسمي في "تعميم" اصدرته قيادة الحزب في 18 شباط فبراير وجه انتقادات شديدة الى المثقفين لأنهم يدعون للعودة الى "مراحل الاحتلال الاجنبي او الانقلابات" العسكرية وطروحاتهم التي استهدفت "الهدم واضعاف الدولة" وخلق حالة من "الفوضى والتسيب". وصنف التعميم المثقفين ونشطاء المجتمع المدني بين "حاقدين" و"مرتبطين بالخارج" و"باحثين عن الزعامة" بعدما "لفظتهم أحزابهم".
وكان ذلك اساس مواقف نائب الرئيس السوري السيد عبد الحليم خدام الذي اخذ على النشطاء عدم القيام ب"تحليل موضوعي" للواقعين السوري والاقليمي في العقود الثلاثة الاخيرة ودفعهم الامور باتجاه "جزأرة" سورية مع "غياب كامل لموضوع الصراع العربي- الاسرائيلي" عن بياناتهم ونقاشاتهم. وتزامن ذلك مع سماح رئيس البرلمان عبدالقادر قدورة للمدعي العام بالتحقيق مع النائب المستقل رياض سيف في تهم تتعلق ب"انتهاك الدستور".
وتمت ترجمة ذلك بفرض الامن السياسي شروطاً على نشاط جميع المنتديات باستثناء "منتدى جمال الاتاسي للحوار الديمقراطي" الذي استضاف قبل اسبوع محاضرة عن "واقع الصحافة السورية" تفرع الحديث فيها الى الواقع السياسي ومستقبل الاصلاح.
وكان الحسم العلني في كلام الدكتور الاسد في 18 آذار مارس عندما وضع "خطوطاً حمراً" لأي نشاط هي "مصالح الشعب العربي السوري واهدافه الوطنية والقومية، حزب البعث، الوحدة الوطنية، نهج القائد الراحل الاسد، والقوات المسلحة". وقال :"ان المساس بهذه الأسس هو مساس بالمصالح الوطنية والقومية لشعبنا ويصب في خدمة اعداء الوطن والامة، ولن نسمح لأحد ان ينال من تاريخنا المجيد او ان يمسه بسوء".
وكان ذلك رسالة واضحة الى "الجميع". ولم تكن صدفة ان الانعطاف في تعاطي المسؤولين مع ظاهرتي المنتديات والبيانات، بدأ بعد فوز ارييل شارون برئاسة الحكومة الاسرائيلية وبتصاعد وتيرة الانتفاضة الفلسطينية، الامر الذي اكد ترابط العاملين الخارجي - الاقليمي والمحلي - الوطني، بعدما اشار الأسد الى فصل هذين الأمرين بحديثه عن "فجوة كبيرة" بينهما.
وبعد مرور سنة على رحيل الأسد، فإن الواقع يشير الى ان "الاولوية هي للاصلاح الاقتصادي المتدرج" مع ترك الباب مفتوحاً ل"الاصلاح السياسي حسب حاجة المجتمع وتطوره"، مع الاشارة الى بعض الخطوات السياسية الانفتاحية اتخذ في الاشهر الاخيرة تقوم على اساس "تفعيل" احزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" التي تضم الاحزاب المرخصة بالسماح لها بفتح مكاتب رسمية واصدار صحف علنية، مع السماح لبعض الشخصيات بإصدار صحف بينها "الدومري" لرسام الكاريكاتير الساخر علي فرزات. كما يُسجل في هذا السياق علنية نشاط "لجان الدفاع عن حقوق الانسان في سورية" وتوزيع تقريرها علناً في البلاد، واطلاق الصحافي نزار نيوف بعد تسع سنوات على سجنه والسيدة مايا معمر باشي بعد اشهر على اعتقالها.
وبعدما حاولت السلطة فتح حوار مع "التجمع الوطني الديمقراطي" الذي يضم احزاباً "معارضة" اسسها زعيم "حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي" السابق جمال الاتاسي عام 1979، عبر قيام السيد خدام بلقاء زعيم الحزب حسن عبدالعظيم، فإن تطورات الوضع الداخلي و"تشدد" الحزب بمواقفة ارجأا هذه الخطوة مع ترك باب الاصلاح في الاطار القائم سياسيا.
في المقابل، فإن الاسد استمر في خطوات الاصلاح الاقتصادي وكان ابرزها السماح باقامة مصارف خاصة بعد 40 سنة من التأميم واعطاء جرعات اضافية لمفاوضات الشراكة مع اوروبا، وان كان المحللون لا يلحظون تأثيراً كبيراً لهذه القرارات في الواقع بسبب وضع عملية السلام ووضع الاقتصاد السوري الذي يعاني من الركود الكبير.
وفي حال انعقاد اجتماع للجنة المركزية ل"البعث" في الاسابيع المقبلة كما تشير التوقعات، سيكون دليلاً مهماً لتلمّس أفق التحول المستقبلي في البلاد واعطاء تصور اوضح للخطوات المقبلة، خصوصاً ان حزيران يونيو الماضي شهد انعقاد اول مؤتمر للحزب منذ 15 سنة وأُضيف 12 عضواً الى القيادة القطرية للحزب الذي لا يزال الجسم الأهم للشرعية الايديولوجية في البلاد.
والسؤال المطروح الآن اي خطوات سيكمل انعقاد اجتماع للجنة المركزية؟ وهل سينعكس ذلك في تغيير وزاري يجلب حكومة اكثر انسجاماً بالمعنى الاصلاحي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.