لاحظ الباحث محمد علي الأتاسي قيام الرئيس بشار الأسد باتخاذ عدد من "الخطوات الايجابية في الاتجاه الصحيح" لتطوير الواقع التعليمي والعلمي في سورية. لكنه دعا الى الغاء اجراءات "احتواء الشباب" التي اتخذت سواء بعد تسلم "البعث" الحكم العام 1963 او بعد المواجهات بين السلطات و"الاخوان المسلمين". وكان الأتاسي يتحدث مساء اول من امس عن "مشكلات الشباب" في "منتدى جمال الأتاسي للحوار الديموقراطي" الذي انفرد باستئناف نشاطاته بعد اغلاق جميع المنتديات الثقافية - السياسية، في حضور عشرات من المهتمين والمعتقلين السابقين بينهم اصلان عبدالكريم وفاتح جاموس، اضافة الى احد قياديي حزب "البعث" في جامعة دمشق الدكتور سليم بركات الذي اكد ان "الحزبية حق شرعي" رداً على قول الأتاسي ان "البعث يحتكر السلطة". وعدد الأتاسي الخطوات التي اتخذت ب"هدف مصادرة الشباب لمصادرة السياسة" منذ وصول "البعث" الى الحكم في 8 آذار مارس العام 1963، اذ "تضاءل دور الحركة الطلابية كلاعب رئيسي في الحياة السياسية السورية، فالصراع والتنافس بين القوى المختلفة لم يعد يدور تحت قبة البرلمان او على مدرجات الجامعات او من خلال تظاهرات في الشوارع لكن في الثكنات وتحت حراب البنادق". وبين تلك الخطوات تأسيس "الاتحاد الوطني لطلبة سورية" بعد شهر من "حركة" آذار، تلتها اول محاولة جدية ومنظمة لاحتواء القطاعات الشبابية وتأطيرها في بنية منظمة تخضع لسيطرة الدولة وحزبها القائد تمثلت بإقامة "اتحاد شبيبة الثورة" كمنظمة "تربوية سياسية رديفة للحزب" في 26 ايار مايو عام 1968. كما ان ميثاق تأسيس "الجبهة الوطنية التقدمية" للعام 1972 حظر على أحزاب الجبهة الاخرى ان تنشط في قطاعي الطلاب والجيش وابقاهما حكراً على حزب "البعث" الذي تعتبره المادة الثامنة من الدستور "قائداً للدولة والمجتمع". وقال الأتاسي: "لم يكتف الحزب باحتكار العمل السياسي والتنظيمي داخل قطاعي الشبيبة والطلبة، بل مدّه الى مرحلة الدراسة الابتدائية من خلال "منظمة طلائع البعث" التي انشئت في 18 اب اغسطس 1974 لتضم في صفوفها كل تلاميذ المرحلة الابتدائية من دون استثناء ولتسبغ عليهم تسمية الحزب وطلائعه". وبعد المواجهات الدموية بين السلطات و"الاخوان المسلمين" بين عامي 1976 و1982، صار لزاماً على طلاب المدارس أثناء تأدية تحية العلم الصباحية القسم "عهدنا ان نتصدى للامبريالية والصهيونية والرجعية، وان نسحق أداتهم المجرمة عصابة الاخوان المسلمين العميلة"، بالتزامن مع مميزات عدة قدمت الى الطلاب الذين يخضعون "لدورات القفز المظلي" التي سمحت لمن يجتازها بالحصول على علامات اضافية تضاف الى مجموعه في شهادة الدراسة الثانوية وتمكنه على حساب أقرانه من بقية الطلاب، ان يدخل الى اكثر الفروع صعوبة وتطلباً للعلامات داخل الجامعة. يضاف الى ذلك تدريس مادة "القومية الاشتراكية" في الجامعات التي تنص على مبادئ "البعث"، وادخال التدريب العسكري الى الجامعات السورية في منتصف السبعينات من القرن المنصرم التي تمثلت ب"ادخال الدبابات والمدافع الى حرم الجامعات بحجة تدريب الطلاب على استخدامها، وهي لا تزال موجودة الى يومنا هذا"، والسماح بمفاضلة الشبيبة لخريجي دورات الصاعقة والمعسكرات الانتاجية التي تمنح علامات اضافية الى الذين خاضوها. وكان الدكتور بركات الوحيد الذي لم يوافق على كلام الأتاسي بين نحو عشرين متدخلاً. وقال بركات: "لولا هذه المنظمات الشعبية والشبيبية، لكانت مؤامرة الاخوان المسلمين أخذت بعدها في هذا القطر"، لافتا الى ان هذا التنظيم الاسلامي "استقطب شباباً في عمر الورد"، وبالتالي "ان يكون الانسان منظماً شبابياً افضل من ان يكون متسكعا في مدرسة تعلمه الحقد والطائفية". وختم الأتاسي بتوجيه دعوة "كي لا نبقى أسرى معادلة الثمانينات لأن سورية اليوم ليست سورية الثمانينات. فهذا البلد الذي بات عدد مواطنيه ممن ولدوا بعد أحداث الثمانينات يقارب ثلثي مجموع السكان، من الأجدر ان لا يورث شبابه أحقاد الماضي وجراحه وان يترك لابنائه الحق في التعبير السلمي عن حاجاتهم وآرائهم وتطلعاتهم بحرية".