أكدت قيادة البعث الحاكم في سورية استمرارها في "عملية التطوير والتحديث" وفق ضوابط وعلى أساس القاعدة الشعبية للحزب لئلا تنتهي الى "الوقوع في مصالح ضيقة يدعمها الخارج". وجهت القيادة "تعميماً" حصلت "الحياة" على نسخة منه يشرح موقف البعث من نشطاء المجتمع المدني والمثقفين، وحمل التعميم انتقادات شديدة لهؤلاء، لدعوتهم للعودة الى "مراحل الاحتلال الاجنبي او الانقلابات" العسكرية، وطروحاتهم التي استهدفت "الهدم واضعاف الدولة" وخلق حال من "الفوضى والتسيب". وصنفهم بين "حاقدين" و"مرتبطين بالخارج" و"الباحثين عن الزعامة"، بعدما "لفظتهم احزابهم"، وبالتالي اساؤوا "الى الوطن. والنتيجة واحدة سواء جاءت الاساءة عن قصد او عن غير قصد. وفي كلتا الحالتين يخدم الانسان اعداء وطنه وعليه ان يتحمل مسؤوليات ذلك قاصداً كان او غير قاصد". في غضون ذلك، قال حبيب صالح ل"الحياة" ان السلطات الرسمية ابلغته الخميس الماضي عدم موافقتها على تنظيمه محاضرة في منتداه في مدينة طرطوس الساحلية "على رغم انني تقدمت بطلب رسمي الى المحافظ آرام صليبا قبل اسبوعين من انعقاد الندوة مرفقاً بملخص عنها التزاماً للشروط المفروضة لتنظيم المنتديات. وقد ابلغني شخصان في الامن السياسي ليل الاربعاء الماضي رفض طلبي، لكن اربعة آخرين بقيادة ضابط في الشرطة بالغوا في تصرفاتهم عندما جاؤوا الى المنزل وطلبوا مني الذهاب الى قسم الشرطة كي أتعهد خطياً عدم ممارسة اي نشاط له علاقة بالمنتدى". وظهرت مؤشرات اخرى بالسماح للمنتديات الثقافية ورفض اعطاء رخص للمنتديات السياسية بعد "تجاوز الخطوط الحمر ودخول اسلاميين على الخط" في منتدى جمال الاتاسي الاسبوع الماضي. وجاء في "تعميم" القيادة القومية للحزب الذي يقع في سبع صفحات ويحمل الرقم 1075، ان الحزب "هو القوة الجماهيرية الاكثر تنظيماً وقائد الدولة والمجتمع"، حسب نص الدستور للعام 1972، الأمر الذي دفعه الى ان يكون "المبادر إلى استكشاف آفاق التطور، والتأكيد على التطوير والتحديث كحاجة ملحة من الحاجات التي تؤمن استمرار المسيرة وتصاعدها". وقال ان الرئيس بشار الاسد حول ملامح التحديث والتطوير "الى مهمات محددة للمجتمع والدولة ليوطد مناخ الحوار والنقاش وسماع الرأي الآخر على قاعدة اشتراك الجميع في بناء الوطن والحفاظ على المنجزات التي تم بناؤها". واخذ التعميم الذي نشرته مجلة "المناضل" الداخلية، على طروحات المثقفين تركيزها على ان "تحقيق الاصلاح يتطلب انهاء النظام السياسي والعودة بسورية الى مراحل الضعف والتوتر والصراعات والقضاء على الوحدة الوطنية والاستقرار"، مما يدفع الى الفهم ان هؤلاء "يفضلون العودة الى المراحل التي سبقت ثورة العام 1963 وان لم يقولوا ذلك خجلاً. وهذا يعني العودة الى مراحل الاحتلال الاجنبي او الانقلابات والتوتر والفوضى والتخلف الاقتصادي والاجتماعي". ورأى ان طروحات المجتمع المدني استهدفت "اضعاف الدولة وتقزيم دورها"، داعياً الى الاستناد الى كلام الرئيس الاسد "ان المجتمع المدني هو مجتمع حضاري نشأ عن تراكم الحضارات عبر آلاف السنين، وسورية لها تاريخ يمتد لأكثر من ستة آلاف عام من التاريخ الحضاري". وانتقد اعلان النائب المستقل رياض سيف "حركة السلم الاجتماعي"، و"الوثيقة الاساسية" التي أصدرتها "الهيئة التأسيسية" ل"لجان المجتمع المدني" من دون ان يذكرهما بالاسم. واوضح "ان مقولة السلم الاهلي "تطرح في بلاد تعيش صراعات فئوية او اهلية او غيرها، وهذا الوضع ليس موجوداً في سورية التي تعيش وحدة وطنية ناجزة واستقراراً راسخاً". ونبه إلى مخاطر الحديث عن "التنوع الثقافي والقومي والاثني والمذهبي والطائفي في محاولة لالباس هذا التنوع لبوساً سياسياً وبالتالي زرع بذور التفرقة بين أبناء الوطن على قاعدة المعايير المذكورة والقضاء على الوحدة الوطنية المبنية على القواسم المشتركة لجميع ابناء الوطن". وبعدما أخذ على المثقفين عدم ذكرهم "الخطر الصهيوني ولا دور سورية القومي ولا الصراع العربي - الاسرائيلي"، اكد التعميم ان ظهور هذه المجموعات والافراد "لن يثنينا عن عملية التطوير ومناخ الحوار الايجابي المسؤول وسماع الرأي الآخر الذي هدفه البناء والتطور".