ظهر في الايام الاخيرة عدد من المؤشرات الجديدة في شأن تعامل السلطات السورية مع نشاطات المثقفين ودعاة حقوق الانسان بعد الحملة التي شنت في شباط فبراير الماضي على جماعة المجتمع المدني وبيانات المثقفين. في غضون ذلك، يواصل اعضاء "الهيئة التأسيسية" ل"لجان المجتمع المدني" لقاءاتهم للتوصل الى صيغة نهائية ل"الوثيقة الثانية" التي ينوون اصدارها ل"تحديد المواقف من المسائل المطروحة داخلياً واقليمياً بعد الانتقادات التي وجهها مسؤولون لدعاة المجتمع المدني". وقال احد الاعضاء ل"الحياة": "إن الخطة تتضمن اصدار الوثيقة واعلان تشكيل لجان فرعية للدراسات والبحوث ولدعم الانتفاضة ولمقاطعة البضائع الاميركية ثم حل الهيئة لنفسها والدعوة الى انتخابات تسفر عن هيئة جديدة للجان المجتمع المدني". ولم تر مصادر رسمية في اصدار وثيقة جديدة "مشكلة ضد النظام لأن كل هذه النشاطات متاحة ومسموح بها"، لكن المصادر قالت ل"الحياة": "لن يكون هناك اي قبول لموضوع تشكيل لجان فرعية أو لجان على مستوى الاحياء لان ذلك يعني اقامة مؤسسات بديلة للمؤسسات الرسمية". وكان وزير الاعلام السوري السفير عدنان عمران شدد على أهمية "نشوء مؤسسات المجتمع المدني من الداخل وحسب الظروف الوطنية". وتجنب ذكر اسم اي مثقف او ناشط في مجالات حقوق الانسان والمجتمع المدني لدى تقديمه عرضا تاريخيا لنشوء فكرة المجتمع المدني وعلاقة مؤسساته بالدول الاجنبية. وأظهرت المنتديات الثقافية وجود رأيين في كيفية التعامل معها بين السماح لها باعتبار انها "لا تشكل أي خطر على النظام" وضرورة تجميدها "لأن الطروحات التي ظهرت فيها تجاوزت الخطوط الحمر المسموح بها". وقال مصدر رسمي ل"الحياة": "لا مشكلة في نشاطات المثقفين اذا كانت تنطلق من الثوابت الوطنية الاساسية". وكان الرئيس بشار الاسد وضع خمسة اسس هي :"مصالح الشعب العربي السوري واهدافه الوطنية والقومية، حزب البعث، الوحدة الوطنية، نهج القائد الراحل حافظ الاسد، القوات المسلحة". وقال في الشهر الماضي: "إن المساس بهذه الاسس هو مساس بالمصالح الوطنية والقومية لشعبنا ويصب في خدمة اعداء الوطن والامة، ولن نسمح لأحد ان ينال من تاريخنا المجيد أو ان يمسه بسوء". وقالت المصادر: "هناك اتجاه رسمي بالسماح لكل النشاطات انطلاقا من هذه الثوابت"، ما يعني احتمال البحث في اعادة السماح بالمنتديات "وفق هذه الضوابط". وعلمت "الحياة" ان مسؤولاً أبلغ صاحب احد المنتديات المحظورة بأن السلطات "بصدد تنظيم عمل المنتديات". وكان الأمن السياسي وضع خمسة شروط لنشاط المنتديات هي: الحصول على رخصة رسمية، تقديم طلب قبل اسبوعين، تقديم فكرة عن المحاضرة، وتقديم قائمة بالحضور ومكان المحاضرة وزمانها. لكن السلطات استثنت "منتدى جمال الاتاسي للحوار الديموقراطي" من هذه الشروط. كما ان نائب الرئيس السيد عبد الحليم خدام بدأ بعدها جولة من الحوار مع الامين العام ل"حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي" حسن عبد العظيم الذي يشرف على المنتدى. وكانت تلك اول جولة حوار منذ خروج "الاتحاد الاشتراكي" من "الجبهة الوطنية التقدمية" في العام 1972، علماً أن الحزب يشارك في "التجمع الوطني الديموقراطي" الذي يضم عدداً من الاحزاب المعارضة بينها "الحزب الشيوعي - المكتب السياسي" بزعامة رياض الترك. وقالت المصادر: "ستكون هناك جولة ثانية من الحوار بين خدام وعبدالعظيم خلال الأيام المقبلة". ولم تكن تلك المؤشرات الايجابية الوحيدة، بل ان السلطات اتخذت خطوات هي الاولى في مجال موضوع حقوق الانسان، إذ انها سمحت ل"لجان الدفاع عن حقوق الانسان في سورية" بتوزيع تقريرها السنوي للمرة الاولى داخل سورية منذ تشكيل "اللجان" في العام 1989. وقال اكثم نعيسة احد قياديي لجان حقوق الانسان ان التقرير الذي يتضمن شرحاً عن "ظروف التعذيب في السجون سيباع في الأسواق المحلية". وأشارت المصادر أيضاً الى تقديم الحكومة تقريرا عن حقوق الانسان الى الاممالمتحدة هو الاول منذ العام 1984، والى لقاء رئيس "المنظمة العربية لحقوق الانسان" محمد فائق مع خدام والامين العام المساعد لحزب البعث عبدالله الاحمر. كما ان السلطات سمحت للمحامي خليل معتوق المشاركة في اجتماع ل"منظمة العفو الدولية" امنستي انترناشونال للمرة الاولى.